الفصل الثاني:
الإمام علي (عليه السلام) مع الناكثين (*)
مثيروا الفتن :
كانت بيعة الناس لأمير المؤمنين (عليه السلام) بمنزلة صاعقة حلّت بقريش وكلّ من يكنّ العداء للإسلام ، فحكومة الإمام هي امتداد لحكومة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) التي أذلّت الظلم والعدوان والبغي ، وجاءت بالعدل والمساواة والحقّ والفضيلة ، وحطّمت المصالح الاقتصادية القائمة على الربا والاحتكار والاستغلال ، فعزّ على كثير من كبار قريش أن يكونوا على قدم المساواة مع أيّ مواطن آخر من أيّ فئة كانت في حكومة الإمام عليّ (عليه السلام) الذي طالت إصلاحاته ولاة عثمان .
وقد كان كلّ من طلحة والزبير يرى نفسه قريناً لأمير المؤمنين (عليه السلام) ، بعدما رشّحهما عمر للخلافة فكان يتوقّع كلّ منهما أن يلي حكومة جزء كبير من البلاد الإسلامية على أقلّ تقدير ، وكان لعائشة المقام المرموق لدى الخلفاء السابقين حيث كانت تتحدّث كما تشاء ، وهي الآن تعلم أن لا مجال لها في حكومة تعتمد القرآن والسنّة مصدراً ودستوراً للتشريع والتنفيذ .
وكان معاوية يتصرّف في الشام تصرّف الحاكم المطلق المتفرّد والمطامع في السيادة الإسلامية العظمى جادّاً في تولّي أمور الأمة الإسلامية بصورة تامّة ، فكانت المفاجأة لجميع هؤلاء بقرارات الإمام وتخطيطه للإصلاح الشامل إضافةً إلى
ـــــــــــــ
(*) وقعت معركة الجمل في جمادي الآخرة عام (36) هـ.
الصفحة 190
تضرّر مجموعة أو مجموعات كانت تستغل مناصبها في عهد عثمان وهي الآن قد فقدت مصدر ثرواتها ، فإنّ وجود الإمام في قمّة السلطة كان يُعدّ تهديداً صارخاً للخطّ القبلي المنحرف الذي سارت عليه قريش . لأنّ الإمام عليّاً (عليه السلام) قد عرف بأنّه القادر على رفع راية الإسلام الحق من دون أن تأخذه في الله لومة لائم ، ولهذا فهو سيكشف زيف الخطّ المنحرف دون تردّد .
من هنا اجتمعت آراؤهم وأهواؤهم على إثارة الفتن للحيلولة دون استقرار الحكم الجديد ، ولم يكن تقلّب الوضع السياسي ووجود العناصر المعادية للاتّجاه الصحيح لمسيرة الحكومة الإسلامية غريباً على الإمام عليّ (عليه السلام) ؛ فقد أخبره النبي (صلّى الله عليه وآله) بتمرّد بعض الفئات على حكمه ، وعهد إليه بقتالهم كما أنّه قد سمّاهم له بالناكثين والقاسطين والمارقين(1) .
عائشة تعلن التمرّد :
أنت تقرأ
علي المرتضى ( عليه السلام ) اعلام الهداية الجزء الثاني -:مكتمل:-
Historical Fictionحياة الامام علي ابن ابي طالب ( عليه السلام)