القلب السابع

51 6 0
                                    

 اسفه بجد يا جماعه عارفه ان انا اتاخرت... بس عشان انا كنت في تالته ثانوي والله والحمدالله خلصت.
اللهم صلي على سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلم



ظلت اندي لفترة طويلة ,تمعن التفكير في ما قالته كارا عن هاري وكونه شخصية هامة, أرهقه العمل لدرجة إنه نصح بالراحة فترة طويلة وبشكل ما تصورت أن هاري رجل لا يمكن أن يرهق بالعمل إطلاقا رجلا مثله قوي الشخصية قادر على التحمل يمكنه أن يتحمل أي شي وهكذا فإنه إذا أرهقه العمل فلا بد أن يكون عمله يرهق الذهن إلى حد كبير

نفذ صبرها لعجزها حتى عن الوصول إلى النقطة التي يمكنها تصور عمل له , وقررت ألا تفكر في الأمر بعدئذ , لكنها في الواقع عادت إلى التفكير في الموضوع عندما أخذت تتمشى فوق السطح السفينة بعد الغداء, وهي تستمتع بنسمة هواء باردة تلفح وجهها وتتخلل شعرها وتلمس ذراعيها العاريتين اللتين اكتسبتا اللون الأسمر الجميل بعدما لوحتهما الشمس نتيجة جلوسها ساعات طويلة فوق سطح السفينة

كان البحر مثل مرآة مصقولة  متحولا إلى مرآة من الفضة بعدما سطع عليه ضوء البدر الكامل من سماء قرمزية داكنة كل شيء كان وادعا   وظلت هي لبضع لحظات تعيش في طيبة وسلام لكن فجأة ظهرت أمامها حقيقة حالتها القاسية, لم يعد البحر لامعا بل أصبحا مظلما حالكا وعميقا , أصبح شيئا مخيفا بما أنه سيحتويها ,سيحتوي عقلها وجسمها ,وقلبها في أعماقه. وبشعور الخوف المفاجئ جعلها تفقد توازنها وتصرخ آلما ,استدارت شبه عمياء وهي تنوي الهرب إلى غرفتها, لكن حالما فعلت أمسكت بها فجأة ذراعان قويتان :
وتطلعت إلى وجه هاري النحيل غير المبتسم وقالت :
- آسفة كنت على وشك الذهاب إلى غرفتي
وحاولت بشجاعة أن تسيطر على نفسها ومرة أخرى خفت صوتها لأنها عندما رأت عينيه الثابتتين الغامضتين أدركت أن الدموع كانت تنهمر غزيرة على وجنتيها
ونسيت البحر قدرها قاع السجن المفزع المظلم الذي لن تعود منه. أجل , كل هذا نسيته لحظة الاقتراب الوثيق من هذا الرجل الغريب الذي أصبحت يداه الآن رقيقتان للغاية, يمنحها الراحة والدفء إنها آمنة معه, لا شيء يمكنه أن يتحدى سلطته لو انه فقط أمسك بها هكذا للأبد لما أصيبت بأذى على الإطلاق وغمغم مندهشا :
- أيتها الفتاة الصغيرة المسكينة الثرية, لماذا تبكين؟
ولم تخفف يداه من قبضتها لكنه ترك مسافة صغيرة بينها وبينه, ليرى وجهها بشكل أوضح , حسب اعتقادها
ورددت قوله الفتاة الصغيرة المسكينة الثرية وهي تمسح وجهها بيدها وأضافت:
- ماذا تعني؟
ظهرت على وجه ابتسامة ساخرة آذتها بصورة لا تطاق وقال :
- أعتقد أنك تعرفين ما اعني
قال ذلك وقد اختفت الرقة من صوته , رغم أن يديه كانتا لا تزالان حانيتين عليها, هاتين اليدين الطويلتين النحيلتين اللتين خدعتاها لأنهما كانتا قويتين وقادرتين , ومرة أخرى أقحم السؤال المضني نفسه عليها ,ماهو عمله ؟
- لا اعرف صدقني
وتجهم وقال مرة أخرى:
- لماذا كنت تبكين يا اندي ؟
ووقع تجاهله القاطع لكلماتها, رغم أنها قالتها بإخلاص, مثل وخزة ابرة حادة , وتمنت لو أنها استطاعت أن تعيد تقديم الموضوع, وعلي أية حال فرغم المودة التي سادت الموقف الحالي, تذكرت أنها لم تصل مع هاري إطلاقا إلى مرحلة التعارف الوثيق
- لم يكن هناك شئ
بدأت كلامها بهذه العبارة لكنه قاطعها قائلا:
- هراء سيفيدك كثيرا لو تكلمت !
كانت لهجته آمرة, ولو إنه قال هذه الكلمات منذ فترة قصيرة جدا لأغضبتها , لكن ليس الآن, ومضى يقول :
- إنني الآن في حالة استعداد للإصغاء والتفهم  وهكذا يمكنك أن تتأكدي انك ستلقين اهتمامي المتعاطف الكامل
وتأرجحت ابتسامة على شفتيها الجميلتين إذ ذكرها بالدكتور هويتكير الذي كان دائما مستعدا للإنصات لمشكلات أيا من مرضاة, وبصفة خاصة مشكلات اندي , وقالت :
- كنت أشعر بإحباط شديد, لكنني الآن على ما يرام
- تكلمي
قالها بلهجة آمرة , لكنه أضاف وهو يلقي نظرة حوله:
- سنجد مكان مريحا نجلس فيه, مكانا منفردا
ثم أخذ يدها وقادها إلى مقعدين من مقاعد سطح السفينة في مكان منعزل تحت الظلال في نهاية السطح وقال بسرعة عندما جلسا:
- والآن هاتي ما عندك
- لم أكن على ما يرام
اعترفت بذلك وقد بدأ عقلها يعمل بسرعة في محاولة لذكر ما يكفي من المعلومات لإرضاءه , دون دخولها في أية تفاصيل وهو أمر ليست لديها أية نية للقيام به بأي حال لأنها رغم اهتمامه وتفهمه الواضحين لم تكن متأكدة إنه سيهتم بمعرفة الحقيقة كاملة عن معاناتها ونظر بحدة إليها عندما سمع كلماتها وبدأت عيناه الباردتان غير المبتسمتين تتفرسان في كل جزء من وجهها , وجبهتها حتى نزلتا إلى رقبتها ,وقال:
- أكنت مريضه ؟
وتصاعد الدم غزيرا إلى وجهها, ووجدت أن كفيها أصبحتا دافئتين, ومبللتين ومضى يسألها:
- إي نوع من المرض ؟
وهزت كتفيها كسبا للوقت ثم قالت :
- شيئا لن تفهمه
وأدهشها أن يكون صدمه كلامها فعلا أم أنها تتصور ذلك فقط إذ زم شفتيه بقوة, وبشكل يؤكد ما تصورته ,أو بدأ أن كلماتها لم ترضه على الإطلاق ,وبلهجته الآمرة قال :
- يمكنك أن تخبريني
ومرة أخرى قالت لنفسها أن هذا كان سيغضبه لو انه قاله منذ فترة ليست طويلة وبعد تردد قصير قالت:
- آسفة هاري لكنني أفضل ألا أتحدث عنه
- فهمت
وبدا كأنما انتابته أفكار أخرى عن المسألة, كما لو كان يعتقد أن مرضها من النوع الذي لا تحب أن تناقشه مع أحد, وأراحها أنه قنع ومع ذلك , فبعد مرور اللحظات القليلة الأخيرة فكرت , ربما بعقلها الباطن, أنها لو استطاعت أن تفضي بسرها لغارث لأزاح عن كاهلها عبئا كبيرا إذ إنها تعرف بدون أدنى شك على الإطلاق أنها يمكنها الوثوق تماما إنه لن يتحدث به حتى الى صديقه  ومرة أخرى نظر إليها بعينين متسائلتين وقال :
- ومع ذلك لا يمكنني أن أرى لماذا كنت تبكين؟
- انقباض نفسي
كان هذا هو ردها الصادق تماما ولأنها نظرت مباشرة إليه وهي تفوه به تقبله كحقيقه , وأومأ برأسه ببطء وهو يمعن في التفكير, كأنما يستعرض حقائق أخرى تتناسب بعضها مع بعض وتجهمت في حيرة, لكنه مزاجها لم يفتح مجالا للأشياء التي غلبت تفكيرها من قبل فلقد تصرف كل من هاري و نايل معها بشكل غريب تعودته لدرجة أنها لم تعد تنوي السماح لنفسها بالشعور بالغيظ إزاءه
وقال بلهجة متعاطفة :
- الانقباض النفسي يمكن أن يكون أسوأ من الألم الفعلي, وعلي كل فإن المرء يمكنه أن يفعل الكثير من آجل تخفيف مثل هذه الحالة, كتغيير أسلوب الحياة مثلا
- تقترح أن أغير أسلوب حياتي ؟
وتساءلت في نفسها وماذا بعد؟
- ألا تعتقدين أنها ستكون فكرة جيدة؟
- إنني
وامتنعت عن القول بأنها لا تعرف ماذا يقصد لأن آلما بسيطا وخز رأسها, وكانت على علم بمثل هذا الطارئ الألم سينتابك بين فترة وأخرى: هكذا أخبرها الأخصائي وستمر النوبات حتى تأتي النوبة الأخيرة التي تسبق ألاوعي الكامل
وقالت :
- إذا لم يضايقك تصرفي أود أن آوي إلى غرفتي ,فأنا متعبة
- مازال الوقت مبكرا
قال هذا بسرعة إلى درجة إنه بدأ كأنه يود أن تظل برفقته فترة أطول قليلا :
- حسنا لن أذهب الآن
وجدت نفسها تقول هذا وهي تبتسم واستقرت عينا هاري على وجهها لحظة طويلة وبدا كما لو كان يتنهد من الداخل على شيء يأسف له أسفا عميقا , وجه إليها دعوة مفاجئه حين قال:
- ألا تشعرين بالرغبة في رقصة أو اثنتين ؟ فالأضواء براقة والموسيقى ستقضي بالتأكيد على الانقباض الذي تشعرين به
- شكرا جزيلا لك ....

A Heart In The Ocean | H.S |حيث تعيش القصص. اكتشف الآن