أقمنا حفلة بسيطة في منزلنا كما أرادت ليلى ، حضر أشخاص قليلون من عائلتها و من عائلتي ، كان جميع الحاضرين في الحفل سعداء من أجلنا ، إنتظرت وصول العروس إلى بيتنا على أحر من الجمر وسط بهجة أفراد أسرتي الصغيرة ؛ سمعت أصواتا في الخارج فعلمت أن حلمي الأكبر تفصله فقط بضع خطوات قليلة عني ؛ فتح أخي الكبير الباب فدخلت ليلى بفستانها الأبيض الرائع المتناسق برفقة والدها و امها ؛ لقد تجاهلت بدون قصد جميع المدعوين لأنني ضعت بسبب سحر جمالها الطبيعي و عينيها التي أسرتا قلبي منذ النظرة الأولى ، و أنا واقف كالأبله أتأمل كمية السعادة التي تنتظرني ؛ تذكرت مئات الصور التي كانت تفصل عن حبيبتي فعلمت أن الفشل مجرد وهم و لا شيء مستحيل ، تذكرت لحظات اليأس و الإحباط و الفراغ فشعرت أنني انتصرت ، ثم مشيت في إتجاهها و أمسكت يديها و شاركنا الفرحة مع جميع الحضور ، كان عرسا بسيطا رائع لن ينساه كلانا مادمنا أحياء .أخيرا أصبحت زوجتي و حبيبتي و شريكة عمري !! ، أخيرا أستطيع أن أصرخ بأعلى صوتي بأنني أحبك دون الخوف من أبيك القاسي ، أخيرا أستطيع أن أعانقك و أقبلك و أضمك إلى صدري دون أن نلوم او أن نسأل أنفسنا هل الفعل حلال أم حرام ، أخيرا نستطيع أن نقرر لوحدنا ما نريد أن نصير عليه في المستقبل دون أن يتدخل أي طرف خارجي ثالث ؛ أخيرا يمكنني النوم و أنا مطمئن بأن روحا تحبني و تعشقني ممدة بجانبي و تسكن دواخلي في كل شهيق و زفير لها ، أخيرا عاد الضوء إلى حياتي !!
كان أجمل شهر عسل يمكن أن يعيشه أي زوج ؛ الكثير من الحب ، الكثير من الفهم ، الكثير من الدعم ، لولا ضعف الإمكانيات لبقيت مع حبيبتي منعزلين عن هذا العالم في المدينة الساحلية الجميلة التي سافرنا إليها بعد ليلة العرس ، علمتني ليلى أن الفهم و الصدق لا يحتاج إلى كلام و نطق ، أحببت إهتمامها بأدق تفاصيل حياتي و سعيها في إسعادي بكل الطرق ، مجرد تبادلنا للنظر كنا نفهم من ورائه الكثير ؛ عدنا الى الحياة العادية بالكثير من التفاؤل و الآمل للمستقبل ، إتصلت بعمي عباس و أخبرته أنني سأستقيل من العمل في الشركة و شكرته على كل ماقام به من أجلي و وعدته بزيارته كي يتعرف على زوجتي ليلى ، تفهم الأمر و قال انه تمنى أن يمنحه الله ولدا مثلي ؛ إحتفظت بصورة جميلة له لأنني لم أرى سوءا منه و كنت شاكرا لكل ما قدمه لي دون أي مقابل ، أخبرت ليلى أنني أريدها أن تستكمل دراستها في الجامعة حتى لا تشعر بالملل طول النهار في المنزل فكانت سعيدة لأنها تحب دراستها كثيرا ، أما أنا فعدت لعملي في البناء ،لكن هذه المرة بذكاء و طموح و تخطيط أكبر ، عملت لمدة سنتين ك عامل بناء مع مقاول معروف في المدينة التي اقطن بها ؛ و بعدها تعرفت على مجال شركات البناء فأصبحت أكتري الآليات و أعمل حرا ، في البداية شغلت معي عاملين و بعدها إزدهر مشروعي الصغير شيئا فشيئا ، كنت أترك لزوجتي الجميلة مهمة القيام ب الحسابات لأنها بارعة في الرياضيات ، ساعدتني كثيرا ، إدخرت الكثير من الأموال دون علمي لأنني أحب الإنفاق عند السفر معها ، بفضل الله و دعوات أمي و دعم زوجتي صرت مقاولا له إسم و سمعة في المدينة ، إنتظرنا أن يرزقنا الله بمولود لمدة ثلاثة سنوات لكننا لم نستطع الإنجاب ، قررنا سويا أن نتكفل بطفلين من دار الأيتام ، صراحة هي من إقترحت الفكرة لكنني أحببتها ؛ ملأ الطفلين ريما و مازن منزلنا بالفرح و البهجة و الابتسامة الطفولية ؛ كانت ليلى مثالا للأم و الزوجة و الحبيبة ؛ ذات يوم كنت في عملي ، اتصلت بي أمي و هي تبكي بدموع الفرح لتخبرني أنها ذهبت مع ليلى للطبيب و أخبرهما أنها حامل بتوأمين ، كدت أصاب بالجنون من تأثير الخبر على جمجمتي ؛ صارت لعامل البناء أسرة كبيرة ، ريم و مازن و التوأمين عمران و عائشة ؛ ...بعد الزيارة الأخيرة لوالد زوجتي إلى منزلي ، قبل مغادرته نظر إلي بإحترام و تقدير ثم قال :
- لقد أتبث وجودك يا فتى .
أنت تقرأ
عشق_صامت
Romanceفأسأل نفسي هل ستوافق فتاة متعلمة مثلها على الارتباط بشخص معدم بائس مثلي ، لقد رفضتني الكثير من الفتيات لأن عملي بسيط و متواضع في حرفة البناء ، لكن الفقر لم يمنعني يوما من التقدم في الحياة و الحلم بإنشاء أسرة بسيطة ....