دولةٌ تتقبل الاختلاف

14 2 0
                                    

أولاً :-

قبول الآخر مبدأ انفرد به الإسلام على مر العصور

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهَدًا أَوْ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" (أخرجه أبو داود).

وعن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قتل معاهدا بغير حق لم يرح رائحة الجنة وإنه ليوجد ريحها من مسيرة أربعين عاما" (أخرجه البخارى).

إن قبول الآخرين والتعايش معهم مبدأ أسسه الإسلام وأرسى دعائمه وطبقه النبى محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام تطبيقا عمليا منذ أن قامت الدولة الإسلامية فى المدينة المنورة، ومنذ أن تحرك الفاتحون أتباع النبى محمد صلى الله عليه وسلم ناشرين الإسلام فى شرق الدنيا وغربها قبل أن تسمع الدنيا كلها بهذا المبدأ بقرون طويلة.

فالإسلام علم المسلمين وغرس فيهم مبدأ قبول الآخرين والتعايش معهم على أساس الالتزام بالحقوق والواجبات، فعاش غير المسلمين مع المسلمين فى الدولة الإسلامية فى أمن وأمان واستقرار، على أساس المساواة فى الحقوق والواجبات، وساد فى الناس هذا القانون العادل الذى ينظم علاقة المسلمين بغيرهم على قاعدة لهم ما لنا وعليهم ما علينا،

هذا القانون الذى ينظم علاقة المسلمين بغيرهم كحد أدنى للتعايش ويضمن للناس جميعا الأمن والاستقرار الذى لم تعرفه الإنسانية إلى الآن إلا فى الإسلام، فلا تفرقة بين الناس فى الحقوق والواجبات بسبب الدين أو اللون أو الجنس أو العرق أو الغنى أو الفقر. بل إن الأمر لم يقف عند الالتزام بالحقوق والواجبات بل تجاوزه إلى حد التسامح والإحسان.

قال الله تعالى: (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة: 8).

فلم يعرف التاريخ أمة متسامحة كما عرف ذلك بالنسبة للمسلمين، ومرد هذا التسامح إلى ان المنهج الذى ربى المسلمين ويحتكمون إليه مبرأ من الأهواء البشرية، وهذا يظهر واضحاً جلياً فيما يأتى:

- إقامة الحق والعدل بين الخلق جميعا- بغض النظر عن أفكارهم و معتقداتهم وما يدينون به - هدف أساسى من أهداف الإسلام، بل هدف فى حد ذاته بغض النظر عن أى ملابسات أخرى من منافع مادية أو دعوية أو ما ينشأ عنه من مفاسد متخيلة أو متصورة ، فالله هو الحق المبين وبالعدل قامت السماوات والأرض.

مكنونات ألماسيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن