خرجت نانسي من غرفة أمها غير قادرة على التقاط أنفاسها .. لا تستطيع تأمل وجهها الشاحب والنائم بسلام أكثر وهي تتساءل إن كانت ستصحو يوما أم لا
سمعت صوت محمود يقول بهدوء :- صباح الخير
استدارت إليه وهي ترد باضطراب :- صباح النور
لم تستطع النظر في عينيه مباشرة .. فما حدث بالأمس جعلها اليوم في قمة الحرج .. ما الذي أصابها كي تتصرف أمامه بذلك الشكل المجنون ؟
سألها :- أين لينا ؟
:- أرسلتها إلى الشقة مع حنان .. لقد كانت مرهقة ولم تتوقف لحظة عن البكاء
أومأ برأسه وهو يقول :- أيمكن أن نتحدث في الخارج لبضع دقائق .؟
ألقت نظرة على باب الغرفة حيث ترقد أمها .. ثم سارت معه .. وجدته يقودها إلى خارج المشفى .. إلى الحديقة الغناء المحيطة بها .. شعرت بالبرد الشديد فندمت لعدم إحضارها لمعطفها .. نظرت إليه قائلة :- ما الذي رغبت بمحادثتي به ؟
:- عن والدتك بالطبع .. وعن العملية التي ستقوم بها صباح الغد .. يجب أن تعرفي بأنني سأتكفل بجميع المصاريف حتى خروج أمك من المستشفى معافاة
احمر وجهها حرجا وهي تقول :- لست مضطرا لهذا .. كنت لأستطيع تدبر أمري وحدي
عقد ساعديه أمام صدره قائلا :- حقا يا نانسي ؟ وكيف كنت لتفعلي هذا ؟ لقد سبق وأوضحت لي والدتك حالتكم الصعبة .. وأنت لا تملكين ما يكفي لتكاليف ليلة في هذا المكان .. فكيف بعملية باهظة كالتي تحتاج إليها أمك ؟
برقت عيناها الخضراوان بغضب وهي تقول من بين أسنانها :- تبدو مستمتعا للغاية بسرد الوقائع علي .. هل يمنحك التسلط على الآخرين والسيطرة على حياتهم متعة مرضية ؟
اقترب منها .. ونظر إلى عينيها قائلا بهدوء :- لو كنت مكانك يا نانسي لتأدبت وأنا أخاطب الرجل الذي يمسك بمصير والدتك بيده .. كما أنني لا أنتظر إذنك .. فأنا لن أقف مكتوف اليدين وأنا أرى والدتك تموت فقط بسبب كبريائك السخيفة
قالت بحدة :- ما الذي أردت قوله لي إذن مادام رأيي لا يمثل أي قيمة لك ؟
:- يجب أن نتحدث بوضعك أنت وعائلتك بعد خروج والدتك من المستشفى .. ستكون بحاجة إلى عناية خاصة .. كما أن لينا لا يمكن أن تحتمل الحياة القاسية التي كنتن تعشنها في ذلك المكان القذر البارد على الشاطئ ..
هزت رأسها قائلة بتوتر :- ما الذي تقترحه إذن ؟
قال بهدوء :- ستنتقلون للعيش في منزلي .. ستجد أمك العناية اللازمة .. ولينا ستحظى بالحماية ..
قالت بعنف : هذا لن يحدث أبدا .. سبق وأخبرتك بأننا لا نحتاج إلى إحسانك .. يكفيني ما سأدين لك بسبب مصاريف العملية .. وأنا أؤكد بأنني سأرد لك كل قرش ستدفعه .. ولكنني أرفض بأن أكون مدينة لك بالمزيد
أنت تقرأ
عندما تنحني الجبال
Ficción Generalرفعت "نانسي" رأسها من فوق ركبتيها .. وتأملت بعينين خاليتين من التعبير قطرات المطر الخفيفة التي أخذت تهطل برفق بينما هي جالسة على الدرج الخلفي للمنزل الكبير الذي ولدت فيه وعاشت ما يقرب العشرين عاما ...