Five.

1K 166 40
                                    

قد يحتضن القمر وأخواته النجوم اليوم لساعتٍ طوال, قد تعملُ طائراتِ العدو مليًا على جعل الليل فظيع الوحشة, ولكِن الشمسَ كانت قد أقسمَت مُنذ الأزل أن تُحارب حتى تَعودَ كُل يومٍ تَجُر معها الصباحَ, تجيء لتُبَشِر بعودَةِ نهارٍ جديد, ولو بعد حين.

هزتهُ يدٌ قوية حتى الاستيقاظ بطريقة بدت فيها محاولةٍ لإبداء شيءٍ من الرقة, فتح عينيه ليخترق غشاءَ قزحيتِه ضوءُ الغرفة الشديد, توارت بين الملوثات الضوئية التي حلت على نظره ابتسامة والتر الهادئة.

"استيِقظ, إنه الصباح وسنعود إلى المنزل الأن."
بدأ قولَه بصوتٍ شائب بالإنهاك.

أومأ أن نعم برأسه دون إرادته, رفعَ ذاتَه في مُهِمة صعبة لتحريرِ رأسِه من الحبال التي ربطَتهُ بالنُعاس, شعر بالخمولِ يشُل حركة أطرافه مغريًا, وكانت لحظاتٍ طوال حتى تمكن من إفراج جفنيه عن عينيه بقِطرٍ مناسب ليُبصِر ما حوله.

كانت السيدة أردين منخرطة بطيِ الأغطية التي وارت بها جسدها وجسد أبنتها الصغرى أثناء الليل, بينما الطفلة أوريانا قد كانت تحتضِنُ ركبتيها مُحَدِقة بحركاتِ والدتها وقد اكتُسِحت من قِبَلِ موجة من الفتور الصباحي الطفولي.

ماتيلدا على الطرفِ الأخرِ من المكان كانت تقومُ بالمثل, حدق بوجهها الذي غطى منطقَة كبيرة مِنهُ النمَش, كانت الانتفاخات التي زينت أسفَل عينيها تشبَعت بزُرقة باهتة, وقد هاجَت تجاعيدُ شعرها القصير بضُعفٍ دل على محاولة شخص ما لتمسيدها, تحركت بنشاطٍ صارِم رغمَ إيحاءات مظهرِها المُتعب.

حاول فِعل ما كانوا يفعَلون, عندما انتهوا من التنظيم توجهت السيدة أردين إلى السُلَمِ قاسي الانحناءِ وصعَدت قبلهُم, لحِقها والتر بينما التحمَت يدُه مع الصغيرة الخاصة بأبنَتِه, ثم ماتيلدا التي لم ترمِه بأي نظرةٍ حتى.

لحِقهم أخذًا من الوقت كُل ما يريد ليس ناسيًا تمثيليته, كان الدرجُ مُظلمًا إلا للضوء الذي أنار سلالمه الخشبية العتيقة من نهاية المكان الذي بدا كالنفق, عندما أرسى بحذائه على أرض الحديقة الأمامية مجددًا ابتسم لأشعة الشمس التي توارت بخجل من خلفِ الغيوم المتناثرة في السماء, كان الهواء رقيق البرودة يداعُب الانتفاخاتِ المعتادة تحت عينيه, شعَر بالنعاس يتطاير بطيئًا برفقة الريح.

أمتلأ الشارِع بوجوه ناعِسة عديدة لأناس عائدين إلى منازلِهم, من المُذهِل كيف لك أن تعلم أنهم اعتادوا على تِلك الأفعال, أصبح الاختباءُ تحتَ الأرضِ كل ليلة ثم العودةُ صباحًا إلى حياتهم الاعتيادية أمرًا مفرغًا منه, لم يملكوا خيارًا سوى اعتيادِ ذاك المصير.

في المنزل كان آل وايت قد عادوا إلى ممارستهم لحياتهم, توجهت السيدة أردين حالًا إلى المطبخ بعد إعلانها أنها ستُحضر الفطور, بعدما استخدم الحمام ذهبَ إلى المطبخ لينضم إليهم على المائدة ذات المفرش المُرَقَع بنقوشِ الورد.

العائد || The Returnerحيث تعيش القصص. اكتشف الآن