6- أصدقاء؟

2K 185 26
                                    

 
بعد مدة ليست بكثيرة وصلت أنباء للقائد هانز بأنهم قد نفذوا الخطة ولاقت نجاحاً باهراً، لذلك الملك قام باستدعاء القائد هانز ليمدحه على خطته الممتازة.

هانز: "أوامر مولاي هل دعوتني؟"
الملك: "أجل، بالطبع عرفت أن خطتك نجحت على الحدود، أشكرك علي دهائك وتفكيرك المبدع"
قهقه هانز بخفة ليقول:
" أعتذر مولاي ولكن لست أنا الشخص الذي عليك شكره، هذه لم تكن خطتي"
عقد الملك حاجبيه وكذلك إدوارد الذي يقف بجانبه ليقول: "ماذا تقصد؟"
هانز: "هذه كانت خطة رونالد، الحداد الملكي"
قال إدوارد بانفعال: "وكيف تجرؤ على إطلاعه على مثل تلك المعلومات؟ هل فقدت عقلك؟"
هانز: " ولكن خطته نجحت ويجب أن نعترف بفضله -وجه كلامه للملك- مولاي هو فتى موهوب وذكي أنا متأكد أننا يمكننا الاستفادة منه في التخطيط العسكري"
همهم الملك بخفة ليقول: "معك حق هانز، أيها الحارس" صرخ نهاية جملته منادياً على أحد الحراس الذي انحنى بخفة وقال:
" أوامر مولاي"
الملك: "أرسل لرونالد أني أريد رؤيته"
انحني الحارس وذهب لينفذ أوامر ملكه ليقول إدوارد بانفعال واضح متناسياً أنه يتحدث مع ملكه:
" مولاي إنه مجرد حداد لا يجب علينا الوثوق به وإعطاءه قدراً فقط لأن الحظ حالفه وخطته نجحت"
قال الملك بحدة : "لا تنسى أنك تتحدث مع الملك إدوارد، كما يجب أن تعلم أنه لا يوجد شئ اسمه حظ، لو لم تكن خطته ممتازة لما نجحت ولا تعارضني في قراري إن لم يكن مخطئاً"
انحنى له إدوارد باحترام كعلامة على الاعتذاز، ليقطع لحظتهم دخول رونالد، انحنى بخفة لملكه ثم قال: " بماذا تأمرني جلالتك؟"
الملك: "فقط جولة بسيطة حول القصر عليّ التعرف أكثر على صاحب النصر على الحدود الشرقية"
نظر رونالد بتعجب لهانز الذي ابتسم له، هو توقع أن الآخر سينسب الفكرة لنفسه ولكن اعترافه بأنها ليست خطته جعلته ينظر له نظرة احترام.

نهض الملك من عرشه وتوجه للخارج ولحقه رونالد، لحظات صمت وهم يسيرون بحديقة القصر إلى أن قطعها الملك قائلاً: "إذاً رونالد أخبرني قليلاً عن حياتك"
نظر له بتعجب وتسائل لما قد يهمه معرفة حياته، رلكنه أخبره: "هي ليست مميزة حياة عادية كأي شخص، أمتلك أخت واحدة ووالدي متوفٍ منذ سنين وأعيش مع والدتي بمنزل صغير بالقرية، لي صديق وحيد هو كل شئ بالنسبة لي"
هو تردد بإخباره بخصوص مرض والدته ولكنه قرر عدم أخباره فهو بالنهاية ملك لن يسدي خدمة شخصية لشخص من عامة الشعب.

الملك: "هل تعلم أن والدك كان في منصبك من قبل؟ ولقد ورثت براعته وذكاءه، كنت في بعض الأحيان أستشيره ببعض الأمور التي يصعب علىّ حلها، كما أنه كان صديقي فعندما عمل هنا لأول مرة كنت لا أزال وليّ عهد ، كما أنه كان ماهراً بالمبارزة وكان يهزمني في العديد من المرات"
قهقه نهاية حديثه لتذكره بعض ذكرياته مع صديقه.

اندهش رونالد كون أباه لم يسبق أن أخبره بتلك الأمور، لذلك طلب من الملك أن يكمل وقال الآخر:
" ولكن عندما أشرفت لأن أضبح ملكاً محل أبي الذي أهلكه الكِبَر هو أعطاني سيفاً هو الذي قمت بصنع مثله لوليّ عهدي، وبعد أن أعطاه لي هو غادر المدينة بدون ترك أثر، تأثرت حقاً برحيله ولكن سرعان ما تأقلمت مع الأمر"
توقف عن المسير ليفعل رونالد المثل، التفت له الملك و وضع يده على كتفه ثم قال: "وبعد كل تلك السنين عندما علمت أن ورشته عادت للعمل شككت بأنك ابنه لذبك أرسلت لك اختباراً بسيطاً ونجحت به" ابتسم رونالد بخفة ليكملا سيرهما في أرجاء القصر ليقول: "مولاي لما توجد حركة غريبة بالقصر وكأن هناك حدث قريب؟"
الملك: "بالفعل هناك، ملك بريطانيا قادم في زيارة بعد يومين لذلك نقوم بالتجهيزات اللازمة"

توقف رونالد عن المسير عندما سمع اسم 'بريطانيا' وفوراً تذكر ذلك المجلد الذي بالفعل قد غفل عنه تماماً، التفت له الملك بعد أن لاحظ توقفه ليقول:
" هل هناك خطب ما؟" أفاق رونالد من شروده ليومئ له بلا ويكملا سيرهما.

في المساء لم يستطع رونالد النوم لذلك خرج من مهجعه ليتجول قليلاً لعلّ النعاس يصيبه، أوصلته لمكان أشبه بساحة تدريب وهذا ما أراده أن ينهك جسده بالتدريب حتى ينام، تناول أحد السيوف المرصوصة وبدأ بالتدرب وكأنه يبارز شخصاً أمامه غير واعٍ على تلك العينان التي تراقبه بصمت.
كان ضوء القمر ينعكس على سيفه مسبباً لمعة له، وضوء المشاعل القليلة التي تضئ المكان أعطت عيناه منظراً تجعل الناظر لهما يظن أنها تضئ كان منظره قوياً مهيباً بحق، بعد انتهائه قام بغرز مقدمة السيف في الأرض الرملية وصدره يعلو ويهبط بسبب تنفسه المضطرب، سمع صوت تصفيق خلفه ليلتفت لمسبب الصوت ليقول مستغرباً:
" القائد هانز؟!"
اقترب الآخر منه ونظرات الإعجاب ترتسم على وجهه حتي وصل لمسافة لا بأس بها ثم قال:
" أنت بكل دقيقة تمر تبهرني بك أكثر"
رونالد: "ماذا تفعل هنا في هذا الوقت المتأخر؟"
هانز: "هذا السؤال لا يجب أن يتوجه لي"
رونالد: "في الواقع لم أستطع النوم لذلك فكرت بأنهاك جسدي قليلاً أعتذر إن ازعجتك"
هانز: "لا أبداً فبحكم كوني قائد جيش فأنا نومى خفيف للغاية وأشعر بأي حركة من حولي، والآن أخبرني من أين تعلمت المبارزة؟ أنت ماهر بشدة"
رونالد: "من والدي ومعلمي هما كانا ماهرين بها"
همهم هانز كعلامة لتفهمه ليتابع الآخر:
" لما لم تنسب الخطة لنفسك؟"
ابتسم هانز بخفة ليقول: " لست من النوع الذي ينسب أعمال الآخرين له، أنا أتمتع بأخلاق الفرسان النبيلة"
ابتسم رونالد ثم قال: "تصبح على خير سيدي"
تخطاه ببضع خطواط ولكن أوقفه صوت الآخر حين قال: "ماذا قلت عن الرسمية عندما نكون بمفردنا؟ كما أن هناك شيئاً آخر..."
اقترب ليقف أمامه وقال بصوت يشبه الهمس:
" لا تستغرب عندما تراني أظهر لك من اللا مكان فليس من عادتي ترك شخص تفوق عليّ بشئ ما بدون مراقبته" ابتعد بمسافة كبيرة ليقول بصوت عالٍ كي يسمعه الآخر: "كما أنني أرحب بالأصدقاء"
التفت له بابتسامة لاحظها رونالد ثم رحل تاركاً رونالد مستغرباً من كلامه، ولكنه أدرك أن حياته بهذا القصر لن تكون كما توقعها سيئة وقاسية فهانز يذكره بجوني كثيراً إلا أنه أكثر شجاعة وقوة وذكاء.

            ________________________

في مكان آخر وتحديداً داخل منزل السيدة جوناثن كانت تجلس بجانب نافذة ببيتها تحدق بالقمر بملامح حزينة وبيدها ذلك المجلد البريطاني بعد أن انتهت من قراءة صفحاته المهترئة والتي يبدو كأنها تعرف صفحاته جيداً، نزلت دمعة خفيفة من عينها لتقول بصوت مسموع:
" كن بخير عزيزي رونالد"
           
           _________________________

Ronald || رونالد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن