فرّق إيّاس بين جفنيه مطلقاً أسر لوزيتيه .. فتغضّنت ملامحه الوسيمه في ضيق من الشمس التي ألقتْ بضوئها في حدقتيه مباشرة فإستوى جالساً شاعراً بصداعٍ أليم ثم حدّق بالماء الذي يُلامس جسده من ماء النهر الذي وقع أسفل شلالاتٍ صغيرة مرتفعة ذات منظرٍ بهّي مبللاً ملابسه والتي قد أخذت بالإلتصاق به .أخذ يستكشف حوله بعينيه دون أن يتزحزح إنشاً من مكانه ، فشعور الثقل الذي جثم فوق صدره فجأة قد طال معانِقاً أعصابه .. حتى عاد بظهره مستلقياً كما كان ، و تثاقلت جفناه غاطاً في نومٍ عميق .
..
أستيقظ إيّاس بعد مدّة ليجد بأنه مستلقيٍ حول شجرةِ زيتونٍ كبيرة بعيداً عن النهر ولكنه قريباً من شاطئه وقد جفّت ملابسه وغُط جسده بوشاحٍ صوفيٍ كبير في خجل ، وجد بجانبه صينيةّ خشبيةً وضع فوقها طعامٌ ذا منظرٍ شهيٍ ، وكان البخار ما يزال يتصاعد منه إذا أنه قد وضع بفترةٍ ليست بطويلة ..
إلتفت يمنةً ويسرة ولم يجد إلا منزلاً قد لاح له ببساطته رُغم جماله المُفرط وحيداً دون منازلَ أخرى مجاورة . تناول طعامه كابحًا تساؤلاته وهو يتلحّف بالشال الصوفّي أكثر ليمد جسده بقليلٍ من الدفئ .
أنهى طعامه متلذذاً بأخر لقمةٍ بلعها ، ثم وقف وهو ما يزال يتساءل كيف وصل لهذا المكان الذي لم يره قط .. رُغم سفره المتكرر ولأماكن كثيرة ولكن بالتأكيد لم تكن هذه الجزيرة إحداها !
عبث بجيوبه باحثاً عن هاتفه ليتذكر بأنه قد وضعه بجيب حقيبته الجلدية ، فهمسَ بجنونٍ مخلّلاً أصابعه في شعره بحنقٍ عظيم :
-ماذا يعني .. كيف جئت هنا وآخر ما أتذكره بأني كنت في غرفتي أقرأ تلك المذكرات اللعينة !.وضع رأسه بين كفيه وهو يحاول التذكر .. قدّ يكون أسهب في إسترجاع إحدى ذكرياته ، وقد يكون هذا المكان ما هو إِلَّا حلم .
توقف عند تلك الفكرة وعقله يسترجع صورته بالقُرب من النهر مستيقظاً ثم يعود للغرق في النوم ، وأيضاً حينَ كان في منزله الشمس كانت أشرقت لتوّها والآن ..
رفع رأسه محدقاً تحديقةً سريعة للشمس ؛ إنها تبدو وكأنها توشكُ على الغروب .. فهزَّ رأسه يبعد تفكيره عند تلك النقطة والحنق والحيرة تتعّملقان بداخله .
~
سمعت طرقاتٍ خافتة على بابها فإتسعت حدقتيها في دهشةٍ وريبة .. وقفت بعد أن أتمّت تنظيفها اليومي مجففةً يديها ، ثم وضعت المنشفة الصغيرة من يدها فوق الطاولة متجهه للباب القُرمزي ، ووقفت بهدوءٍ شديد دون أن تُبدي أيةَّ محاولة لفتحه .
أنت تقرأ
إمرأة من شمس ( عن الرّوح والكتب ).
Mystery / Thriller___________ عندما أكتب إليكِ .. أكتب عن الشمس ، والضوء .. وكم تعنين أنتِ لي الحياة . ___________