: احب ابشرك ان الايام الجاية جحيم ليكي.. هخليكي تندمي على كل اللى عملتيه
قالها ذلك الثائر و هو ينظر لعيونها البنية بكره بينما هي كانت تقف امامه عاقدة ساعديها تنظر له بعيون دامعة لكن جامدة لا تهابه .. ترتدي ثياب العرس ..
بينما هو... فيقف امامها بعيونه الخضراء و عيونه تحمل الكثير من الغضب و الكره تجاهها...
تبدأ هي بقطع هذا الصمت و تقول..
بدور بنبرة تحمل التحدي : اسمعني كويس يا بشمهندس.. انا مش بخاف غير من اللى خلقني و كمان متنساش اني من حارة شعبية.. يعني لا انا جاية من جاردن سيتي و لا من فيلا او حاجة كبيرة بالمعنى انا عارفة ارد و اعرف كمان اعمل اللى متتخيلهوش و لو انت هتخلي ايامي جحيم.. فان شاء الله ايامك كلها الجاية طول ما انا معاك اجن من مما تتخيل و ابقى قابلني لو مخلتكش تروح السرايا الصفراء يا عنيا، والله العظيم لأخليك تندم على كل اللى عملته و عن كل كلمة قولتها يا ابن القصور...
ابتسم بسخرية و قال : و هي القطة هتخاوفني
بدور و هي تبتسم بتحدي : متستهونش بالقطط يا عنيا... صحيح يبانوا أبرياء و غلابة لكن متنساش ان ليهم اظافر تشخربش اي حد يجي عليهم
نظر لها بتحدي و هي كذلك و يحتل الصمت المكان
و ظلا الاثنان ينظران لبعضهما و كلا منهما في عيونه التحدي و الكره تجاه الاخر ... حتى يقطع هذا الصمت ثائر و يقول : الايام هتبين مين الشاطر يا قطة
بدور : اما نشوف
..... التفت ثائر و اتجه الى المرحاض ام عن بدور فعندما دخل ثائر المرحاض فقررت ان تتأمل الغرفة.. غرفة واسعة يوجد بها كل ما يحتاجه الانسان... سريرا واسعا و خزانة كبيرة و تسريحة و مرآة كبيرة نسبيا... و يوجد بها شرفة و بجانب باب الشرفة يوجد كنبة لونها احمر و كبيرة نسبيا و مريحة...
ظلت تتأمل الاوضة بأعجاب شديد.....بعد ان تأملت بدور الغرفة.. قررت ان تخلع طرحة العروس.. فاتجهت الى المرآة و وقفت امامها و تأملت هيئاتها... ثم تأتي ذكرى ما من ماضيها..
فلاش باك
طفلة ذات العشر اعوام تقف امام امها و تقول : انا عايزة لما اكبر اكون عروسة حلوة و كل البنات تغير مني
الام بابتسامة : ان شاء الله تبقي احلى عروسة يا بدر البدور....
باك
ابتسمت بسخرية و قالت : اديكي بقيتي عروسة بس ... بالبيعة
حبست تلك الدموع بصعوبة... ثم خلعت طرحة العروس و التفتت الى الخلف و اتجهت الى حقيبتها الموضوعة على السرير و فتحتها و اخذت بيجامة حرير طويلة الاكمام و لونها ابيض ثم نظرت للحمام و نفخت و اتجهت الى الطرف الاخر من السرير و جلست عليه منتظرة خروج هذا الثور ..
و بعد دقائق خرج ثائر و قد ابدل ثيابه و نظر لها و وجدها تنتظره ... فلم يعطيها اهتمام و اتجه الى الخزانة و وضع ثيابه بها ام هي فوقفت و اتجهت الى داخل الحمام و لم تعطيه اهتمام هي ايضا..
و بعد مرور نصف ساعة...
يظهر ثائر و هو راقد على السرير واضعا راسه فوق يده... و كان شاردا يتذكر كل ما حدث قبل حدوث هذة الزيجة و ما سبب حدوثها... حتى قطعت شروده خروج بدور و هي تاركة شعرها العنان الذي كان طويلا نسيب و لونه اسود.. فنظر لها بطرف عينه و راقبها و هي متجهة الى حقيبتها و وضعت فستان الزفاف فوقه بإهمال ثم نظرت حولها حتى تعرف اين تنام .. فنظرت الى ثائر الذي تظاهر انه نائما....
بدور بضيق : اوففف طب انا دلوقتي انام فين... طبعا ما انت نايم و مرتاح على السرير و سيبني محتاسة انا انام فين
ثائر دون ان يفتح عيونه : نامي على الكنبة
بدور متفاجئة : انت صاحي
ثائر و هو على حالته : اها في حاجة
بدور : لا و لا حاجة
ثم اخذت وسادة و غطاء و اتجهت الى الكنبة و وضعت الوسادة و الغطاء ثم جلست و رفعت رجليها و تضع راسها على الوسادة و تنظر الجهة الاخرى بينما كانت تفعل هي كل هذا كان ثائر يراقبها.. و بعد دقائق رحلا الاثنين الى نوم عميق.....
بينما في منزل ما يقع في حارة شعبية...
كان يجلس و هو يدخن باستمتاع عجيب فهو قد ارتاح من تلك الحمقاء كما يقول دائما عنها و نسى انها كانت ابنة زوجته الوحيدة ..... تقدمت مرأة ما و هي تقول بضيق خفي : ارتاحت دلوقتي
الرجل ببرود و هو يدخن : جدا
المرأة بحزن : بس البت صعبت عليا اوي يا سيد محدش يقدر يستحمل انه يتجوز بالطريقة دي
سيد بضيق من كلامها : يوووه هو اللى هنعيده هنزيده ما قولنا دي مصلحة متتعوضش و بعدين يا بثينة الراجل شاب و ابن قصور يعني مش راجل كبير زي اللى قبله و هو هيهنيها
بثينة : قلبي مقبوض علشانها اوي
سيد : اوفففف بقولك ايه يا ست انتي قفلي على الموضوع و انسي بقى في واد تاني بنربيه
تهز بثينة براسها يمين و يسار بأسى من هذا الرجل الاناني و قالت في نفسها : عليه العوض و منه العوض يارب هدي سيرها و جيب العواقب سليمة يارب.....
..........
و في الصباح ..
تحرك بدور راسها ثم تفتح عيونها و تنظر للسقف ثم تنظر حولها و تجد ان المكان هادى فتعتدل و تزيح الغطاء من عليها و تقوم و اتجهت الى الحمام... و بعد دقائق خرجت من الحمام و اتجهت الى المرآة و امسكت المشط و مشطت شعرها ثم اتجهت الى الكنبة و رتبت مكانها و جلست على الكنبة و تشرد فى ذكرى ما....
فلاش باك...
: مش هتجوزه
قالتها بدور و هي عاقدة ساعديها و معطية لزوج امها الراحلة ظهرها... بينما هو كان يحاول التمسك حتى لا يغضب و يحاول اقناعها بهذه الزيجة...
سيد : يا بنت الحلال ده راجل غني و ابن قصور رافضة ليه بقى
لتلتفت له و تقول بصوت عالي : قول كدة بقى انت عايز تبعني زي ما كنت عايز تبعني للراجل الكبير مش كدة بردو يا جوز امي
سيد بصوت عالي : يا بت افهمي بقى بيعة ايه ...يا بت افهمي ده راجل متريش و معه فلوس كتيرة و انت هتتهني معه و كمان ده شاب و حلو يعني مش زي اللى قبله
بدور بقرف من هذا الرجل : يا اخي انا مش عارفة امي حصلها ايه علشان تتجوزك افهم انت بقى يا جوز امي انا مش موافقة اني ابقى سلعة للرايح و للجاي و مش هتجوزه و اعلى ما في خيلك اركبه
ليمسك شعرها بقوة فتصيح بألم بينما هو يقول بغضب و صوت عالي : لا يا روح امك انا ما صدقت اخلص منك و بعدين انتي فاكرة نفسك ايه اصلا انتي لا معروفين اصل و لا فصل انتي و امك و انا استحملتك كتير بس علشان العشرة اللى كانت بيني و بين امك لكن هتعصيني و تعصي امري لا ده اللى مستحملهوش و لا اسكت عليه انتي هتجوزيه غصب عنك انتي سامعة
ثم رمها على الارض لتقع و هي تتألم اما هو فخرج و اغلق الباب عليها اما هي فظلت تبكي بحرقة على حالتها....
باك
فاقت بدور من شرودها على صوت دقات الباب فقامت و اتجهت الى الباب و فتحته لتجد انها الخادمة...
الخادمة : الفطار جاهز يا هانم
بدور : طيب انا هنزل
الخادمة : عن اذنك
و رحلت.. بينما قررت بدور ان ترتدي شيئا اخر غير هذا فتتجه الى الحقيبة و تخرج شيئا و تبدل ثيابها و تنزل....
نزلت بدور و هي متجهة الى سفرة الطعام و ترى ان السفرة خالية فتستغرب و تفكر.. اين ذلك الثور؟.. و هل لا يوجد بشر هنا؟ ...
جلست ثم نظرت للطعام و لم تشعر انها تريد ان تأكل... ثم وجدت الخادمة اتية و معاها كوبا من اللبن.. ففتحت عيونها و حاولت تقنع نفسها انه ليس لها... لذلك قررت ان تسأل الخادمة عن هذا الأسالة التي وردت بداخلها...
بدور : بقولك ايه هو فين ثائر
الخادمة : ثائر بيه صحي من بدري و اكل فطاره و دخل مكتبه الخاص...
بدور : يعني هو هنا
الخادمة : اها
بدور : طيب هو ثائر عايش لوحده هنا
الخادمة : لا والده و والدته و اخته الصغيرة عايشين معه بس هم حاليا مسافرين
بدور : امممم
الخادمة : حضرتك حاليا تفطري و تشربي اللبن
بدور بسرعة : لا لا لا متشكرة مش عايزة لبن
الخادمة : انا اسفة يا فندم بس ثائر بيه هو اللى امرني بكدة
بدور : لا انا مش بحبه نهائي ارجوكي خديه معاكي اما عن الاكل فأنا ممكن اكل عادي بس لبن لا
الخادمة : امرك يا هانم
بدور : و كمان طلب بلاش هانم و حضرتك و كل ده انا اسمي بدور و حضرتك قد امي
الخادمة : بس
بدور مقاطعها : مفيش بس انا بدور و بس
الخادمة بأبتسامة : ماشي يا بدور
فتبتسم لها بدور و تذهب الخادمة.... اما عن بدور فتحاول ان تأكل القليل .. و بالفعل تناولت بدور القليل من الاكل و وقفت و اخذت الاطباق الى المطبخ و اتجهت الى الحديقة من هناك...
.........
في مكتب ثائر...
كان ثائر جالسا على مقعده الجلدي و شارد في نقطة ما... يفكر في الايام القادمة و مصير هذة الزيجة الذي اوقع نفسه بها..
ثائر : يا ترى هيحصل ايه الايام الجاية يارب .. و يا ترى هيعمل ايه لو عرف اني اتجوزتها...
اغمض عيونه و ارجع راسه و يتذكر شيئا ما
و فجاة يقوم و يأخذ مفاتيحه و هاتفه و يتجه للخارج...
و بينما هو متجه الى سيارته يلمح بدور تجلس بجانب شجرة تنظر الى شيئا ما.. فقرر ان يتجه لها...
وقف بالقرب منها و قال : متحلميش كتير
انتبهت له و نظرت له ثم وقفت امامه و قالت : محلمش بأيه
ثائر : بالمكان او العيشة كدة كدة الحلم ده هيخلص في اقرب وقت
بدور بغضب : طالما انت هطلقني و بتكرهني ليه اتجوزتني ليه
نظر لها قليلا ثم قال : يعني انتي مش عارفة ليه
بدور : و انا اعرف منين
ثائر بابتسامة سخرية : تمثيل باين اوي و كدبك باين اوي... اسمعي يا بدور انا مش بيدخل دماغي جو انا معرفش و الكلام ده اللى زيك مهما حصل هيفضلوا رخيصين في نظري و مش بتتغيروا ابدا و هيفضل كدبكوا باين اوي و تمثيلك واضح و انتي في نظري واحدة رخيصة و
بدور مقاطعه بغضب : لا اسمعني انت يا ثائر... انا مش رخيصة و لا بكدب و لا بمثل انا لحد دلوقتي معرفش ايه سبب كرهك ليا و ايه سبب الجوازة دي اصلا.. لحد ما نطلق و نخلص من بعض ياريت ننلزم الحدود و محدش فينا يهين التاني لان انا المرة الجاية مش هرد بكلام انت فاهم
ثائر بضحك : تصدقي خوفت انتي فاكرة انك حاجة كبيرة و انك تقدري على اي حاجة بس انتي ضعيفة اوي بنسبة ليا و ممكن في لحظة ادمرك
بدور : الايام هتثبت يا بشمهندس و كله هيبان و الاكيد اني هعرف السبب اللى مخليك تكرهني بس انا حذرتك و خليك فاكر ده كويس
ثم تركته و رحلت من امامه بينما ظل هو كما هو واقفا ينظر لأثرها ثم يذهب الى حيث كان ذاهبا...
اتجهت بدور الى الداخل تحاول على قدر ما تستطيع ألا تبكي امام احدا لذلك اتجهت سريعا الى الغرفة و دخلتها و اغلقت الباب خلفها و استندت عليه و انهارت جالسة على الارض تبكي بحرقة كبيرة... نعم قوية امام الجميع نعم تقدر على اخذ حقها نعم لا تخشى غير ربها.. لكن هي في اخر الامر بشر لديها قلب يتألم من هذة الدنيا.... نظرت بدور الى حقيبتها و تذكرت شيء لذلك قامت و اتجهت الى الحقيبة و فتحتها و ظلت تبحث عنها حتى تجدها .. لعبتها المميزة الذكرى الوحيدة لامها.. صندوق الموسيقي التي تفتحه و تخرج منه فتاة على شكل راقصة بالية و تخرج منها نغمات هادئة تعشقها بدور.. تظل تستمع بدور للموسيقية و تنظر للفتاة نظرة امل و بداخلها تقول قريبا سأصبح مثلك.. و اكون كالطاير اطير بين السحاب...
تتجه بدور الى السرير و تجلس عليه و هي تستمع للموسيقية و تنظر للفتاة ...
و في مكانا ما
يهب واقفا بغضب و يقول : ازاي تجوز.. مش انا دفعتلك يا بنى ادم... اهاا هو دفع اكتر... و يطلع مين بسلامته... يعني ايه ميخصنيش... تصدق انت راجل زبالة و انا مش هرحمك ... هجيبك لو تحت الارض... الو الو
القى الهاتف بغضب على المكتب و جلس على مقعده حتى يهدأ قليلا.. جلال الدين الاسيوطي... رجل اعمال مشهور في اواخر العقد الخامس و مع ذلك رجل لا يخشى احد و لا يفرق معه احد.. لا يهمه إلا نفسه.... كان يحاول التزوج بشابة لكن لن ينالها..
جلال لنفسه : يا خسارة البت كانت جميلة و عجباني بس على مين هجيبها هي و الاستاذ اللى اتجوزته ...
و امسك علبة سجايره و اخرج واحدة و اشعلها ثم نظر بشرود للنقطة ما و عيونه تحمل الكثير.....
و في المساء...
ات ثائر القصر و ناد على الخادمة..
ثائر : هي فين
الخادمة : في الاوضة من الصبح
ثائر : مأكلتش حاجة
الخادمة : لا جيت اناديها علشان تتغدا قالت مش عاوزة
ثائر : ماشي حضري السفرة و انا هجيبها و اجي
الخادمة : ثائر بيه عايزة اسألك سؤال
ثائر : ايه
الخادمة : حضرتك بتكرها و مع ذلك مهتم لأمرها .. طب تيجي ازاي
شرد قليلا في شيئا ما ثم نظر لها و قال : اسباب كتيرة تخليني اعمل كدة المهم نفذي اللى طلبته منك
الخادمة : امرك
و تركته .. اتجه ثائر الى الاعلى و منها اتجه الى الغرفة و عندما يصل للغرفة فتح الباب و نظر للغرفة يبحث عنها ليجدها تجلس على الكنبة و شاردة حتى انها لم تنتبه له عندما دخل... ظل ينظر لها و يتأملها يظهر في عيونها الهم و الحزن و ايضا يلاحظ اثار دموع على خدها.... هل بكت؟ سأل نفسه هذا السؤال بأندهاش.. فدائما يرى انها هي تلك الفتاة القوية التي لا تخشى احدا و لا تبكي ابدا.. فلماذا الان تبكي؟..
ابعد كل هذا عن تفكيره و اصدر صوتا حتى تنتبه له فتنتبه له و تنظر له ثم تنظر للجهة الاخرى و لا تعطي له اي انتباه...
ثائر : مأكلتيش ليه
لا يوجد رد
ثائر : بكلمك
بدور بهدوء : ماليش نفس
ثائر : مفيش حاجة اسمها ماليش نفس في حاجة هأكل
بدور : و انت مالك أكل و لا اتنيل هو انا اهمك اصلا في حاجة
ثائر : اها تهميني
فنظرت له باندهاش و قامت و وقفت امامه و قالت : ده ازاي يعني... مش انا رخيصة و وحشة و بتكرهني يبقى بهمك ازاي
ثائر : مش هجاوب على سؤالك فريحي نفسك و متسألهوش تاني
بدور : نفسي اعرف سبب اللى بتعمله ده كله ايه
ثائر : ريحي نفسك انا مش هريحك في الحتة دي
ظلت تنظر له و هو ايضا و حل الصمت بينهما و كلا منهما في عيونه الكثير من المشاعر الخليطة و الكثير من التساؤلات... حتى قطع هذا الصمت ثائر بقوله ..
ثائر : خمس دقايق و الاقيكي تحت عند السفرة و ممنوع الرفض او التاخير
و قبل ان تنطق اي كلمة تركها و اتجه الى الخارج.. ظلت واقفة مستغربة ما يحدث لها فكيف يكرهها و يهتم بها في نفس الوقت...
بدور لنفسها : يا ترى ايه السر يا ثائر......