الجزء الثالث:

494 35 20
                                    

ثيودور روبرت كويل:

فبراير, ١٩٧٤

صبيحة يوم السبت

في صباح اليوم التالي كان تيد قد أستعد مسبقاً لزيارة المكتبة في الحي المجاور ليستأجر بعض الكتب. وأولى أولوياته كانت تتمثل بالبحث عن كتاب 'بوبي فيشر' لتعليم الشطرنج, وكتاب 'الغثيان' لجان بول سارتر, على الرغم من أن المؤلف يشعره بـ الغثيان, بالإضافة أنه بدأ يشعر مؤخراً ببهوت بريقه حول الناس وبأن مهاراته الأجتماعية قد تضائلت فأخذ عاتق البحث عن كتب متنوعة خاصة بالتنمية الذاتية.

أمسك بالكتب المختارة بين يديه وتوجه بها لأمينة المكتبة التي أبتسمت له أبتسامة مشرقة وبادلها تيد مضطراً. كانت ترتدي نظارات ذات إطار سميك بني اللون وتملك شعراً أصهب مجعد, على الرغم من كونها أمينة مكتبة, فقد وجدها تيد ثرثارة كثيراً لكي تشغل مكاناً في مكتبة. كانت ولا بد من إنها تشعر بالملل فتقوم بالثرثرة مع مستأجري الكتب, وذلك كان أسوء جزء في رحلة تيد الشهرية للبحث عن مختارات نثرية جديدة.

"صباحُ الخير سيد كويل, كيف حالك اليوم" قالت جملتها الأفتتاحية المعتادة بينما هي تكتب له وصلاً. أبتسم تيد بعفوية وأمال برأسه قليلاً للأسفل

"أنا بأفضل حال, كيمبرلي. ماذا عنكِ؟" أجاب ببساطة وهو يلتقط الوصل من يدها ووضع الكتب المستأجرة في كيس ورقي قامت كيمبرلي بتقديمه له. "أود حقاً الدردشة معكِ لكن علي الإلحاق بالقطار المتوجه الى يوتاه, أراكِ لاحقاً!" قال مقاطعاً قبل أن تقوم الفتاة بفتح فمها وهرول مسرعاً نحو الباب.

"ما- لماذا ستذهب ليوتاه! سيد كويل!" صرخت كيمبرلي وهي تميل لسطح مكتبها متجاهلة الزبائن المنتظرين في الصف. تيد كان قد حلق بعيداً خارج المتجر ولم يكن الأمر كأنه جديداً عليه, فقد أعتاد على الهرب من محاولات خلق دردشة مُضيعة للوقت والتوجه للمقهى المتواجد في ركن الشارع المقابل للمكتبة. كانت بداية الشهر بمثابة إجازته الثمينة التي يمجدها. وكان أيضاً يؤكد على السير بخطته المعتادة ابتدائاً باستأجار الكتب والذهاب للمقهى ثم زيارة جدته في يوتاه.

هو لم يكن من النوع الذي يضيق على حياته وطريقة عيشه بجدول تنظيمي يومي, ولم أيضاً يكن يحبذ الأسترجال بأي أمر يرغب به, كان فقط يشعر بأهمية ذلك اليوم القصوى, وبأهمية التروي بأخذ قراراته. كان يسير وفق تخطيط لكن ليس بالمنظم, فكل ما أرشده حدسه إليه كان هو الأمر الصائب. مثلاً, الجلوس على الطاولة الواقعة في زاوية المقهى هو الأمر الصائب لأن اليوم هو يوم السبت وسيكتظ المقهى بالمناسبات الأجتماعية والمواعيد الصباحية التي قد تزعجه عن قراءة جزء من أحدى كتبه الجديدة في هدوء وأستجمام. على الرغم من تفضيله الطاولة بجانب النافذة إلا أنه لم يود تعكير مزاجه ببساطة بأتخاذه قرار طائش.

ثيودورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن