اتجول في الانحاء، غارق في بحر من الاشخاص الا انني لاأستطيع سماع امواج هذا البحر.
الافواه تتحرك بأستمرار ناطقة بالاشيء في قاموسي .
لم اجد اي عمل يوافق على حالتي..الكل يسخر مني ومن امالي في ايجاد عمل.
الحمد لله انني انهيت المدرسة قبل ان اصب بالصمم فلقد قرأت العديد من حالات التنمر على امثالي، امثالي هم العرضة الاكبر للأستهزاء والسخرية.اكملت مسيري مستمتع بقناعة بالهدوء القاتل..بعض الاحيان احب حالي فلربما الاصوات المزعجة سوف تجعلني اغضب وربما تضرني لانني سمعت شيء مؤلم ويظلمني ولكن بالطبع اكثر الاحيان انا اتمنى ان اسمع اي شيء حتى لو كنت اتخيل سماع هذا شيء، اشتقت لأمي وهي تناديني بصوتها العذب، اشتقت لصوت ترتيل القرآن وصوت المؤذن ينادي، اشتقت لبكاء الاطفال، حتى انني اشتقت للضوضاء المزعجة، اريد اي شيء قابل للسمع حتى لو كان للحظات.
كنت دائماً اقول هنالك اغنية جديدة وهي رائعة، هنالك حفل رائع سوف يقام، هل سمعت ماذا قالت عنك، سوف اتصل بك على الهاتف، توقف عن التحدث معي، صوتك يثير اشمئزاز طبلة اذني..اضافة الى الكثير من الاصوات.
ابتسمت بهدوء للذكريات التي مرت علي، نعم لقد كنت امتلك اذنين تعملان عملهما كنت امتلكهم حقاً وليس فقط شكلاً.
قررت الوقوف وطلب بعض الطعام من المطعم الصغير القابع في الظلام..توجهت نحو البائع واخذت انظر نحو قائمة الطعام، حسناً هل اطلب البيتزا لا لا انا اكره البيتزا اذاً ماذا اطلب؟
اطلت النظر نحو القائمة لااعرف ماذا يجب ان اختار من طعام فأنا لدي هذا النوع من الوسواس الذي يسمى بشلل الاختيار وهو انتي احتار جداً بين الاختيار ويجب ان اختار بدقة.فكرت بأن اجد شيء سلبي لكل وجبة واقل وجبة تمتلك سلبية سوف اطلبها.
وجبة البركر، حسناً انا اعشقها لكن شكل المطعم السيء والأسعار الرخيصة ارسلت لي انذار مقزز بشأن الوجبة، نعم انه المخلل سوف يكون قديم ومقرف بالتأكيد.
بيتزا، لن اتكلم معكم عن كرهي لها.
قطع الدجاج، هي لذيذة ومناسبة في كل مطعم ربما لاباءس ان....اوقفت تفكيري عندما تفاجئت بيد البائع تنتشل القائمة من بين يداي، ماخطبه وماخطب هذه التعابير الغاضبة..اخذ يحرك شفتاه بطريقة تدل على مدى غضبه، لم افهم شيء واردت ان اشرح له انني اصم..الا انني لم اعلم كيف، لذلك كل الذي فعلته هو انني اشرت بخوف على وجبة قطع الدجاج اشارة على انني اريده.
لاحظت تقطيب البائع لحاجبيه الا انه سجل طلبي في ورقة ودلني على طاولة للأنتظار بها.اخذت اجول بعيناي متفحص تفاصيل المطعم فهو لم يكن بذلك السوء هو بسيط وجميل بعض الشيء، اضاءة خافتة ليست مزعجة وخمس طاولات متوزعة بأنتظام على ارض المطعم وهنالك تلفاز صغير معلق على الحائط يظهر احد مباريات كرة القدم..لقد كنت اعشق المباريات انا حقاً احفظ الركلات واسماء الاعبين الصعبة حتى انني بعض الاحيان اعلق على المباراة، لقد كنت احب عمل المعلق كنت استمع له بأنصات واتعلم زيادة النبرة عند تسجيل الهدف وانخفاضها عند تبديل الاعبين او حدوث امور هادئة.
قررت ان اعلق على هذه المباراة، قررت تخيل صوتي في المباراة..تحمست حقاً للفكرة تأملت بنجاح سماعي للصوت.
جلست بأعتدال على مقعدي واخذت جاهداً ان اتذكر صوتي عندما اصرخ بهدف واصرخ بأسماء الاعبين وهتاف الجمهور.
ولقد سمعت.
نعم نعم سمعت القليل فقط.
سمعت صوت منخفض لهتاف الجماهير، لقد كان اشبه بأنهم يشجعوني..الجماهير تشجعني لسماع الاصوات من حولي..لا لا بل لتخيل الاصوات من حولي.انتفضت بخفة عندما لاحظت صحن ممتلئ بقطع دجاج يوضع امامي وكأس من مشروب غازي، ابتسمت للنادل وحملت الشوكة والسكين وباشرت بالأكل، وفي كل لقمة ابتلعها انظر نحو التلفاز وابتسم للأصوات القليلة التي تصل لي..انا كثيراً مااتخذ التخيل وسيلة جيدة لأسعادي لكنها في الكثير من الاحيان تفشل، فأنا اعمل جاهداً على التخيل لكن لااسمع اي شيء.
تركت الافكار واخذت استمتع بالطعام فعلى الاقل لدي حاسة الذوق.
مسحت فمي بالمنديل مزيلاً عنه بقايا صلصة الدجاج، ابعدت الكرسي نحو الخلف واستقمت نحو البائع لأعطائه النقود..رميت له بعض الاوراق الخضراء وذهبت نحو الخارج اتابع بنعمة بصري حركة الافواه الغير متوقفة.
حاولت ان اجمع النقود لشراء جهاز القوقعة (جهاز يساعد على السمع) لكنه كان غالي علي، فرضيت بهذه الحالة، رضيت بالهدوء وكأنني منفصل عن العالم او شيء مخفي عنه.
اخدت اتوجه سيراً نحو منزلي فهو ليس ببعيد، اقرر الانتقال الى منزل خاص بي عندما امتلك وظيفة فأنا اسكن هنا مع والدتي التي حقاً تبذل جهد في محاولة جعلي اشعر بأنني طبيعي، اعني استطيع ان اعرف من الفضاء بأنني لست كذلك انا مختلف وغريب، والاشخاص الاخرين يعتقدون بأنني مشوه ومريض يعاملوني كأنني لست من صنف البشر فقط لأنني لاأسمع اصواتهم القبيحة .
دائماً اتسائل عن لماذا ياالله جعلتني في هذا الموقف لماذا جعلتني اصم هل تكرهني ياربي؟
اعني ذلك الكافر يتنعم بالاموال والجمال والكمال وانا هنا ذليل فقير اصم وربما قبيح..اسئل امي هذا السؤال وتغضب وتحرك يديها لصنع كلام خائب مني..يجب ان انتظر الاخرة انتظر الجنة والنعيم فهذه الحياة ليست مهمة هي مجرد اختبار يجب ان ندرس بشدة له وعندما ننضج نمتحن هذا الامتحان .
اطمئن لهذا الكلام تارة واحزن له تارة فلقد تعبت حقاً.وصلت للبيت بعد ان عبست بسبب قمامة من الافكار..فتحت الباب واغلقتها بقوة خفيفة لكي تعلم امي انني عدت، رأيتها تتابع التلفاز فأبتسمت لها بتعب وصعدت نحو غرفتي مقرراً انهاء هذا اليوم بالنوم.
استلقيت بهدوء على سريري واوقفت بصري على السقف مستذكراً احداث اليوم.الاستيقاظ بسبب الشمس لعدم القدرة على سماع الصوت، احاديث مع امي، رحلة البحث عن عمل، غداء مع والدتي، سخرية بسبب عدم سماعي لكلامهم، المشي بعيداً عن الاصوات، وعشاء رخيص، والتخيل،والنوم.
هذا هو يومي قد يسيئون معاملتي ولايضعوني من ضمن اصناف البشر وذلك لأنني
مُختلف.
.
.
.

YOU ARE READING
أنا مُختلف
Historia Cortaهنالك يتيم، اعمى، جريح، ميت، طالب، عبقري، كئيب، طفل، عجوز، مُعذب... وهنالك اشخاص على قيد الحياة. كلهم مُختلفون ومميزون بلمساتهم. الحياة من منظور انواع مختلفة من البشر. من منظور اصناف بشرية نادرة.