ثلاثة شهور مرت على مالك بعد إعترافه الصريح بحبها وفوز قلبه وشعوره على عقله وتفكيرة، عاش مالك صراع طويل مع تلك المشاعر الجديدة كلياً والتي يعيشها لأول مرة... حب، غيرة، سعادة، وجع، والكثير من المشاعر التي لم تمر عليه سابقاً، أما ورد فسعادتها بمالك لا توصف، وجدت فيه حنان الأب الذي إفتقدته وخوفه عليها وحرصه على إسعادها لا يعكر صفو أيامهم سوى غيرة مالك وعصبيته التي لا يستطيع السيطرة عليها أحياناً والتي كانت تصل ذروتها بسبب تلك الغيرة
أحد الأيام الصيفية الهادئة ورد بمنزلها مع والدتها وأولاد خالها الإثنين وزوجاتهم مع إبنة أحدهم وهي نور والتي تبلغ من العمر أربع سنوات وبينما يجلس الجميع يتجاذبون أطراف الحديث إقترح ياسر إبن خال ورد أن يلعبوا ورق الكوتشينة لعبة الشايب وبالفعل إندمج الجميع حتى ساعة متأخرة من الليل بينما إلتقطت نور الطفلة الصغيرة هاتف ورد وأخذت تستكشفه وتلعب به فاتصلت بالرقم الأخير عن طريق الخطأ ولحظ ورد العاثر كان رقم مالك الذي كان مستغرق في نومه وفتح عينه بهدوء يسحب هاتفه ليجد رقم ورد وينتفض عندما شاهد ساعة الهاتف تشير إلى الثانية والنصف بعد منتصف الليل، فتح الخط : آلو.... ورد.. . ورد إنتي كويسة
امتلئت نفسه قلقاً عندما لم يتلقى أي رد ثم تحول القلق إلى رعب عندما سمعها تصرخ قائلة.. يا ماما الحقيني ... كفايةااااا،، مع وجود أصوات متداخلة لم يتبينها
كانت ورد قد خسرت دورها في لعبة الشايب وحكم عليها أن تقف على رجل واحدة لعشر دقائق وكانت تصرخ عندما أنزلت قدمها من التعب فركض إبن خالها خلفها فنادت على والدتها من باب المزح لكن عند مالك تفسيره أن هناك من يحاول أذية حبيبته، لم يدري كيف نزل من منزله وكيف وصل إليها،، أخذ يرن جرس الباب بلهفه وقلق بعد أن حاول الإتصال بها طوال الطريق دون جدوى فهاتفها صامت ولم تنتبه له بالمرة، فتح ابن خالها الباب ليجد مالك يقف أمامه بملابس البيت ويرتدي slipper منزلي أيضاً وهيئته غير مهندمه بالمرة
مالك بلهفه: ورد فين؟.. إنتوا كويسين؟؟
ظهرت ورد عندما سمعت صوت مالك يتحدث مع إبن خالها تنظر إليه باستغراب شديد وتطالع هيئته قائلة باندهاش: في إيه يا مالك؟!!
شعر مالك أن الوضع على ما يرام ،، بس إزاي؟! وإتصالها بيه وصراخها وعدم ردها ،،، قطع تفكيره صوت إبن خالها: إتفضل طيب هتفضل واقف ع الباب
مالك: معلش خليها مرة تانية... هم بالإنصراف عندما لحقته ورد قائلة وهي ما زالت مندهشة قدومه في هذا الوقت: استنى في إيه... إيه اللي خلاك تنزل فـ الوقت دا وإنت بهدوم البيت وشكلك زي ما تكون نازل من ع السرير على هنا!!
مالك بغضب حاول السيطرة عليه: شوفي تليفونك وإنتي تعرفي... بعد إذنك
بعد إنصرافه وعودتها لداخل شقتها بحثت عن الهاتف وسحبته من يد الطفلة الصغيرة وصعقت عندما وجدت عشرات المكالمات الفائتة من مالك بالإضافة إلى توقعها إتصال الطفلة به عن طريق الخطأ وفهمت لما حضر ملهوفاً في هذا الوقت المتأخر بهذه الهيئة التي كان عليها....
صباح اليوم التالي توجهت ورد لعملها واستأذنت متوجهة مباشرة للنادي حيث مالك لتعتذر منه على موقف أمس السخيف فهي متخيلة تماماً كيف مرت ليلة أمس عليه بعد وقفته أمام أولاد خالها كالأبله لا يعرف ما يقول،، وصلت إليه كان يجري على جهاز المشي موليها ظهره وقفت خلفه مباشرة قائلة بهدوء: صباح الخير
التفت إليها ثم عاد للنظر أمامه غير آبه بوجودها فتحركت لتواجهه وهي تحدث نفسها: عارفة هتتعبني مفيش فايدة فيك مبحبش أزعلك عشان كدا رسمت إبتسامة على وجهها وهي تقول: طيب حتى رد الصباح
نظر لها بوجهه المتعرق وعينه المشتعلة
فابتسمت تلك الإبتسامة التي تجعل غضبه يذهب أدراج الرياح،، نزل من على جهاز المشي وشغل نفسه بتناول المنشفة الصغيرة مجففاً عرقه حتى يستعيد تماسكه ولكنها عزمت على هد حصونه بسلاحها فهي تعرف أنها مخطئة وليس لديها حل آخر غير سلاحها الأنثوي ... عقدت ساعديها تنتظر إنتهائه من حجته الواهيه بإخفاء وجهه بالمنشفة ثم سحبتها من على وجهه فنظر لها باستسلام تام وهو يحاول تصنع الجدية: صالحيني طيب ...
أسرعت تقول: عزماك ع الفطار
مالك باستعلاء: مش كفاية
ورد: مش راجعة الشغل وهأقضي معاك اليوم كله
مالك: وإيه كمان
اقتربت منه تحاول الوصول لأقرب مكان لأذنه فكان منتصف صدره من كثر طوله وهمست: بحبك
تهللت أساريره قائلاً: هو دا الكلام
كان مالك قد ترك العنان لكل المشاعر دفعه واحدة، لم يعد ذلك الحريص الذي يفكر ألف مرة قبل الإفصاح عن ما يجيش بداخله أصبحت ملامحه تعبر بأريحية عن سعادته، حزنه، غضبه وحبه....
في أحد مطاعم النادي الشهير وبعد انتهائهم
مالك: أنا كان شكلي تحفة امبارح صح؟
ورد بإبتسامة: بحبك وإنت بتخاف عليا
مالك بغيظ: هو أنا لقطة للدرجة دي؟!
ورد: أقولك على حاجة وتصدقني؟
أومأ برأسه علامة الإيجاب فتابعت: إنت أحلى حاجة حصلت لي في حياتي... عمري ما تصورت إن الحب دا حاجة حلوة كدا وإن وجود راجل في حياتي هيفرق معايا كدا... تعرف يا مالك من يوم ما بابا سابنا كنت فاكرة إن الحياة عادي وإني مش ناقصني حاجة لغاية ما قابلتك وعرفت إن كان في حاجات كتيييير أوي كانت نقصاني
كان مالك يطالعها وقد إمتلأت عيناه بمشاعر فياضة فقالت: يا ربييييي... لو تشوف شكلك أد إيه بيكون حلو وإنت سايب نفسك على طبيعتك بدل التكشيرة اللي إنت كنت مأجرها وعامل لها قيمة
مالك: دا كدا غزل عفيف ولا ذم ولا إيه بالظبط
ضحكت قائلة: دا حب يا حبيبي حـ ب.... بس تعرف في حاجة كمان لازم تعملها
مالك:اطربيني
ورد بحماس: نفسي تفتح معايا وتبطل تبئة كتوم في نفسك كدا... دا أنا باخد منك المعلومة بالعافية
نظر لها نظرة طويلة لم تفهمها ورد فقال بهدوء: أنا مش كتوم بس في حاجات حصلت في حياتي مبحبش أتكلم فيها ولا أفتكرها أصلاً
لاحظت ورد تبدل ملامح مالك وعودتها إلى ذلك الجمود في بداية تعارفهم، شعرت بالندم لأنها غيرت مزاجه وهي تعلم جيداً أنه لن يعود كما كان فقالت بخفوت: أنا آسفة مكنـ...
قاطعها بهدوء: يلا بينا عشان عندي تمرين لازم أحضره
ورد: طيب عندك مانع لو حضرت معاك التمرين
مالك: ما أنتي عارفة يا ورد مبحبش اشتغل وفي حد بيتفرج عليا
ورد: والله هفضل بعيد ومش هتلمحني حتى
ابتسم بتكلف وأومأ بالموافقة
إنهى تدريبه الذي تابعته بشغف واضح فقد أصبحت مفتونة به وبكل ما يخصه كان فتى أحلامها الذي لم تحلم به من الأساس،،،
إستقلا السيارة ليوصلها لمنزلها وفي الطريق
مالك: بتبصي لي كدا ليه يا ورد، عايزة تقولي حاجة؟
وود بابتسامة خجلة: هاه؟ لا أبداً بس سرحت شوية
تابع القيادة وهم يبتسم بهدوء ،، وصلت منزلها فقالت قبل مغادرة السيارة: متيجي تسلم على ماما وتعد مع ولاد خالي شوية
مالك: آجي إيه بس أنا مش عارف هاوريهم وشي إزاي بعد موقف إمبارح
ورد محاولة كتم إبتسامتها: محصلش حاجة يا مالك خليك عادي
لاحظ تلك الإبتسامة على طرف ثغرها فاغتاظ قائلاً في غضب مصطنع: إنتي بتضحكي عليا يا ورد؟ طييييب
إنزلي يلا
ورد بغضب مصطنع أيضاً: إنت بتطردني يا مالك؟ طيب مش نازلة وريني هتعمل إيه-
فجذبها إليه من إحدى ذراعيها فجأة قائلاً بنفس لهجته السابقة: يا بنتي بلاش تتحدي الأسد وإتكلمي على أدك أحسنلك
ورد باستخفاف: أسد هو فين الأسد دا ... يا ماما
قربها إليه أكثر حتى أصبحت المسافة بين وجهيهما لا تتعدي سنتيمترات تتلاقى أنفاسهم حتى كاد يلمسها بشفتيه،، يجرب شعور جديد الآن من تلك المشاعر الكثيرة التي اجتاحت كيانه من يوم عرفها ولكن مهلاً،،،، هذا الشعور مختلف كلياً، فجأة إنتبه مالك لنفسه فإنتفض مبتعداً عنها، ابتعدت هي الأخرى وطأطأت رأسها خجلاً فأخفى شعرها وجهها تماما
مرت بضع دقائق يحاول تفسير ما حدث ثم بحث عن صوته قائلاً بهدوء: ورد... أنا آسف... أنااا
ثم تابع بجدية: ورد... أنا عايز أكتب كتابي عليكي... بسرعة
نظرت له ورد باستغراب لا تفهم سر طلبه فتابع بود وملامح ودوده وهو ينظر لها بحب: ورد... كل حاجة بتحصل بينا جديدة عليا زي ما هيا جديدة عليكي صمت برهة يستجمع كلماته ثم تابع: ورد أنا بحبك أوي ومش عايز أي حاجة تحصل بينا تكون في السر أو يكون فيها أي حرام عليا وعليكي... خلينا نكتب الكتاب أحسن
صمتها لم يكن له معنى فقال بقلق: ورد .. إنتي مش موافقة أكتب عليكي
ورد: رفعت رأسها أخيراً وقالت بخجل واضح: أحدد لك معاد مع خالي إمتى؟
تهللت أساريره وهو يقول بفرحة ظاهرة ونبرة واثقة مازحاً: دا أنتي واقعة بئة
نظرت له متفاجئة وهي تقول بغضب: تصدق إنك غلس ثم تحركت تحاول لكزه على كتفه فتحرك للخلف ليختل توازنها فأحاطها بذراعه القوية فأصبحت شبه بين أحضانه فابتعدا سريعاً وقال: لاااا كدا مش هينفع كلمي خالك بسرعة الله يخليكي
فتحت باب السيارة ونزلت مسرعة تخفي خجلها وتورد وجنتيها عنه----------
إستلقى على سريره بعد أن بدل ملابسه وتناول طعامه مع والدته،، وضع يده خلف رأسه شارد تاركاً لعقله العنان يستمتع بتفسير تلك المشاعر الجديدة عليه أخذ عقله يستوعب ذلك الإحساس، يااااه لكم حرم نفسه من كل تلك المشاعر الجميلة،، أطبق على شفتيه عندما سرت تلك القشعريرة بجسده وأغمض عينيه بقوة يحاول السيطرة على دقات قلبه المتسارعه وأنفاسه المتلاحقه رغماً عنه....
الحال عند ورد لم يكن مختلف كثيراً فقد إستلقت على سريرها هي الأخري كالمغيبة تحدث نفسها عن ماهية هذا الإحساس الذي بثه مالك إليها في لحظة وكيف استسلمت له بهذه البساطة،، وبخت نفسها كثيراً عندما تذكرت أنه هو من إبتعد عنها وليس العكس وأخذت تهمهم لنفسها في غضب: أكيد هيقول عليا قليلة الأدب وسهلة
: لالالا مستحيل مالك بيحبني واعتذرلي مستحيل يفكر فيا كدا .. مكنش طلب مني إننا نكتب كتابنا
احتدم الصراع بداخلها فتناولت هاتفها وأرسلت له رسالة عبر الواتس آب: مالك... هو اللي حصل دا صح ولا غلط.... وليه حصل أساساً... أنا متلخبطة ومش عارفة أفكر ومدايئة من نفسي أوي..😌😌...
قرأ مالك الرسالة وهو مستلقي فاعتدل محدثاً نفسه بغضب: أهو دا اللي كنت خايف منه
كتب لها: ورد.. أنا آسف... والله ما اعرف عملت كدا إزاي... أوعي تخافي مني ... أنا عمري ما فكرت استغلك .. ورد إنتي هتبئي مراتي... أنا مستعد أكتب عليكي الصبح... لاء دلوقتي لو عايزة... أنا ما صدقت لئيتك .. أوعي يا ورد .. أوعي تسبيني
قرأت ورد الرسالة وهدأت كثيراً ولكنها قررت ألا ترد عليه فأغلقت تليفونها ونامت فهي ما تزال حزينه
إنتظر مالك ردها ثم حاول الإتصال بها فوجد هاتفها مغلق كاد يجن،،
: غبي غبي.. أخذ يحدث نفسه ... أنا ليه عملت كدا لييييه
مرت ليلته طويلة وهو كالمقيد ليس بيديه ما يفعله، مع أذان الفجر إستعد للصلاة ثم جلس يستغفر ربه كثيراً على هذا التصرف الأحمق فهو لم يقدم على مثل ذلك التصرف حتى أيام مراهقته ،،،
مر يومه ثقيل بلا معنى أنهى عمله وعاد لمنزله وقد إستعد لزيارتها بمنزلها يعتذر لها،،حرص أن يرتدي ما يأنقه ويظهر رجولته ووسامته مع عطر مميز وساعة يد ملفتة
مالك: إمي... إمي.. أنا نازل بدك شي؟
الأم تخرج من غرفتها: وينك حبيبي ... نظرت له رافعة حاجبيها ثم قالت بحب: حبيبي شو ها الحلو ما شا الله ربي يحفظك، رايح لـ ورد؟
أومأ مالك بإبتسامة: آه يا حبيبتي ... عايزة حاجة وأنا جي
الأم: سلم عليها كتير...
مع باقة ورد رائعة وقف أمام باب منزلها دق الجرس ودق قلبه معه بشده
فتحت أم ورد الباب: مالك... أهلاً يا حبيبي إتفضل...
دخل مالك ينتظر ورد بالصالون يحاول تهدئة نفسه
ظهرت ورد بعد مرور ربع ساعة من الإنتظار
ورد: مساء الخير
وقف مالك يطالعها بحب: مساء النور
التقط باقة الورد من على الطاولة: إتفضلي يا رب تعجبك
نظرت له ورد نظرة ملؤها العتاب واللوم
فارتبك قليلاً ثم قال بأسف: ورد .. إنتي زعلانة مني؟.. أنا .. أ
قاطعته بهدوء: أُعد يا مالك.. إتفضل... تابعت بعد لحظات: أنا مش زعلانة منك.. أنا زعلانة من الموقف وإن كان المفروض إني أزعل فلازم أزعل من نفسي إني سمحـ...
قاطعها بأسى: لا يا ورد ... لا... أنا السبب... إنتي المفروض لما تبئي معايا تكوني في أمان ... تكوني مطمنة واللي أنا عملته دا خلاكي متثقيش فيا
ورد بلهفة: لا يا مالك ... متقلش كدا أرجوك... بالعكس.... أنا ثقتي فيك ملهاش حدود وعمري ما هافكر فيك إنك استغليت الموقف ... زفرت بهدوء قائلة: أقولك.. خلينا ننسى الموقف دا كله أحسن
مالك: فاكرة يا ورد لما اتخانئنا في النادي وأغمى عليكي بين إديا؟
نظرت له باستفهام فتابع: دي كانت أول مرة في حياتي ألمس بنت بس ساعتها كنت حاسس إنك أختي أو بنتي،، مفكرتش في لحظة إني ...
قاطعته وهي تقبل عليه وتلتقط كفه بين راحتيها قائلة بحب: مالك يا حبيبي خلاص بئة .. أنا عمري ما هخاف منك وعشان اثبت لك كلامي.... أنا كلمت خالي إنك عايز تشوفه
هب من مكانه قائلاً بسعادة بالغة: بجد يا ورد.. بجد؟
أنـ...
دق جرس الباب قاطعاً حديثهما وعلى ما يبدوا أن القادم سيتسبب في قطع حديثهم طويلا ... فمن الطارق يا ترى ...............