Part 5

125 16 0
                                    


صُعقت من المشهد ، يستحيل أن أدخل إلى الحانة ! لكن الرجل الضخم بقي واقفاً ينتظرنا ، سرت قشعريرة في جسدي و دفعت نايجل أمامي ، فإن كنا سنتلقى الضرب فيجب أن يكون هو الأول ، و واضح أن نايجل فهم ما فعلت فنظر لي و هو يتعرق و مرتعب و قال :" سيدي العزيز .. النبلاء أولاً ! " ، يريد قلب الأمور !

دخل الرجل و أبقى الباب مفتوحاً ، التصقت بنايجل و أخذنا نرتجف و دخلنا الحانة بخطوات مترددة ، و يالمشهد الرائع ، لقد كان جميع روادها ضخام الحجم ، بدأت أعتقد أن العمالقة الذين صادفناهم في الغابة ظرفاء ...

كانوا كلهم ينظرون باتجاهنا ، رباه إن لم أخرج من هذا سليماً فاعلم أن كل الأمور الفظيعة التي أقولها عند الإكتئاب ما هي إلا تخاريف ...

جلسنا للطلب ، لكني كنت أرتجف كفأر خرج لتوه من الماء .. لكن من الرعب .. قال صاحب الحانة :" ماذا تطلبان ؟ " ، أطلقت صيحة أنثوية من المفاجأة ، أريد أن ألقي بنفسي من على جرف حالاً ! ياللاحراج ، وضع نايجل ليس أفضل ، فقد كان كمن تعرض للدغة أفعى و الزبد يخرج من فمه ..

قلت :" أُ .. أُ .. أُريد .. امم .. حسناً كما ترى .. أنا مجرد عابر سبيل .. جائع .. لذا هل من المتوقع أن أجد .. ط.. طعام ؟ " ، لم أجرؤ على رفع نظري له ، ثم ضحك بقوة و خبط يده على الطاولة و أصدرت صوتاً عالياً ، الآن بتُ متأكداً أن ضربة واحدة من يده يمكن أن تقضي عليّ ...

ثم قال :" بالطبع ! في حانة الثور كل شيء متوفر ! هيا ماذا تحبان ؟ بالنظر لكما يبدو أنكما لا تأكلان جيداً ، هل أنتما من المنطقة الشمالية ؟ إذاً من الممكن أنكما نباتيان ؟ " ، قمت بسرعة و قلت :" كلا أنا لاحم ! " ، ما الذي قلته بحق الجحيم ! و هل هذه طريقة لقولها ؟ لكني لا أريد سلطة ، أرجو أن ينسى ما قلت من أول ثانية ...

ضحك بقوة أكبر الآن ثم خبط يده على كتفي ، أظن أن كتفي تحطم ، ثم نادى على الطباخ :" أحضر لهما قطعة لحم مشوية بالحجم الكبير ! " ، ثم نظر لي و قال :" أعجبتني يا فتى ! ستكون القطعة على حسابي ! " ، ما هذا الكرم ؟! هل فعلت شيئاً جيداً الآن ، سال لعابي و أصدرت معدتي صوتاً عالياً ، كما قلت أريد أن ألقي بنفسي من على جرف ...

لم ينطق نايجل بحرف ، و كان كمن يتلو صلواته الأخيرة ، ثم نظر لي و قال :" اللحم محرم .. " ، تجاهلت ما قاله ، ثم صرخ فيَّ :" أرجوك لا ! اللحم محرم في منطقتنا ! " ، قلت له :" و ما شأني بتحريمكم هاه ؟ أنا جائع ! و أيضاً خرجت من منطقتك لذا يمكنك أن تأكل هنا صحيح ؟ أعني ربما التحريم مخصص بمنطقة ؟ " ، أطرق يفكر بما قلت ، ثم قال :" أتعلم ؟ ربما معك حق .. لأن بمنطقتنا كنا نعطي اللحم للتنين الذي يحكمها .. " ، لا أعلم لمَ أشعر كأني جعلت شخصاً ينحرف عن طريق الحق .. لكن لا يهم ما دمت سآكل الآن ..

جاء الرجل بطبق ضخم ، هل كل شيء ضخم عندهم ؟ ... بدأت بتناول الطعام بشراهة ..

امتلأت و لا أعتقد أنني أستطيع تناول المزيد ، نظرت لنايجل الذي كان يبكي و هو مبتسم ، حدد مشاعرك !

بعد التنظيف ، كانت الحانة نصف ممتلئة ، ثم سمعت صوت خبط الباب ، و دخل رجلان يجران آخر مليء بالجروح ، ثم ألقياه على الأرض ، و نفضا يديهما و بدأ الجميع بالضحك ..

" يبدو أنه خسر أيضاً "

" مسكين كانت لديه طموحات عالية "

نظرت لصاحب الحانة و سألت :" ماذا حدث له ؟ " ، أجاب :" ايه ، مجرد متسابق آخر ، خسر ضد الثور ، لا تشغلا بالكما به ، لا أحد يفوز على أي حال " ..

سألت :" الثور ؟ " ، رد :" نعم ، رمز القرية هذه ، من يستطيع هزيمته يحصل على ثروة طائلة من قرنيه ، لا تهتم فأنا لا أتصورك واقفاً أمامه " ، انتفضت و قلت :" ماذا تقصد ؟ " ، قال :" لا، لا شيء ".. ضربت الطاولة بقبضتي و قلت :" تقصد أني ضعيف ! سأثبت لك العكس ! أين هو ؟ و سأواجهه " ، أطلق نايجل صيحة و قال :" لا ، لا تفعل ! فأنت جبان مثلي ! من أين جاءت هذه الشجاعة الزائفة ! " ...

قبل أن أرد سمعت صوت رجل يقول :" أمسكت بك أيها اللص ! " ، نظرت للخلف و كان الرجل يمسك بطفل صغير ، الذي ركله و أفلت من قبضته ، و نزل تحت الطاولات ليهرب ، و قبل أن يصنع طريقه خارجاً أمسكت به ...

شعره يبدو مألوفاً ، التفت الطفل لي ، و صرخنا بنفس الوقت حين التقت أعيننا !

هذا لا يعقل !

إنه أنا ! الأصغر !

البيضة السحريةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن