الجزء الثاني:

961 60 57
                                    

جيفري ليونيل:

فبراير, ١٩٧٤

مساء يوم الجمعة

"تم القبض على ايدي جين ولكن ليس بدهاء أو ذكاء المحققين، بل بالصدفة البحتة التي مكنت الشريف سكالي من كشف الغموض، الآن وبعد أن أصبح إيدي في قبضة يد العدالة نفى كل الاتهامات الموجهة بحقه وصرح بأنه ليس لديه علم بالجثث المكتشفة ولكن مع الوقت بدأ إيدي يقر بالجرائم الموجهة إليه فأعترف بقتل كل من بيرنس ووردن وماري هوغمان وأما بقية الجرائم فقد نفى أي صلة له بها. ما كان أمام الشرطة سوى البحث في مزرعة إيدي في محاولة للعثور على جثث للضحايا المفقودين التي قد تكون مدفونة في أرجاء المزرعة..."

اطفأ جيفري الراديو ورماه على الجانب الآخر من السرير بعد شعوره بالملل من هذه الحكايات. شابك يديه وأطرق رأسه للأسفل, مراقبًا زوج حذائه الرياضي المتسخ. فكر في نفسه أنه نسي خلعهما عندما دخل الشقة. أبتسم ساخرًا من قدراته الذهنية المتباطئة هذه الأيام.


كانت النجوم تتوارى بضوء خافت خلف قماش الستارة الخفيف, والهواء يداعب أطرافها المزخرفة بخفة داعيةً جيفري للقدوم نحوها. نهض جيفري من سريره وسار ملبيًا تلك الرغبة. جلس على حافة النافذة وتأمل السماء مهموم القلب وضائع الفكر.

وما أضاع فكره في ذلك الوقت كان بقايا لذكرى حدثت له هذا الصباح حين لمحه أحد المارة، أو كما أحب أن يدعوهم جيفري ب "السواح المعكرين للمزاج".

كان بلا شك أحد الأغبياء من نادي كرة الطائرة الذين يتجولون بلعبتهم السخيفة في أماكن مفتوحة, خاصةً وأن ذلك الساحل أصبح ملجئ لشتى أنواع الرياضات مع إقتراب العطلة الربيعية. زمجر شفتيه ساخرًا من الفكرة.

أما بالنسبة للجو، فالسماء كانت ممتلئة بالشحنات، تأكد جيفري من تنبئه عندما فجأة ضربت صاعقة وأخترقت إحدى السحب الرمادية. ثم دوى صوتٌ يكاد يشبه زئير الأسد، أقشعر جيفري على أثره ونسى ما كان يفكر به في ذلك الحين.

عاد جيفري إلى وعيه وأغلق نوافذ الغرفة التي شغلها لأربعة سنين في وحشة سلبته رجاحة عقله. أصدرت السماء ساعتها صوت الرعد مجدداً لم يجفل عليها.
ألتقط نظارته ذات الإطار السميك من على الطاولة المجاورة بيدان ترتجفان وصداع نصفي يلتهمه حياً.

حينها، الساعة دقت عند التاسعة إلا ربع. جعلت جيفري يفكر بشخص بدأ يشغل تفكيره منذ فترة. فتصلب في مكانه بينما عيناه الزرقاوتان ببطئ تحولتا للأسود.

هذا الجو، الراديو، هذه الساعة وهذا اليوم، كل تلك الظّروف التي ساهمت بأبعاده عمّا يفعله عادةً قد تكون مؤهلات كافية للنهوض على أعقاب قدمه.

ثيودورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن