عَشقت النبيذ الأبيض، وقد وجدت فيه ذلك البياض الذي تعشق طعمه.---
غِنی وترف، رُقي وحضارة.. أين تجدُ أغنی الأغنياء وأصحاب الأموال الطائلة، حانة آل بوربون التي تعود لهذه العائلة الفرنسية العريقة، من أفخم الحانات في باريس. اشتهرت بألذ أنواع الخمور والنبيذ والكل يقصدها من أجل تذوقها.
مكان شاسِع، مُضاء بأضواء خافتة، الطاولات مُتراصة بشكل مُنتظم، طغی علی المكان اللون البني بمختلف تدرجاته، فالأرضية من الخشب الفاخر والستائر والمفروشات بلون الكاراميل، وما زاد الجو بهاءً رائحة احتراق الخشب في المدفئة عِند الزاوية والتي أضفت رونقًا لديكور المكان. لن ننسی مكان الساقي، حاجزٌ بسيط بينهُ وبين الزبائن من الرخام، يستعملهُ لمزج الخمور ليصنع مزيجًا تعشقه الآلهة.
شابٌ بشوش، ذو ملامح ساحرة، يتلاعب بالكلمات كما يتلاعب بالكؤوس بين يديه، يوزع عدة مِنها فوق الطاولة ثم يسكب نوعًا من الخمر ويضيف إليه عِدة أنواع أخری، في يده قارورة أخری يرجها بيده ثم يضع في بقية الكؤوس الزجاجية بمهارة بالغة، في الوهلة الأولی سيبدو لك كساحرٍ ولكنهُ ساقٍ يمزج أنواع النبيذ بإتقان، كان أمهر السقاة هُنا وأغلب الزبائن يتوجهون إليه.
في نهاية كُل يوم عِندما يستولي الديجور علی باريس لتنفجر الأضواء يتردد علی الحانة السيد بوربون رفقة جماعة من الرجال الأثرياء، فلا عجب أن رجلاً مثله يحتفل بنجاحاتهِ كُل ليلة، لطالما اعتبره الساقي مُترفًا ورجلاً مُفسدًا للأموال ولكنه لا يهتم مادام أنهُ يجلب ابنتهُ الفاتنة معه.
طوال السنة التي عَمِل بِها هُنا كان يخترق كيانها بنظراته، جمالها استقر بروحه التي أمست تعشقها، بشرتها سُكر غامِق، شعرها كستنائي ينسدل علی كتفيها العاريتين، عيونٌ خضراء تناسقت بحلاوة مع ملامِحها وشفتان صغيرتان، أيةٌ من الجمال.
عملهُ لم يقتض علی مزج الخمور فقط بل بمراقبة حركاتها، بدت له مُقدسة وكأنها مُباركة من الملائكة، ولكنهُ يُحسها كطائر سُلبت مِنهُ حريته، مُراقبته لها جعلته يُميز ضحكتها الحقيقية من المُصطنعة وحركاتها النشيطة من الواهنة، هي لا تستمع بوقتها برفقتهم.. تمنی لو أنه واحد من النبلاء عندها سيتمكن من التقرب إليها ولكنه مُجرد ساقٍ وليس في مستواها أبدًا وهو يعلم مدی تحفظ آل بوربون في انتقاء أفراد أسرتهم فلا يزوجون أبناءهم أو بناتهم إلا لأرقی الناس في المجتمع وأغناهم..
كما أنه لا ينسی أنها مُتزوجة.
كان مُنهمكًا في خدمة امرأة ثرية بائسة، ثملة وتشتكي همومها لهُ، زوجها يخونها مع أعز صديقاتها، حاول التخفيف عنها وإسداء النصائح لها فقد شرع يشعر بالشفقة عليها، أغنياء ولكن بؤساء..
اختطف نظرة من طاولة محبوبته وقد اقتضب قلبه لرؤيتها هكذا، حزينةٌ مهموهة ترسم ابتسامة باهتة علی طرفي ثغرها البهي، ظل يُحدقُ به لثوينات حتی انتفض وِجدانه بقوهُ، هي ابتسمت لهُ.. أسندت ذقنها إلی راحة يدها وبادلتهُ النظرات، تسمر في مكانه ولم يتمكن حتی من إبعاد عينيه. كانت أول مرة تلتحم فيها نظراتهما وقد تمنی أن يدوم هذا النعيم إلی الأبد.
دقائق مرت وقلبه لازال يُثير الصخب في روحه، عاد يتلاعب بالأذواق حتی لمحها قادمة إليه.. جفلت عيناه وقد حاول إبعادهما عنها، وصلت إليه ولم يعد قادرًا علی حمل الزجاجة فقد شرعت يداه بالارتجاف، جَلست علی المَقعد العالي وأسندت مرفقيها إلی الرخام لتمسك رأسها بكفيها.
نبس بتلعثم مُحاولاً ضبط نبرته المُهتزة:
- بِما أخدمكِ سيدتي؟
رفعت رأسها لتتفحص محياه، بَشرة ناصعة البياض، عينان آسيويتان حادتان، شفتان رفيعتان، فكهُ حاد ومثير وخُصلات شعر سوداء امتزجت بصخب مع بياضه الذي أثار مشاعرها..
ابتسمت حتی بانت نواجذها لتقول:
- نبيذ أبيض..
يُتبع..
---
الفصل الأول: نبيذ أبيض.
---
تابعوني في حسابي على الأنستغرام:oharwa.off
تجدون الرابط في bio حسابي
لا تنسوا التصويت للفصل رجاءً
وترك تعليق بسيط، هذا سيسعدني ❤كُل الحب ❤
أنت تقرأ
نَبيذ أسمر || OSH™
Fanfiction『مكتملة| للبالغين』 ليالٍ هادئة، مشاعر صاخبة. قُلوب تائهة أضواء باريس تخط لهما الطريق نحو بعضها البعض.. في تِلك الحانة الراقية، من أفخم الحانات في فرنسا والتي تعود لـ آل بوربون خُلِق حُب مُستحيل. هُو يعشقُ النبيذ وشفتاها بطعمه هي تعشق أضواء باريس وق...