8 - بطل رغماً عنها

863 18 0
                                    

لم تدرك بايلي مدى استمتاعها بالوقت الذي تمضبة مع باركر حتى انتهت وجبة الغداء . فقد جلسا قبالة بعضهما على الطاولة وتبادلدا الحديق كصديقين قديمين . لم تشعر من قبل بمثل هذا الإرتياح ، ولا سمحت لنفسها يوماً بأن تكون أكثر انفتاح . وأدركت أن مشاعرها تشهد تغيراً نسبياً إنما اساساياً .
لقد حل الرضى والآمل مكان الخوف والحذر .
وأدركت هذا حين قطعا ساحة الاتحاد ، وراحا يرميان فتات الخبز للحمام النهم . كان الضباب الصباحي قد تلاشى وأشرقت الشمس في علاض نادر .. أما المساحة فتعج بالسياح ، والمسنين وعمال المكاتب الذين يتناولون الغداء في الهواء الطلق . ولطالما أحبت بايلي هذه الساحة ، لكن وجودها فيها الآن برفقة باركر جعل منها مكاناً عزيزاً على قلبها .
وبدا باركر مسترخياً أكثر ايضاً ، وأخذ يتكلم بحرية عن نفسه ، وهذا ما لم يفعله من قبل . قال انه اكبر اخوته الـ 3 والوحيد الذي لم يتزوج بعد .
قالت بايلي : انا طفلة العائلة ومدلله للغاية . لقد بذل والدي جهودهما لإقناعي بالعدول عن رأيي حول الإنتقال إلى كالفورنيا .
- وما الذي جعلك تتركين أوريغون ؟
نظرت بايلي الألم الذي يعتصر قلبها كلما فكرت بتوم ، لكن هذا الألم لم يظهر ، لأنه ببساطة لم يعد موجوداً .
تأملت الطيور المجتمعة حول حفنة الطعام وقالت معترفة : توم .
- وهو الخطيب رقم 2 ؟
كان يسير ويدة خلف ظهره ، وراحت بايلي تتساءل عما إذا كان يخيهما لئلا يلمسها .
- لقد التقت توم بعد سنين من تجربتي مع بول . كان شريكاً في مؤسة المحاماة حيث كنت أعمل كماسدة . خرجنا معاً لأشهر ، ثم شاركنا في قضية معاً ، وانتهى بنا الأمر ونحن نقضي وقتاً طويلاً سوية . وبعد 3 اشهر اعلنا خطبتنا .
- وضع باركر يدة بخفة على كتفها وكأنه يدعمها ، فبتسم له شاكرة .
- - في الواقع لم يعد هذا يؤلمني عندما اتحدث عنه .
لقد شفى الوقت جروحها ، او كما اعتادت ان تقول : الزمن يشفي الجروح كلها .
وتابعت : وبعد ذلك قابل ساندرا ، وكل ما اعرفه ، هو انهما يعرفان بعضهما منذ اطفولة . ما أذكره هو اننا كنا على وشك الزواج ، وأصبحت الدعوات في المطبعة ن حين قال لي انه يخرج مع شخص آخر .
- وهل فوجئت ؟
- صدمت .. لكن اعتقد انه كان علي أن الاحظ الأعراض .. إنما كنت غارقة في تحضير العرس ، من شراء الفساتين للإشبينتين ، وترتيب امر الزهور ، وما إلى هناك . في الواقع انشغلت في اختيار الأواني المنزلية بحيث لم ألاحظ أن خطيبي لم يعد يحبني .
- تجعلين الأمر يبدو وكأنك المخطأة .
هزت بايلي كتفيها وقالت : يطريق ما ، أعتقد أنني أخطأت وأعترف بهذا لآن ، فأنا أرى اخطائي . لكن هذا لا ينفي انه كان خطيبي ، ويقابل امرأ اخرى سراً .
- لا .. هذا لا ينفي ذلك . وماذا فعلت حين اعترف لك ؟
تنهدت بتعب فثقل ذلها لم يعد مدمراً ، لكنه لم يغب ، والكلام عنه يولد فيها مشاعر لم تشأ تواجهها . وكان من الشخرية ان تبحث الموضوع الآن .، بعد هذه السنوات ، ومع رجل آخر .
- هل سامحته ؟
وقفت بايلي ، وضربت ورقة شجر على الأرض بقدم حذائها .
- أجل .. فكرهه كلفني الكثير من الطاقة . كان آسفاً بالفعل ، وإلى ان اعترف تحولت حياة المسكين إلى مأساة . حاول جاهداً ألا يفعل أة أن يقول ما يؤلمني ، وأقسم انه لزمه ربع ساعة ليقول لي انه يريد إلغاء الزفاف ، ونصف ساعة أخرى ليعترف بوجود أمرأه اخرى في حياته . وأذكر الإحساس المغثي في معدتي .. شعرت وكأنني سأمرض .. اصابني الأعراض كلها فجأه .
وعادت بذاكرتها إلى ذلك اليوم الرهيب حين راحت تحدق في توم ، والصدمة تتملكها ، في حين بدا هو غير مرتاح ابداً ، واخذ ينظر إلى دية ، والغنزعاج والارتباك يخنقان صوتة .
وتذكرت بايلي : لم ابك يومها .. ولم اشعر حتى بالغضب ، على الأقل ليس في البداية ، أظن انني لم اشعر بشيء البتة .
وابتسمن لباركر متكدرة ، قبل ان تتابع : بعد إعادة النظر في المسألة ، ادركت ان كرامتي لم تسمح لي بهذا .. وأذكر انن قلت اشياء تاقه جداً .
- مثل ماذا ؟
سرحت بايلي وأجابت : قلت له انني اتوقع منه دفع ثمن بطاقات الدعوة . لقد طلبناها مطبوعة بأحرف ذهبيه ، وهذا مكلف جداً .. كما انني لم أكن احمل المال الكافي اثوب العرس .
- آه .. فستان العرس الشهير المستخدم قليلاً .
- كان بتهض االثمن !
قال بعينين حنونتين : أعرف ، في الواقع .. واجهت المسأله كلها بطريقة عملية .
- لست ادري طريقة عمل دماغي غريبه احياناً في مواقف كهذه ، أذكر انني اعتقدت ان بول وتوم يعرفان بعضهما البعض ، وكنت مقتنعة انما تآمرا علي .. وهذا امر سخيف .
- أفهم من هذا انك قررت الإنتقال إلى سا فرانسيسكو بعد فسخ خطوبتك .
هزت بايلي رأسها وقالت : في غضون ساعات ، قدمت استقالتي من شركة المحاماة وبدأت اخطط للإنتقال .
- ولماذا اخترتي سان فرانسيسكو ؟
ضحكت بخفة وردت : أتعرف .. لست متأكدة حقاً . لقد زرت المنطقة اكثر من مرة في ما مضى ، وكان الطقس سيء بشكل متواصل . كتب " ماركن توين " مرة ان اسوأ شتاء قضاه في حياتة كان صيفاً في سان فرانسيسكو . واعتقد ان المينة ، بسمائها المبلدة بالغيوم ، وصباحها الضبابي ناسبت مزجي ، ولا اعتقد انن قادرة على تحمل الأيام المشرقة والمشمسةوالليالي التي ينيرها القمر في أوريغون .
- وماذا حدث لتوم ؟
رفعت بايلي رأسها لتنظر إليه ، مجفلة من سؤالة : ماذا تعني ؟
- هل تزوج ساندرا ؟
- لست ادري.
- ألم ينتابك الفضول ؟
بصراحة لم تكن فضولية . فهو لم يكن يريدها ، وهذا الشيء الوحيد الذي يهمها . احست بالخيانة ، والإذلال ، والهجر . لكن ما إذا ندم توم يوماً او فشلت علاقتة بساندرا ، فهذا ما لم تعرفة ابداً ، لأنها لم تبقة طويلاً لتعرف ، ليس في ذلك الحين .
ارادت ان تبتعد عن عملها ، عن اوريغون ، عم جياة ممله ... وإذا كان عليها أن تقع في الحب فلم لا يصادفها سوى رجال ضعفاء ؟رجال يبدلون رأإيهم بالستمرار ، رجال لا يعرفون الحب الحقيقي ، رجال لا يعرفون ما يريدون .
بعل العيب في شخصيتها هي يدفعها لإختيار مثل هؤلاء الأشخاص . ولهذا لم تنشئ أي علاقة مع الجنس الآخر ، ولهذا ايضاً تتمتع بقرائة قصص الحب ، وبكتابتها . فالقص الرومانسية نهايتها سعيدة ، وهذا ما لم تعرفة في حياتها .
القصص التي تقرأها وتكتبها ، تروي قصص رجال حقيقين ، أقوياء ، تقليدين / أهل للثقة .. وقصص نساء لسن مثلها .
وكتنت تبحث عن بطل حين التقت باركر دايفدسون صدفة . أجل .. تستطيع ان تعرف أن قلبها بفيض دفئاً عند رؤيته . وهو على هذا الحال منذ اسابيع مع انها ترفض الإعتراف .. حتى الساعة .
داعبت عينا باركر القاتمتان عينها : يسرني انك اخترت الإنتقال إلى منطقة لخليج ؟.
- انا ايضاً
سأل وهما عائدان : هل ستغيرين رأيك ؟
ولا بد أنه لاحظ التشوش في عينيها ، فأضاف : ماذا عن حفلة الموسيقية الليلة ؟ إنها بمناسبة عيد العشاق .
- وانا اتشوق لحضورها .
كانت قد نسيت أي يوم هذا ، واحست فجأه بقشعريرة الإثارة لفكرة قضاء أمسية رزمانسية مع باركر دايفدسون مع ان هذا يعني لا وقت لديها للعمل على " لك إلى الأبد "
ابتسم لها : فكري في الحفلة الموسيقية كنوع من البحث .
- سأفعل .
قد تصاب المرأه بالعمى وهي تبتسم لعينين مثل عينين باركر ، اللتين تعكسان إثارة وقوة طبيعة .
قالت على مضض ، وهي ترفغ يديها للتحية : وداعاً .
- إلى ان نلتقي اليلية .
وبدا كارهاً للفراق مثلها . فكررت بنعومة : الليلة .
رأت ألمها ينعكس في عينيه حين اخبرته عن توم ، فهو يفهم معنى ان يفقد المرء شخصاص يحبه . وأحست بتقارب شديد مع باركر . شعرت بصدق مريح ومنفتح نادراً ما احست به من قبل .
قال :
- سأمر لآخذك في السابعة
- عظيم .
مر بعد الظهر كلمح البصر ، فيما بدت فترة الصباح بطيئة ومملة . وما كادت تعود للمكتب ، حتى حان موعد جمع اغراضها والعودة للمنزل .
وجد ماكس ينتظرها حين فتحت الباب .. وضعت يدها على طاولة المطبخ ، وأطعمة بسرعة . وبدا ماكس مندهشاً لسرعتها ، ونظر إلى طعامه لحظات عدة وكأنه يتردد في تناوله .
وتذمرت في انه من المستحيل إرضاء هذا القط المتمرد ، ثم توجهت إلى غرفة نومها ، وفتحت باب الخزانة .
وراحت تتأمل محتوياتها لدقائق ، قبل أن تتخذ قرارها .. فستان معرق ارتدته حين كانت في الكلية .. وبدا القماش الصوفي المعرق مشرقاً ومرحاً . ولو أبلغها باركر من قبل ، لخرجت واشترت ثوباً جديداً .. ثوب احمر اللون اكراماً لعيد العشاق .
كان المقاعد التي حجزها باركر في " المركز الوطني " مب بين افضل الأماكن ، على مسافة قصيرة من المقاعد الأمامية .
بدت الموسيقى رائعة ، مبهجة ، رومانسية .. وعزفت مقطوعات كلاسيكيه عرفتها بايلي ، فضلاً عن موسيقى روك ناعمة ، وعدد من الأنغام الشعبية القديمة .
كانت الغرفة الموسيقية ممتازة ، وقربها من المسرح منح بايلي الفرصة مميزة ، أحيت دمعها بالدموع تتجمع في عينيها .
أغمضت عينيها لتستمتع بالموسيقى ، وحين فتحتهما بعد لحظات ، وجدته يتفرس فيها . فابتسمت بخجل ، وبادلها الابتسام . في تلك اللحظة ضربت الضنوج النحاسية ، فالنقطعت بايلي وكأنها ضبطت في تصرف غير قانوني .. فضحك باركر ضحكة صادقة .
قدمت الفرقة الثانية عرضها بعد الاستراحة . وووجدت بايلي موسيقاهم غير مألوفة في ما عدا مقطوعتين او 3 من الروك .. واستجاب الحضور بحماس لحيوية الفرقة وإحساسها المرح ، فراح بعض الأشخاص يتمايلون مع الأنغام . وبعد قليلي تحرك بعض الموجودين وبدأو بالرقص . ودت بايلي ان تنضم إليهم ، لكن بدا أن باركر يفضل البقاء جالساً .. ولم تستطع نركه بحثاً عن شريك .
أخيراً ، وقف جميع من حولها وتحرك إلى باحة الرقص ، إلى أن لاحظت انهما الوجيدان اللذان لم يقفا بعد .
نظرت إلى باركر لكنه بدا غافلاً عما يجري حولهما .. كما خيل إليها انها سمعته يتذمر من انه لا يستطيع رؤية الفرقة الموسيقية بسبب الحشد .
تحرك رجل أصلع يكبرهما ، ودنا منها ، ثم ربت على كتف بايلي : آنسة ؟
كان يرتدي قميصاً مفتوحاً حتى الخصر وحول عنقة ما لا يقل عن خمسة باوندات من الذهب . وبدا جلياً انه لم يتجاوز مرحلة السبعينات .
- هل ترغبين بالرقص ؟
لم تكن بايلي تتوقع دعوته ، ولم تكن واثقة مما عليها فعله فهي جاءت مع باركر .. وقد يعترض .
قال باركر يطمئنها : هيا .. اذهبي .
وبدا فعلاً انه ارتاح حين طلب منها شخص آخر أن ترقص .. ولعله شعر بالذنب لأنه لم يراقصها بنفسه .
هزت كتفيها ووقفت ، ثم نظرت إليه مرة أخيرة لتتأكد من انه لن يمانع ، ودفعها بتلويحة من يدة .
أحست بايلي بخيبة أمل ، وتمنت من صمم قلبها أن يراقصها باركر ، وليس شخصاً غريباً .
قال الرجل الذي يضع السلاسل الذهبية ، وهو يمد لها يده : مات كوبر .
- بايلي يورك
وابتسم وهو يرافقها إلى الحلبة .
- لا بد أن الرجل الذي يرافقك يعاني من مشكلة ما ليتركك جالسة هناك .
- لا أعتقد أن باركر يحب الرقص .
كان قد مر زمن طويل منذ رقصت بايلي ، ولم تعد واثقة من خطواتها . لكن ما كان عليها أن تقلق ، فالمساحة ضيقة جداً بحيث لا يمكنها أن تتحرك سوى إنشات قللة في أي اتجاه .
الأغنية التالية التي قدمتها فرقة " هير سبراي " أغنية روك من الستينات .. وأدهشها شريكها مات ، بأن أطلق صفرة مرتفعة . الصوت الحاد قاطع الموسيقى ، وصخب الجمع والتصفيق . ضحكت بايلي بالرغم عنها .
كانت الأغنية سريعة ومألوفة .. وبدأت بايلي بالتماثل والتحرك على وقع الأنغام . وقبل أن تدرك ما يحدث ، وجدت نفسها بعيدة عن شريكها ، إلى جانب رجل جميل ، يماثل باركر من حيث العمر . بدا جلياً انه يتمتع بأداء الفرقة .
ابتسم لبايلي فرد ابتسامه خجولة . وعزفت الأغنية التالية لحن قديم ، اغنية كتبت للعشاق الشبان الخالي البال .
حاولت بايلي العودة إلى مقعدها قرب باركر ، لكن المقاعد كانت فارغة .. التفتت حولها تبحث عنه فلم تجده .
قال الرجل الوسيم : من الأفضل لنا أن نرقص .. فشريكتي اختفت في مكان ما .
- وشريكي اختفى .
فتشت في الجمع ، لكنها لم تجد باركر .. وكان المكان مزدحماً بحيث تستحيل رؤية أي شخص بوضوح . وبشيء من القلق تساءلت كيف سيجدان بعضهما البعض حين تنتهي الحفلة الموسيقية .
رقصت مع الشريك الجديد رقصات عدة دون تبادل الأسماء ، وأخذ شريكها يرقص بخبرة أخفت نقص حركاتها . وأنهيا رقصة سريعة تركت بايلي محمرة الوجة من شدة الإرهاق .
حين فدمت فرقة " هير سبراي " أغنية بطيئة أخرى ، بدا لبايلي من الطبيعي أن تراقص شريكها المؤقت . وقال شيئاً ما ثم ضحك ، لكن بايلي لم تستطع فهم كلماته ، فاكتفت بالابتسام له . وكان على وشك الكلام ، حين لمحت باركر وهو يشق طريقة نحوها ، عابساً .
قالت وهي تبتعد عن الرجل الذي يراقصها : صديقي هنا .
ونظرت إلية معتذرة ، فتركها من دون حماس .
قالت حين وصل باركر إليها : ظننت إنني أضعتك .
فرد بلهجة باترة : وأنا أظن أن الوقت حان لنرحل .
التفتت بايلي إليه وقد ادهشها توترة : لكن الحفلة الموسيقية لم تنته بعد . ألا يجب أن نبقى إلى أن تنتهي فرقة هير سبراي على الأقل ؟
- لا
- ماذا جرى ؟
دس يده في جيبه وقال : انا لم اعارض فكرة رقصك مع الرجل الأول . لكنني رأيتك فجأه تراقصين رجلاً آخر .
- أنا لم اختر احداً .. لقد فصلتنا المجموعة عن بعضنا .
ولم تعجبها لهجته والمعنى المبطن لكلماته .
ورد عليها : إذن ، كان عليك أن تعودي إلي .
- هل كنت تتوقع مني صدقاً أن أكافح لأشق طريقي عبر الجموع هذه ؟ ألم تلاحظ مدى اكتظاظ الممرات بين المقاعد ؟
- لقد وصلت انا إليك .
تنهدت بايلي ، تقاوم إغراء الرد الساخر الذي خطر لها ، لكنها خسرت المعركة .
- هل تريدني أن اعطيك جائزة " الكشاف الصغير " ؟ لكنها لا تعطى من اجل الدفع والاقتحام .
لمعت عيناه باركر سخطاً : أنا لم ادفع احداً ، واعتقد انه من الأفض ان نجلس ...
وأمسك بيدها ، وقادهما إلى مقعديهما ، مكملاً : ... قبل ان تجعلي من نفسك محط للأنظار .
تمتمت بغضب : محطاً للأنظار ؟ إذا ما لفت احد النظر إليه فهو أنت ! أنت الشخص الوحيد الذي لم يكن يرقص .
- ولم اتوقع من رفيقتي أن تذهب مع رجل آخر .
ورمى بنفسة في مقعد وكتف ذراعية ، وكأنه لا ينوي متابعة النقاش .
كررت : رفيقتك ! هل لي أن أذكرك أن هذه الأمسية بغرض " البحث " ليس إلا ؟
انتفض باركر غير مصدق : هذا ليس ما اذكره .. بدوت حينها متشوقة للغاية .
وضحك بصوت ساخر قبل أن يضيف : أنا لم أكن ألاحقك .
جداله راح يلفت الانتباه أكثر مما ترغب بايلي به . فجلست على مضض وهي تضم يديها بتزمت في حجرها ، وتنظر امامها مباشرة . وقالت عبر اسنانها المشدودة : انا لم أكن ألاحقك .. وأنا لم ألاحق رجلاً في حياتي .
- أوه .. سامحيني إذن . كدت اقسم بأنك انت من لحق بي حين نزلت من القطار السريع .. هل تعلمين أن امرأه تشبهك تماماً لحقت بي إلى الحي الصيني ؟
رفعت بايلي يديها عالياً وتأوهت : أووه .. أنت لا تطاق .
- أنا يا حبيبتي ؟ لكنني محق .
لم ترد بايلي ، ووضعت ساقاً فوق ساق وراحت تلوح بكاحلها بغضب إلى أن انتهت الحفلة الموسيقية .
ولم بنطق باركر بكلمة وهو يرافقها إلى سيارته . وبدا هذا مناسباً لبايلي ، فهي لم تقابل في حياتها انساناً مثله . منذ اقل من ساعة كانا غارقين في الأحاديث ، وسمحت لنفسها أن تحلم في لحظة ساحرة . ويا له من عيد للعشاق !
افترقا على وداع اقل من مهذب ، وطلبت منه بايلي أن لا يرافقها إلى الباب . لكنه رفض ، لمجرد العناد . وأرادت أن تجادل ، لكنها عرفت أن لا جدوى منن الجدال معه .
كان ماكس عند الباب يستقبلها ، بذنبه الذي يلوح في الهواء . وبقي قريباً منها ، يحتك بساقيها ، وكادت تتعثر به وهو تخلع ملابسها بسرعة ، وتستعد للنوم . وبدأت تخبرة عن امسيتها ، لكنها غيرت رأيها واندست في الفراش ، ورفعت الأغطية فوق رأسها لتجبر باركر دايفد سون على ترك أفكارها .
كانت جو آن تنتظر بايلي على رصيف محطة القطار في الصباح التالي ، وسارعت إليها تسألها : حسناً ؟ كيف كان الموعدك ؟
- أي موعد ؟ لا يمكنك أن تسمي خروجي مع باركر موعداً .
بدت اليرة على جو آن : ولم لا ؟
- حضرنا حفلة البوب ..
فأنهت جو آن جملتها : ... للبحث وحسب ... أفهم من هذا أن الأمسية لم تكن ناجحة .
تقدمتا إلى السلم المتحرك ونزلتا من القطار .
- كانت الليلة كارثة حقيقية .
حثتها جو آن : هي أخبري "ماما" كل شيء .
لكن بايلي لم تكن في مزاج يسمح لها بالكلام . وقامت بجهد كبير لتشرح ما حدث ، وتروي تصرف باركر الغير منطقي . وأخبرتها انها لم تنم جيداً لأنها ارتكبت الخطأ عينه الذي ارتكبته مع الرجلين الآخرين في حياتها ، حين افترضت أن باركر مختلف . لكنه لم يكن كذلك .. بل هو مغرور ، غير منطقي ومتعجرف . وأنهت كلامه باكتئاب : كنت مخطئة حين ظننته بطلاً .
عبست جو آن وقالت : دعني ارى إذا ما فهمت جيداً . بدأ الناس يرقصون .. وطلب منك رجل أن ترقصي معه .. ثم افترقت عنه ورقصت مع رجل آخر ، وبدا باركر يتصرف كأحمق غيور .
- بالضبط .
فقالت جو آن : بالطبع سيفعل .. ألا ترين ؟ كان يتصرف بحسب الشخصية .. ألم يحدث الأمر ذاته مع جانيس ومايكل حين ذهبا إلى حفلة الموسيقية .
كانت بايلي قد نسيت هذا تماماً ، واعترفت ببطء : الآن تذكرت .. أجل .
وقالت جو آن : لقد أطلعك باركر على هذا المشهد .. ألا تذكرين ؟
وتذكرت بايلي ، في حين تابعت جو آن : حين ستعيدين صياغة المشهد ، ستعرفين بالخبرة ما شعرت به جانيس بالضبط ، فهي المشاعر نفسها التي أحست بها .. كيف يمكنت أن تغضبي منهه . يجب أن تكوني ممتنة ؟
- حقاً ؟
فأصرت جو آن : طبعاً .. فباركر دايفدسون بطل أكثر مما تدرك أي منا .

لك إلى الأبد - روايات احلامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن