الفصل السادس
يظهر ثائر الذي كان في حالة سيئة ..يجلس على طرف سريره و ينظر للشرفة و عيونه تحمل الكثير و الكثير ..الدموع تحارب و تحارب ..شعر و كأنه في غيبوبة ليست بدور .. بدور .. تلك التي غابت عن عالمه و عالمها .. لفترة غير محدودة ..لا احد يعرف متى ستفيق ؟ ..و إذا فاقت ماذا سوف يحدث ؟ ...لم يرأها ..خشى ان يرأها .. مرت ثلاث ايام و هو هكذا لا يتكلم لا يأكل لا يفعل اي شيء غير ان ينظر للشرفة ..قلبه يتألم من الندم و الخوف على ..حبيبته .. نعم قد اخطأت لكن خطأه اكبر و بشدة .. قلبه يعاتبه بشدة ..كيف تقتلها ؟ ..كيف تجعلها تغيب عني ؟ ..كيف ؟
لم يتحمل فتعانق يديه وجهه و يبدأ بالبكاء و الشهقات تعلو و تعلو ...
دخلت منال و اغلقت الباب خلفها و اتجهت اليه و وقفت امامه ... تنظر له لا تعرف هل تعانقه ام تضربه ام تنهره .. تعانقه لانها شعرت بألم قلبه ..تضربه و تنهره لانها ترى ثائر اخر ..ثائر اسم على مسمى ..عماه الغضب ..لكن لماذا ؟ لماذا فعل هذا ..و اخيرا قطعت الصمت و قالت بغضب مكتوم...
منال :ليه ..ليه يا ثائر عملت كدة ليه
نظر لها بعيون دامعة و محمرة و قال بصوت موجوع..
ثائر ببكاء :علشانك
منال بأستغرب :علشاني ؟
ثائر :علشان احميكي ..علشان مخليش جوزك يتجوزها
منال بصدمة :ايه
ثائر :ايوا جوزك جلال بيه كان عايز يتجوز بدور يا امي ..و بدور كانت موافقة .. انا اتجوزت بدور علشانك ..علشان احميكي ..بس ده مش معنى اني كنت قاصد يا امي اني اضربها صدقيني مكنتش اقصد مكنتش اقصد ..الغضب عماني حتى ماخدش بالي من الازاز ..والله ما اخد بالي
منال بصدمة :ثائر فهمني الحكاية من اولها
هز لها راسه و قص لها كل ما حدث و بعدما انتهى ..
ثائر :والله العظيم ما كنت اقصد اني اعملها كدة والله ما كنت اقصد
بينما ظلت منال تنظر له بصدمة و الدموع تجمعت في عيونها و صاحت و هي تقول :لا ..لا بدور مظلومة ..مظلومة
نظر ثائر لها بعدم فهم و قال :مظلومة ؟ ماما هو انتي كنتي تعرفي
منال :ايوا كنت اعرف ..ايوا بدور مظلومة بدور مكنتش عايز تجوز جلال ..
وقف ثائر امام امه و سألها :انا مش فاهم حاجة فاهميني ارجوكي ..
منال :من مدة لاقيت واحدة جت هنا بتتوسل ليا ان ابعد جلال عن بدور .. و لما جيت اطردها حكت لي كل حاجة و طبعا انا مصدقتهاش لكن سمعت ابوك و هو بيتكلم مع جوز امها و بيتفقوا و روحت اتصلت بسرعة ببثينة و عرفت من بثينة ان بدور كانت بتشتغل في الشركة و كانت بتتوسل ليا ان اخلي الجوازة دي متمش و حكت انها مش بنتها و انها يتيمة و انها غلبانة و متستاهلش ده كله علشان كدة دبرت السفرية دي و خليت مريم تكلم عن السفرية دي بردو لحد ما سافرنا .. و في يوم كلمتني بثينة و قالت ان بدور اتجوزت واحد تاني و بردو بس شاب و باين انه كويس بس بدور مكنتش علشان حست انها سلعة رخيصة بتتبع لده شوية و ده شوية ...قولتلها مش هو كويس يبقى ان شاء الله هيسعدها ..مكنتش اعرف ان الشاب هيبقى ابني و انا معرفتش بدور لان عمري ما شوفتها .. ههه و الشاب اللى كنت بقول يا رب يسعدها علشان حسيت بالشفقة عليها و حطيت مريم مكانها و صعبت عليا ..اداري ان الشاب ده اكتر واحد هيتعسها و كسرها و كان هيتسبب في موتها …ليه مجيتش تقولي يا ثائر .. كنت قولي و انا هفهمك ....بس يا خسارة فات الآوان فات
شعر ثائر و كأن هناك خنجر دخل قلبه و قتله ... ظل ينظر لأمه بعيون صادمة لا يصدق ما سمعه ..و ظل يهز راسه بالرفض ثم قال ببكاء و صدمة ...
ثائر :انا .. انا .. انا ..انا ضيعتها .. بدور مظلومة .. مظلومة .. و انا ضيعتها ..انا دمرتها .. انا خسرتها .. و هي مظلومة
ثم ظل يقول اسم بدور و نظر لأمه و اتجه بسرعة خارج الغرفة متجها الى المستشفى ...
بينما ظلت منال واقفة و تشعر بالذنب الشديد و تبكي ...
منال : انا السبب انا السبب....
و جلست على الكنبة و ظلت تبكي ....
...
يصل ثائر المستشفى و يسأل عن مكان بدور فتقول موظفة الاستقبال انها في العناية ..فركض يبحث بعيونه عن غرفة العناية حتى يجدها ..لكن لا يستطيع الدخول لكن وجد نافذة من الزجاج تظهر من خلال بدور التي كانت غير واعية ..كان هناك بعض الجروح على وجهها ..و يدها ايضا كانت بها الجروح ...
اتجه ثائر الى النافذة و نظر لها من خلف النافذة .. بكى .. بكى بشدة و هو ينظر لها و يشعر بكثير من الندم ... يريد ان يدخل لها و يمسك يدها و يتحدث عن كل ما بداخله ... وجد الممرضة تخرج من الغرفة فيتجه لها و ...
ثائر :بعد اذنك انا عايز ادخلها ارجوكي
الممرضة :اسفة مينفعش ..ممنوع حد يدخل غرفة العناية
ثائر :ارجوكي انا عايز ادخل يمكن لما اكلمها تحسي و تقوم ارجوكي انا جوزها ..ارجوكي
ترددت الممرضة لكن شعرت بالشفقة عليه بسبب دموعه و ترجيه لها فتقول :ماشي تقدر تدخل خمس دقايق بس ماشي
هز راسه بنعم و اتجه الى داخل الغرفة ...
اغلق الباب خلفه .. نظر ثائر لها بعيون دامعة و اقترب ببطئ و وقف بجانبها و ركس و ببطئ وضع يده على يدها ...ظل يتأملها ...يتألم بشدة من جروحها و تذكر الحادث و كيف اصطدمت بزجاج و اخر كلمة قالتها ...بكرهك...اغمض عيونه بشدة و وضع راسه على يدها و بدأت يبكي بشدة و الشهقات تعلو ..رفع راسه و نظر لها و قال...
ثائر ببكاء :انا حاسس انك سمعاني ...حاسس انك حاسة بيا ..سامحيني ..سامحيني يا بدور ارجوكي سامحيني .. بدور ..انا ..انا اسف .. انا غلط ..غلط اوي اوي ..غلط في حقك و حق قلبك و قلبي .. انا ظلمتك اوي يا بدور ..عارف و متاكد انك عمرك ما هتسامحيني لكن يكفي شرف المحاولة .. بدور انا كنت عايز اعترف لك اعتراف .. انا .. انا بحبك ..بحبك من ساعة ما شوفتك ..من ساعة ما شوفتك و انا مش شايف غيرك كنت برقبك من بعيد .. كنت لما بشوفك بتضحكي بحس ان الفرحة مش سيعاني .. بحب فيكي قوتك بحب فيكي طيبتك ضحكتك بحب فيكي كل حاجة .. لما عرفت حكايتك انتي و بابا كدبت كل حاجة جوايا و قولت اني بكرهك ..و حاولت احمي عيلتي و اتجوزتك ..نظرتي فيكي كانت صح انتي من برة لكن جوا ضعيفة اوي ..حسيتها ..حسيت ضعفك لما سمعتك بتغني و حسيت وجعك .. علشان كدة اتغيرت قولت بلاش ابقى قاسي يمكن جواها حاجة وجعها بلاش ازيد عليها ..و لما حكيتي ليا الحكاية بقيت محتار اصدق مين و وفقت على المعاهدة ..علشان ادي للنفسي فرصة اكتشفك .. و فعلا اللى حاسبته طلع صح انتي مكسورة من الناس و من حاجات كتير .. و لما بدأنا نقرب اكتر ...المشاعر بدأت ترجع تاني و بقيت احس اني رجعت احبك ...بقى جوايا صراع .. عقل يتخانق مع القلب و النفس تدخل الموضوع لحد ما تعبت من خناقتهم و بقيت اكبر منهم بس طبعا ده صعب لا حد يقدر يكبر لعقل او لقلب او لنفس ..التلات جوا البنى ادم و محدش يقدر يبعد عنهم لانهم اكتر الاصدقاء المخلصين مش فاضيين غير ليك .. لما سمعت الفيديو حسيت ان كل حاجة اسودت و حاولت اتمسك اكتر بس والله العظيم ما كنت اقصد اضربك او اعمل ده كله انا بس عايز اهينك بالكلام لكن انا عمري ما فكرت اني امد ايدي و لما ضربتيني الغضب عماني و حصل اللى حصل ...بدور اقومي .. اقومي انا محتاجلك اوي ..اوي ..علشان خاطري اقومي ...
وضع راسه على يدها و حل الصمت ..انتبه ثائر لصوت الممرضة فنظر لها و مسح دموعه و وقف و قال ..
ثائر : اسف اني اتأخرت
الممرضة : لا و لا يهمك
نظر لبدور و وضع يده على راسها و قبل راسها ثم التفت و اتجه الى خارج الغرفة ....
.....
في القصر
كانت منال تجلس في غرفتها ... كانت في حالة سيئة ....ماذا تفعل ؟ ..حاولت ان تحمي عائلتها سنين و لكن الان ماذا ؟ ..كل شيء خطأ ..كل ما يحدث خطأ ..خيانة زوجها خطأ ..تدمير حياة بدور خطأ ..حزن أبنها خطأ ..كل شيء خطأ ..خطأ ..دخلت مريم الغرفة و اتجهت لأمها و جلست امامها و قالت ...
مريم :ماما هو في ايه مالكوا كلكوا مضايقين ليه ..ليه بدور حصلها كدة و ليه ابيه بقى قاسي
منال :لا .. لا ثائر مش قاسي .. ثائر اتسرع ...و ده غلط ..زي ما كل اللى حصل غلط ...غلط
مريم :انا مش فاهمة حاجة ..فاهميني ارجوكي ليه كل ده بيحصل ارجوكي
منال :بصي يا مريم .. حبيبتي انتي كبرتي و لازم تعرفي كل حاجة بس توعديني انك تستحملي
مريم :اوعدك
قصت لها كل شيء و عندما انتهت ...
مريم بصدمة :معقول ... معقول يا ماما .. بابا ..بابا خاين .. ليه و أبيه و بدور ..مش معقول
منال :دي الحقيقة ..دي الحقيقة يا حبيبتي و للاسف الضحية فيها كانت بدور ..بدور اللى ذنبها الوحيد انها يتيمة ملهاش طهر معندهاش حد يحميها .. كانت بتحمي نفسها بنفسها بس بردو.. انهارت ..
مريم :فعلا بدور صعبت عليا اوي و ابيه اتسرع بطريقة غبية ...
منال بتنهيد :لا حول و لا قوة إلا بالله .. يارب اصلح الحال يارب
دخلت مريم في حضن امها فقامت منال بعناقها ....