حب أبيض وأسود

عاشقة الابيض

كل يوم ماعدا الجمعة... كل يوم ماعدا الجمعة يعيش من الساعة السادسة للسادسة وخمس واربعين دقيقة...
لا لايموت بعدها وقبلها ولكنه لايشعر بأنه حي فعلا الا وهو جالس في القطار لمدة خمس واربعين دقيقة يراقبها.
بدأ الامر حين ركب ذلك القطار ورأها تجلس في المقعد النأي وفي اذنيها سماعة وتغني بلاصوت مغمضة العينين....
القطار يكاد يكون فارغا في هذا الوقت المبكر لذا راقبها دون خجل... ليجد نفسه في الصباح التالي يركض للقطار عله يراها.... وفعلا تحققت ابتهالاته ورأها بنفس الجلسة ونفس الابتسامة الرائقة.
راقب بتمعن فاستنبط الكثير... عرف انها تعمل في مكتب لذا تحتضن كل تلك الاوراق.... عرف انها تعشق اللون الابيض لذا لابد وان احدي قطع ملابسخا تكون بذاك اللون... عرف ان ابتسامتها تحييه.

بعد مراقبة شديدة اكتشف انها لاتسمع اغاني مخزنة علي الذاكرة وانما تسمع البرنامج الصباحي بالاذاعة... لذا تفلت منها ضحكة في بعض الاوقات... ضحكة تسحر هذا المراقب بنهم.
بعد اشهر من المراقبة قرر وامسك هاتفه وواحد تسعة تسعة ستة صفر
" ومعانا اتصال تليفوني نقول صباح الخير"
تنحنح " صباح الخير ياميادة... انا احمد"
" اهلا احمد سعداء باتصالك. تحب.."
قاطعها بسرعة قبل ان تسترسل " عفوا ميادة... عندي رسالة هل لي ان اوصلها"
هتفت المذيعة بحماس"طبعا يا احمد تفضل"
تنحنح ثانية " صباح الخير يا عاشقة اللون الابيض... انا احمد اراقبك كل يوم من المقعد المقابل في القطار"
لاحظ تقطيبة رقيقة مرت علي وجهها الجميل ولكن يبدو انها لم تستوعب بعد
فاستجمع شجاعته وقام يسير بخطي صغيرة وهو يكمل " تركبين كل يوم من محطة كذا لينير عالمي وتنزلين في محطة كذا لتأفل الشمس قبل الاوان... انت الان تقطبين جبينك وتبحثين بتوتر عن قلمك ولكن كل ما اردت قوله..."
وقف امامها وانحني حتي التقت عيناهما فهمس لتسمعه عاشقة الابيض في الحقيقة وعلي السماعة
" مرحبا يا عاشقة الابيض... "