"أزعجتك أيها الكرسي، آسف"
لم يزعجني في الحقيقة، هو أول شخص يعاملني كأنني بشري، و يتجاهل قدر الإمكان كوني قطع خشب.
"سأنام الآن، ربما أكمل القصة غدا؟ اذا لم ينته بي الأمر جثة هامدة أيضا"
سرعان ما تثاقلت أنفاسه ليغط في نوم عميق. لكنه لم يكن هادئا. استمر في الحركة و نطق ما يصعب علي فهمه من الكلام. لا بد أنه كان يرى كوابيسا.
💧💧💧
حل الصباح، و انقضت الليلة التي أمضيتها أفكر في تكملة قصته. تسللت أشعة الشمس لتداعب وجهه، فمد يديه و تثاءب طويلا. قام من مرقده و أدار رأسه متفقدا، كأنه لوهلة نسي ما أحضره هنا البارحة.
ارتخت ملامح وجهه بعد قليل، و استرخى جسده، و ارتسمت ابتسامة حزينة على وجهه قبل أن يقول :"لم أمت إذا، آسف جميعا"
لا أعلم من كان يحادث، ربما صديقيه الميتين و الثالث مجهول المصير؟
" كما أخبرتك، آخر مرة رأيت فيها هوسوك كانت عند قبر يونغي. اختفى فجأة كأنه لم يكن هنا منذ البداية. سألنا والديه عنه، لكنهما كانا ضائعين مثلنا، و بحثنا طويلا و طويلا قبل أن يبدأ الاستسلام بالاستحواذ علينا و تحطيم همتنا."
أخفض رأسه، رغم ذلك لم أفشل في رؤية الدمعة الوحيدة التي انسابت على خده.
"كان سبب سعادتنا، بابتسامته الواسعة، و قلبه النقي. غيابه أثر فينا كثيرا، و جلسنا نحن الأربعة نتساءل عن سبب اللعنة التي تلاحقنا، ففي مدة ست أشهر رحل منا ثلاثة، و لا أحد يعلم ما الذي قد يحل بالبقية."
ضم شفتيه كأنه غارق في أفكاره، ثم قال :
"لكن أحدنا لم ينبس ببنت شفة عند اجتماعنا، و قضى الوقت يرمقني بنظرات غريبة جدا جعلتني أرتعش. لا أعلم لماذا يكرهني جين ، هو من كان يفترض أن ألتقي البارحة"
صمت حين بدأ الناس بالمرور أمامنا، كل متوجه لعمله أو مدرسته، ابتسامات ارتسمت على محيا البعض بينما تعلو الآخرين مسحة ضجر. تتبعهم بعينيه بفضول كأنه لم يسبق أن رأى بشرا، و حينها أردت بشدة أن أسأله : هل يدرس؟ هل يعمل؟ أين يسكن؟ أين والداه؟ لكنني بالطبع لا أستطيع ذلك.
استمر سكاته حتى بدأ الشارع يفرغ من المارة، ليبتسم مجددا ابتسامته الخفيفة التي تحمل بين
طياتها أسى عميقا، ثم قال:"الناس حقا مختلفون كثيرا، لا أحد منا يشبه غيره، نملك جميعا عينين و أنفا و أذنين، لكننا نتميز بما نحمل و نحس هنا"
رفع سبابته نحو جانب صدره الأيسر، نحو قلبه، و ضغط بلطف.
" بعد اجتماعنا ذاك، علمنا أننا في الواقع لا نفقه شيئا في الوضع، و بعد أن بكى جيمين كثيرا و فشلنا في مواساته، ذهب كل منا إلى منزله. و كعادتي بقيت مستيقظا. لكن ما إن حل الفجر حتى أغمضت عيني لدقائق و فتحتهما مجددا، على الحائط الأبيض أمامي كتب بخط أحمر عريض و حروف مرتعشة: "اختفى، لن تجده، و احزر ماذا؟ أنت السبب" و بينما حركت يدي بحثا عن الهاتف، عاد الحائط كما كان، أبيض صافيا لا تشوبه شائبة."
تنهد من جديد، يتنهد كثيرا.
"كل ما كان يجول بخاطري حينها،أنني غريب، و ما يحدث لي و لأصدقائي أغرب."
🌸🌸🌸
لا أعلم إن كانت هذه القصة جيدة؟ أريد أن أعرف آراءكم 😆❤
أنت تقرأ
[ مجرد خشب ]
Historia Cortaقد أكون مجرد كرسي. لكنني كنت ملجأه الوحيد، حين أراد البكاء و الشكوى.