الهدوء يخيم، و المدينة أنوارها تلمع في قلب الليل كنجوم السماء فى صمت، و هي أيضا تنظر من نافذة سيارته صامتة و عيونها تلمع في وجل و قلق من مستقبلها المجهول معه، و لكن ماذا كانت ستفعل غير الموافقة علي عرضه فلقد تعلقت به كالغريق الذى يتعلق بقشة و هو رغم ثقته بنفسه الدائمة لم يكن يستطيع النظر إليها و كان يخفي توتره بالتنفيث فى سجارته و لكنه لاحظ قلقها الزائد فقال لها و عيناه مثبتة علي الطريق : "لو عايزة ترجعي فكلامك انا معنديش مانع، قولي دلوقتي عشان الحق ارجعك البيت قبل ما حد يحس بحاجة."
نور : "انهي بيت ... انا عمري ما حسيت انه بيتي عشان اعوز ارجعله، اي حتة هتبقي أئمن منه."
و أخيرا التفت إليها بعد ما سمع من حشرجة في صوتها ليجد عينيها تترقرق بالدموع فأكمل طريقه في صمت، فهو لن يستطيع التخفيف عنها بأي حال.
وصلا الي منزله، كانت تقدم قدما و تؤخر الأخرى و لكن عندما دخلته بهرت بما به من أثاث فاخر و إضاءة مبهرة، بالطبع فماذا كانت تتوقع من ابن رجل أعمال كبير يسكن في برج يطل على النيل.يحيى: "اللي هناك دي اوضة فاضية خديها هي بس محتاجة شوية ترتيب بس هينفع تباتي فيها النهاردة ... اه و التلاجة فيها اكل لو جعانة، انا داخل أنام لو عوزتي حاجة ابقي خبطي عليا انا اوضتي اللي جمبك علي طول."
دخل يحيى الى غرفته و تركها تقف في الصالة و هي ما زالت مبهورة و مصدومة، هل هي حقا هنا فى منزله وحدهما؟ هل حقا تركت منزلها و هربت معه في نصف الليل؟ و لكن ماذا كانت ستفعل بعد موت أبيها بالسرطان و تركه لها و هي في الثامنة عشر من عمرها مع زوجته التي كادت أن تقتلها بعدما علمت أن أباها لم يترك لها شيئا و تنازل عن كل أمواله لإبنته بالبيع و الشراء حتي لا ترث هي بل و الذي زاد الطين بلة أنه قبل أن يمت بشهرين زوج إبنته الي ابن صديقه حتي يكون زوجها هو الوصي علي أملاكها حتي إتمامها سن الرشد و هو واحد و عشرون سنة و لقد اتفق مصطفى اباها مع محمد صديق عمره علي أن يكون زواج ابنته من ابنه يحيى علي الورق فقط و أن يكمل كلا منهما حياته بشكل طبيعي و بدون أى تغيير و لكن نور لم تستطع احتمال سهى زوجة أبيها و أبنائها من زوجها الأول خاصة إبنها الأكبر على الذى لطالما نظر إليها بطريقة تخلو من البراءة، و عندما علم يحيى بما تعانيه عرض عليها أن تترك منزلها و تأتى لتعيش معه، استرجعت نور أحداث ذلك اليوم.
~~
Flashback:
جاء يحيى الي مدرستها و دخل فصلها وسط انبهار البنات و حتى الاولاد فيحيى طويل و شديد الوسامة، طلب من المعلم أن يحدثها قليلا فخرجت تكلمه أمام باب الفصل و العيون تراقبها.نور: "ايه اللي جابك المدرسة فجأة كده، في حاجة حصلت."
يحيى: "مفيش جي اشوف مراتى."
نور: "هنهزر! في ايه بجد."
يحيى: "كان في موضوع كده كنت عايز اكلمك فيه."
نور: "و الموضوع ده ميستناش لبعد المدرسة."
يحيى : "اعملك ايه ماهو انت يا إما في المدرسة يا إما في البيت و اكيد مينفعش اروحلك و سهى هناك، عموما انا خدتلك اذن هاتي شنطتك و تعالي."
اخذت حقيبتها وسط صديقتاها اللاتى كاد الفضول أن يقتلهن و طرحن عليها الأسئلة و أنصت الفتيان أيضا حتي يعرفوا من هذا و لكنها لم تعر أسئلتهم إهتماما فبالطبع هي لا تريد أحدا أن يعلم أي شئ عن زواجها، ذهبت معه ذاك اليوم الي مطعم مشهور للوجبات السريعة ثم جلسا علي الطاولة و بدأ هو الحديث.
يحيى و هو يشعل سجارته: "بصى أنا هدخل في الموضوع علي طول انا عارف إن سهى و عيالها قارفينك في عيشتك و مش عارفة تاخدي نفسك منهم" ثم أضاف بنظرة فهمتها هى "بالذات على، و إنك مش هينفع تخرجيهم من الشقة عشان دي الحاجة الوحيدة اللي قدرت تلهفها من مصطفى الله يرحمه عشان كده انا بعرض عليكي الجواز."
نور: "نعم! هو مش احنا اصلا متجوزين."
يحيى: "المرادى انا قصدى جواز بجد ، يعنى تلمى شنطة هدومك و تيجى تقعدي معايا."
نور: "ايه اللى انت بتقوله أكيد لأ."
يحيى: "استنى بس قبل ما الجنونة بتاعتك تطلع اسمعينى، تقدرى تقوليلى هتكملى حياتك ازاى مع سهى؟ هى مش هتفضل قاعدة كده كتير و أكيد هتلاقيلها واحد تاني تتجوزه و تلهف فلوسه و ساعتها هيبقى فعلا مينفعش تقعدي معاها، و حتى لو فضلتى قاعدة، عايزة تفهمينى انها عيشة زى الفل و مفيهاش مشاكل و هى بتبهدلك فى الرايحة و الجاية و ابنها مش سايبك فى حالك."
صمت يحيى لبرهة ليرى الاقتناع بادى على وجهها ليشجعه على إكمال الحديث: "من ناحية تانية لو قعدتى معايا أولاً المكان أهدى بالنسبالك و معتقدش انى مهما زعقت او رخمت عليكى هبقى زى سهى ثانياً هبقى بنفذ وصية باباكى الله يرحمه و هى إنى أحميكى و أساعدك لما تحتاجى مساعدة، و أنت دلوقتى محتاجة."
صمتت نور لتعلن موافقتها على كلامه، فكل ما قاله صحيح و بالرغم أن كبريائها يمنعها دائماً من اللجوء إلى أحد و لكنها كانت حقاً بحاجة للمساعدة هذه المرة.
~~
أفاقت نور من أفكارها عندما دخلت الغرفة التى أشار إليها يحيى لتجدها حرفياً مقلباً للقمامة، أهذه هى الغرفة التى فقط تحتاج إلى بعض من الترتيب، حقاً؟
أنت تقرأ
زواج خاص جدًا
Romanceنور، فتاة فى الثامنة عشر من عمرها تتزوج من ابن صديق أبيها يحيى ذو الثلاثة و عشرون عامًا، على الورق زواجًا مؤقتًا لأسباب ليس لها أى علاقة بالحب بتاتًا، أو على الأقل هذا كان الإتفاق المعلن. و لكن هل هذا ما يريده يحيى حقًا و ينويه؟ و نور ماذا تريد؟ حت...