فِي جيب المعطفِ الداخليّ

892 97 156
                                    

_

عشْرونَ دقيقة قد مرّت مُذْ غَادرَا المنزلَ،
و لاَ تزالُ هيَ بجيبهِ العميقِ الشبيهِ بغَيهبِ جبّ صغيرٍ حدودهُ قطعُ نسيجٍ جلديّ، تتكوَّمُ علَى نفسِهَا لتمنحَ جسدها الصغيرَ المرتجِفَ بعضَ الحرارةِ، تفرك كفَّيهَا بالقميص القطني الذي ترتديهِ ثمّ تنفخُ بخارًا عبر شفتيها بلونِ بتلات وردِ الربيعِ.

ظلامٌ، وحدةٌ، و برد.
و يستطيع عقلها الصغيرُ أن يضيفَ كلمةَ دوارٍ إذ الجب لا يتحركُ، و الطبيب العملاق هنَا يفعلُ.

- سيد بيونْ؟ أرجُوكَ..
إمَّا أن تشعلَ الأضواءَ بجيبكَ أوْ تُرينيِ أضواء العالم الخارجي على الأقلِّ! أنَا لمَ خرجتُ؟

انتحبتْ بعلوّ جراء اختناقهَا، لتحسّ بعد ثوانٍ بخشخشةٍ مقبلةٍ تجاههاَ، رفعت رأسها لترى كفهُ بحجم جسدهَا تقتحم فوهة الجيبِ و تدنو منها.
معتقدةً أنه سيخرجها أخيرًا ابتهجت و صارعت بقية الأشياء التي تشغل جيبه رفقتها لتقفَ ثم نبست على مهلٍ ترفع كفيها لتلامسَ أنامله التي حطت فوق شعرها المضيءِ الأشقرِ:

- ارفعني ببطءٍ، تعلمُ دوار المرتفعاتِ..

إلا أنه عوضًا عن الارتفاعِ تمّت شقلبةُ جسدها يمينًا ثم يسارًا ليُسحَبَ ما شابهَ الخيطَ و يصعدَ في قبضة الكف تلكَ.

- أيها الطبيب! هلْ أخفقتَ في إصابة الهدفِ؟ رفعته و لم تأخذني!

بنبرةٍ عدم تصديقٍ محفزة لحزنها و تفتّق أكياسِ دموعِهَا، نطقتْ.

حتمًا السيد العملاق لم يملك الوقتَ ليجلس يومًا و يفكر بحال الأغراض الموضوعة بواحدة من جيوبهِ، كيف تتشابكُ و ترتطم بعظمة وركهِ في كل مرة يرمي خطوةً للأمامِ..

و لم قد يفعلُ؟

هو ليس ضئيل حجم و ليسَ عرضةً لأن يكون بجيب شخصٍ في أحد الأيامِ..

ليس صغيرَ كنغرٍ حتَّى..

مشكلٌ كهذا هو آخرُ همومِ بشريّ ضخمِ حجمِ الدماغِ، ذلك الحجم الزائد الغير مفيدٍ على الإطلاقِ.

تلك الأفكار غَامتْ بذهنها المشمسِ سابقًا بفكرة رؤية المدينةِ التي لم تحضَ بفرصة لرؤيتها عن كثبٍ سوى عبر شاشة زجاجية. ارتختْ على مؤخرتها فوقَ منديل ورقيّ منكمشٍ قد يكون يحمل مخاطَ أنفه، بيد أنها ليست تكترث الآن لأي أمر عرضي آخر كمخاط أنف الطبيب بيونْ، سبق و أن جلستْ فوقَ ما يفوق ذلك سوءً، فضلاتُ الهرة كارولينْ.

احتضنت ركبتيها لها، تفكر في وسيلةٍ  لجعلِ جيبهِ جبًّا حقيقيًا، ملئهِ بدموعها ثم الطفُوِّ لأَعلَى و رؤية ما يفوتها بالخارجِ المليء بالضوضاء، هي التي اعتادت على هدوء الريفِ.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jan 01, 2019 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

حبٌّ مصغّرٌ   |     Mini Loveحيث تعيش القصص. اكتشف الآن