القسم 31

149 11 2
                                    

وفي اليوم المنشود وضعنا تلك الأقنعة التي غيرت ملامحنا وقد تنكر قصي كحاخام وأنا ارتديت ثياب المستوطنات المتدينات حيث يرتدين ملابسَ طويلة مع غطاء للشعر. جهزنا كل شيء وانطلقنا وقمت بتشويش كاميرات المراقبة التي مررنا بها خلال مرورنا بها وانتظرنا لبضع دقائق حتى وصل ذلك الطبيب، فتبعناه بالسيارة وأطلقت النار عليه مباشرة. لا أذكر عدد الرصاصات، ولكنها كانت كفيلة بإرساله إلى جهنم.

انسحبنا وقاد قصي السيارة بسرعة قبل وصول أي قوات للجيش، وقمت بتشويش كاميرات المراقبة أثناء العودة. وما أن وصلنا ودخلنا النفق وخلعنا ملابس التنكر حتى دمعت عيناي وبدأت أبكي فقال قصي: ما بك؟ لقد فعلتها. لقد قتلت قاتل قصي وانتقمنا له فلماذا تبكين؟

فقلت: لأنني تأخرت بفعل هذا. لم أكن أعلم بأن هذا البركان سينفجر بهذه الطريقة. في الحقيقة كنت خائفة قليلاً لأنني لم أعتد على قتل حتى حيوان أو حشرة من قبل، فما بالك بإنسان، ولكن عندما رأيت ذلك الوغد لم أرَ سوى وحشاً قاتلاً نهش لحم أخي المسكين وهو حي، فأفرغت فيه كل غضبي وحقدي. الآن أشعر ببعض الراحة، الآن فقط أستطيع توديع أخي دون أن أخجل منه بعد أن طلب مني مساعدته بتلك الرسالة وأنا بقيت عاجزة ولم أتمكن من فعل شيء له. الآن بت أستطيع أن أقول له وداعاً يا أخي، هنيئاً لك الجنة.

ربت قصي على كتفي ثم قال: لا تقلقي فأوس يعلم بظروفنا ولن يلومك على ما حدث لأنه يعلم جيداً بأننا لا نستطيع فعل شيء، ولكن ها قد فعلنا الآن، فأولئك لا يفهمون لغة القانون بل هذه هي اللغة الوحيدة التي يفهمونها.

فمسحت دموعي وهدأت قليلاً ثم قال: هيا لنخرج قبل أن تقتلنا والدتك على تأخيرنا هذا وأرجو أن تقتنع بحجتنا.

فابتسمت قائلة: ستقتنع لا تقلق.

مضت أيام وحدثت ضجة كبيرة على قتل الطبيب وبفضل الله لم يتمكنوا من معرفة شيء عنا رغم اقتحامهم للمدينة لأنهم ببساطة لا يعرفون أي شيء عنا ولم يروا من فعل هذا. بعد فترة قررنا مهاجمة هدف آخر وهو طبيب آخر يقوم بنفس العمل وبعد فترة من التخطيط قمنا بتنفيذ العملية وهذه المرة كانت أسرع من المرة السابقة وانسحبنا بسلام.

بعد ذلك بأيام حدث اعتداء من قبل الصهاينة على المرابطات في القدس وتم ضربهن وطرحهن أرضاً، فاستفزني ذلك جداً لدرجة أنني بكيت واشتعلت غضباً. ذهبت لغرفتي وكنت أثناء البحث والمراقبة أضع الحاسوب فيها وعندما تحين لي الفرصة أعيده للنفق وبالطبع كنت أخفيه في غرفتي حتى لا يراه أحد حتى أمي. بحثت عن أولئك الجنود ووجدت هدفاً مناسباً منهم وقررت تنفيذ العملية بعد اختراق حسابه ومعرفة كل شيء عنه وجدت مكان بيته وعرفت موعد إجازته القادمة وكان هدفاً سهلاً بما أنه يعيش وحده وقد خططت لكل شيء، وفي يوم التنفيذ تنكرت ومن الجيد أنه كان فصل الشتاء لأرتدي معاطف طويلة، فهذا الفصل كان يسهل عملية التنكر بالنسبة لفتاة محجبة مثلي. ارتديت شعراً مستعاراً فوق حجابي مع عدسات لاصقة وتبرجاً يخفي ملامحي الحقيقية لأتحول إلى فتاة أجنبية بامتياز وزورت جواز سفر لتلك الشخصية للاحتياط وذهبت مع قصي وأنزلني في الشارع الذي يسكن فيه ذلك الوغد بعد أن عطلت كاميرات المراقبة وبقي قصي في السيارة يراقب عن بعد. كنت أعلم بموعد عودته وكنت واقفة بالقرب من بيته وبالطبع كنت أضع سماعات في أذني حتى أسمع قصي ويسمع ما يحدث معي. وصل ذلك الوغد بسيارته وبالطبع لفت نظره مظهري، فابتسمت واقتربت منه قائلة باللغة الانجليزية: عذراً، أنا سائحة وخرجت من الفندق وللأسف أصبحت تائهة واتصلت بالمرشد السياحي ليأتي ويأخذني، ولكنه قال بأنه سيتأخر قليلاً فهل تعرف مكاناً يمكنني أن أنتظر فيه حتى يصل. أقصد مقهى أو مطعم أو أي شيء آخر لأن أطرافي بدأت تتجمد.

حلم لم يكتمل  🇵🇸حيث تعيش القصص. اكتشف الآن