الباب الثالث : الفصل الاول

30 2 6
                                    

عصر الإمام عليّ (عليه السلام)

 

حديث الوفاة :

لم يكن حول النبي (صلَّى الله عليه وآله) في اللحظات الأخيرة من حياته سوى عليّ (عليه السلام) وبني هاشم ، وقد علم الناس بوفاته من الضجيج وعويل النساء ، فأسرعوا وتجمّعوا في المسجد وخارجه وهم في حالة من الارتباك والدهشة لا يحيرون جواباً إلاّ البكاء والنواح ، وهم على هذه الحالة وإذا بموقف غريب يصدر من عمر إذ خرج بعد أن دخل على رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) والسيف في يده يهزّه ويقول : إن رجالاً من المنافقين يزعمون أنّ رسول الله قد مات ، إنّه والله ما مات ولكنّه قد ذهب إلى ربّه كما ذهب موسى بن عمران(1) . ولم يهدأ عمر حتى وصل أبي بكر (2) إلى بيت رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) فكشف عن وجه النبيّ وخرج مسرعاً ، وقال : أيّها الناس ، من كان يعبد محمّداً فإنّ محمّداً قد مات ، ومن كان يعبد الله فإنّ الله حيّ لا يموت ، ثمّ تلا الآية : (وَمَا مُحمّدٌ إِلّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرّسُلُ ...) (3) .

ثمّ خرج عمر وأبو بكر وأبو عبيدة الجرّاح من البيت الذي فيه جثمان النبي المبارك وتركوه إلى عليّ وأهل بيته المفجوعين بوفاته ، وقد أذهلهم المصاب عن كلّ شيء ن وقام عليّ (عليه السلام) وأهل بيته (عليهم السلام) بتجهيز النبيّ والصلاة عليه ودفنه ،

ـــــــــــــــ

(1) الكامل في التأريخ : 2 / 323 .

(2) يروى أنّ أبا بكر كان في (السنح) وهو محل يبعد عن المدينة بميل واحد أو أكثر قليلاً .

(3) آل عمران (3) : 144 .

الصفحة 114

وفي الوقت نفسه كانت قد عقدت الأنصار اجتماعاً لها في سقيفة بني ساعدة لتدبير أمر الخلافة .

 

الحزب القرشي والأنصار في السقيفة :

ما أن سمع عمر خبر اجتماع الأنصار في السقيفة ؛ حتى أتى منزل رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) وفيه أبو بكر ، فأرسل إليه أن أُخرج إليَّ ، فأجابه بأنّه مشغول ، فأرسل إليه عمر ثانيةً أن أُخرج فقد حدث أمر لا بدّ أن تحضره .

فخرج إليه أبو بكر ، فمضيا مسرعين نحو السقيفة ومعهما أبو عبيدة ومن ثَمّ لحقهم آخرون ، فأدركوا الأنصار في ندوتهم ولمّا يتمّ بعدُ الاجتماع ولم ينفضّ أصحابه ، فتغيّر لون سعد بن عبادة وأُسقط ما في أيدي الأنصار وساد عليهم الوجوم والذهول ، ونفذ الثلاثة في تجمّع الأنصار أتمّ نفوذ وأتقنه ، ينمّ عن معرفتهم بالنفوس ونوازعها ورغباتها ومعرفتهم بنقاط الضعف التي من خلالها تسقط ورقة الأنصار .

علي المرتضى ( عليه السلام ) اعلام الهداية الجزء الثاني -:مكتمل:-حيث تعيش القصص. اكتشف الآن