الجزء الخامس:

196 14 21
                                    


ثيودور روبرت كويل:

فبراير, ١٩٧٤


أنشد يا هوميروس

وظِلَ في فم الأبد قيثارته المرنة ونايه المطرب وعوده الآنِّ ونعمته الحلوة الحنون.

أنشد يا شاعر العصر الخالي وحل في الأسماع موسيقى مدويّة, وفي العيون دموعاً جارية, وفي القلوب رحمة ومحبة. أنفح من عرائس الشعر لدنك سلطاناً وحكمةً وبياناً, وسريراً وصولجاناً!

تغن يا شاعر الأولمب! 

تغن!

***


مساء يوم السبت

"-أنا على أستعداد لرفض كافة الأعتقادات والأستدلالات. القدرة على النظر أفقدتني معرفة أي رأي على أنه أرجح من الآخر. أين أنا أو من أكون؟ من أي العلل أستمد وجودي وإلى أي حالة سأعود؟ أحير في هذه التساؤلات جميعها وأبدأ بتخيل نفسي في أسوأ حالة يمكن تصورها, محاط بالظلام واليأس, بالوهن والبؤس- هذا ما يقوله هيوم, والذي في نظري كان أول وأخر فيلسوف عقلاني"

"ماذا عن سارتر؟" 

"أتقصد فيلسوف المقاهي؟ لا أستهويه بتاتاً" قلب تيد عينه وأخذ رشفة من زجاجته بتعالي. 

"لكن ما يقوله واقعي, أنه مماثل لـ هيوم"

"أنا أعلم أن ما يقوله عقلاني وشديد المنطقية, أنا فقط لا أستهويه, أشعر بالنفور حالما أقرأ شيء له" نظر تيد للكتاب الذي أبتاعه خاصة سارتر بعنوان الغثيان, "بالمناسبة, يمكنك أخذه, لم أستطع قرائته" مرر تيد الكتاب لـ ترينت والذي ألتقطه برحابة صدر, "أعني... أنا أتفق مع ما يقوله لكنّي فقط لا أستطيع تقبله, أتفهمني؟"

"أجل بالطبع تشعر بـ الغثيان" أبتسم ترينت وأبتسم معه تيد بسخرية, ثم أضاف: "لكن هل نتفق على أن كلانا يفضل أرسطو على كلاً من أفلاطون وسقراط؟" 

"بالطبع, نخبك"

"بالحديث عن الغثيان, كيف حال الوظيفة؟" 

"أنا في إجازة" أجاب تيد ببرود, لم يفكر في وظيفته منذ أيام, بدأ يشعر بأنه حقاً أفضل حالاً بلاها, أجوائها وزبائنها هم من أثاروا جنونه المؤخر, إلا أن الأبتعاد عن تلك الضوضاء أتاحت الفرصة لأفكاره المقلقة على طرق الباب من جديد وطلب الدخول, فأصبح يقضي أيامه في النوادي البالية والمملة وأبتياع كتب لن يقرأها أبداً. 

وعلى الرغم من ذلك, خصص بعض الوقت لمراجعة هوامشه الفلسفية, لطالما أعجب تيد بـ ديفيد هيوم وشاركه عدّة فلسفات أهمها وأكثرها تأثيراً عليه هي رفض الموقف الأخلاقي العقلاني, يذكره عنق التشبيه بخاصة أفلاطون, والذي يقول فيه أن العقل قائد العربة الذي يوسوس للجواد.

ثيودورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن