Part 3

183 19 1
                                    


ركضت في مسار الضوء ، لكن توقفت عند مفرق طرق ، الأول يؤدي لغابة مظلمة و مخيفة و لا أوراق على الشجر ، و الثاني لغابة خضراء نضرة ، و مليئة بالأزهار و الأوراق الملونة ، كغابة القصص التي أعرفها ... لكن مسار الضوء يمر عبر المظلمة ...

سمعت صوت نايجل و هو ينادي :" تمهل ! تمهل أنت سريع جداً ، لقد تعبت " ، نظرت خلفي ، و كان يصارع للوقوف على قدميه و يلهث ، ألقى بنفسه على ظهره و أخذ يتنفس بسرعة ، ليس ذنبي أني رياضيّ !

أخذت خطوة بإتجاه الغابة الخضراء ، هتف نايجل :" الطريق من الغابة الأخرى !! " ، آخ أكره كونه معي ، قلت له :" أنا لن أذهب من تلك الطريق المخيفة ! و أيضاً من يدري ماذا سأقابل هناك ، سأذهب من الغابة الخضراء و ربما نصل لنقطة تقاطع بينهما ، ما أعنيه هو ، نهاية العالم ليس لها طريقة واحد صحيح ؟ " ..

ضيّق عينيه و هو ينظر لي و قال :" أنت أجبن مما كنت أعتقد " ، احمر وجهي و صرخت :" لست جباناً ! مجرد حذر و حرص على السلامة فقط !" ..

مشيت بإتجاه الخضراء ، فظهر مسار ضوء قصير ، قفزت من الفرحة و قلت :" أترى ؟! يوجد مسار لذا الطريق صحيح ! " ، ما زالت نظره الاستهترار على وجه نايجل :" بحق أنت جبان ... " ، تجاهلت كلامه و تقدمت ، ما الذي سيفعله أصلاً ! أنا البطل و سيتبعني مهما حدث .

كانت الغابة جميلة جداً ، أروع مما تبدو من بعيد ، أصوات الطيور و حركة الحيوانات هي فقط ما تسمعه ، لا أصدق أني أحب مثل هذه الأشياء ، انفرجت الابتسامة على وجهي ، حتى قاطعني نايجل :" و الآن لأين ؟ " بابتسامة حقيرة ، أنا أكرهه ، عدتُ للعبوس و قلت :" سأسير أنا حالما أريد ، ألم تكن تعباً قبل قليل ؟ " ، تجهم و قال :" حسناً ، سنجلس هنا لفترة قليلة فقط " ..

وضع الحقيبة و استلقى تحت شجرة قريبة ،و غط بالنوم بسرعة ، و أنا أخذت أستمتع بالمناظر ، لحتى ..

سمعت صوت خبطة قوية بالأرض ، نظرت لمصدر الصوت ، فكان عملاقاً بثلاث رؤوس يحمل هراوة ضخمة ، زَعقتُ ! فاستيقظ نايجل إثر صوتي ..

هربت بسرعة للأمام بدون أن أعلم وجهتي ، و لحق بي نايجل و هو يصرخ خائفاً ، يبدو أننا أجبن من بعضنا ، تبعنا العملاق بسهولة ، و توقف أمامنا و قطع الطريق علينا ، حاولنا التراجع و الهروب ، لكنه خبط هراوته خلفنا ، نحن محاصرون ، نظرت للجوانب لأجد طريقاً ، لكن جاء عملاقان آخران ، و أحاطوا بنا ... كنت أتمنى أن تكون نهايتي أفضل بكثير من هذه ...

رفعوا هراواتهم ليضربونا ، سنصبح بطاطا مهروسة الآن ، لا لحمة ، وضعت يدي على رأسي من شدة الخوف ، أمسك بي نايجل و هو يرتجف ، قبل أن أموت أريد أن أعتذر لأني سلكت طريقاً غير المفروض ...

قلت :" أرجوكم أي شيء ، فليضربهم ! " ، بعد أن قلت كلمتي الأخيرة ، خرج السيف الكريستالي من حقيبة نايجل ، و أخذ يضرب العملاقة بقوة و بسرعة ، لدرجة أني لم أتبع ما يجري ، و في ثوانٍ كان العملاقة الثلاثة مقطعين و ملقيين على الأرض ، مشهد مخيف لن أتكلم بالتفاصيل ، ثم عاد السيف لمكانه ..

تبادلت أنا و نايجل النظرات ، ثم أخذنا بالركض بدوائر ، لحتى ارتطمنا ببعض ، و سقطنا ...

لم أجرؤ على الوقوف ، قلت و أنا أحدق للسماء الزرقاء فوق :" هيه ، كان هذا غير متوقع صحيح ؟ " ، قام نايجل بسرعة ، و حجب رؤية السماء ، و قرّب وجهه و صرخ :" غير متوقع !!!! أتمزح معي ؟ لولا فكرتك الغبية لما حدث لنا هذا ، نهاية العالم لها أكثر من طريق ؟ هاه ؟ هذا ما قلت ! و الآن اجعل هذه الطريق توصلنا ! " ، أزعجني وجهه الغاضب ، فلكمته ، ليسقط و هو يمسح أنفه ، قمت و نفضت ملابسي ، و قلت :" سأجعها توصلني ، لا تتحدث معي بهذه اللهجة مجدداً " ...

رؤيته و هو مغلوب على أمره ، جلعني أشعر ببعض الغرور ، صعّرت خدي و أكملت طريقي ...

أنا متأكد أنني سأموت في المرة القادمة إن أكملت عنادي ، لكن لا يهم ما دمت القوي هنا !

سرنا لساعات كثيرة ، لكن لم تظلم أبداً ، و كأنه نهار دائم ! لقد تعبت الآن حقاً ، نظرت لنايجل الذي بقي ساكتاً و لم يتذمر مذ لكمته ، مسحت تحت أنفي و قلت :" أنا تعب .. سأنام " ، أشعر بالاحراج الآن لما فعلته ، كان يجب عليّ أن أفكر قبل أن أقوم بشيء ...

تنهد نايجل و قال :" ظننتك لن تقول شيئاً ، يمكننا النوم عند ضفة النهر ، ليس بعيداً من هنا "، أومأت له بالموافقة ، و صرت الآن أنا أتبعه ...

دقائق بالسير بين الحشائش و الأغصان المزعجة و وصلنا ، كانت مياه النهر صافية جداً ، كأنك ترى لوحة ، أسرعت لأشرب منه ، الماء نقي جداً و منعش ، لا أريد الخروج من هذا العالم ! كل شيء كعالم الأحلام الذي صنع خصيصاً لي ...

قال نايجل :" هيا كف عن شرب المياه كمن يتعاطى مخدرات ، يمكنك النوم هناك تحت الشجرة ، جهزت مكانك " ، سأقتل هذا الشاب حقاً !

عبست و توجهت لمكان نومي ، أوراق الشجرة تحجب أشعة الشمس ، لم أستغرق الكثير من الوقت ، و غططت بالنوم ...

البيضة السحريةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن