توقف عند حديقه عامة حيث يلعب الاطفال ، ذهب و جلس على أحد الارجوحات و ظل يتأرجح قليلاً قليلا ، مر طفل صغير من أمام فادي ،أطرق و ظل ينظر إلى حذاءه و أعاد ربطه مجدداً
: بثينة ، لطالما اردتِ أن يكون لدينا العديد من الأطفال ، و لكن ذلك خيب أملنا بعد اكتشاف ذلك المرض الذي أصابك و الذي أعاق كل ما تمنينا أن نصبو إليه ، كنتِ حزينة جداً ، ربما كانت تلك المرة الأولى التي أراكِ فيها برداء من اليأس ، لكن سرعان ما عاد إليكِ بصيص الأمل ، و أكملنا حياتنا و كأن شيئاً لم يكن ، و رفضتِ العلاج ايضاً ، و إلى يومي هذا لازلت أجهل سبب ذلك.
ينهض خارجاً من الحديقة العامة ، مبتعداً عنها ببضع مترات ..
: و في تلك الليلة كنتِ تصفين لي فطوراً شهياً أردتِ إعداده في الصباح ، و لا زلت أجهل ما هو و لكنني اشتهيته بالفعل . استيقظت صبيحة العاشر من فبراير على مشهد أليم إعتصر قلبي، حبس انفاسي ، انتزع روحي من محلها ، أراك تحدقين فالفراغ و لا تستجيبين لي ، كنتِ في تلك اللحظة يا بثينة قد غادرتِ العالم الذي كنا نعيش فيه معاً تاركة خلفك ذكرياتنا الثمينة ، و منذ ذلك اليوم و انا أحفر خنادق و أدفن نفسي بها كي أتجاهل حقيقة فقدانكِ الأبدي ، لكن يا عزيزتي ...
يقف أمام قبر ، يضع باقة الخزامى و يجلس ، يمسح على قبرها و يزيل اوراق الشجر المتساقطة ، اغرورقت عيناه بالدمع ، يحاول أن ينطق بشيء ما ، لكنه يشعر و كأن حاجز خانق عند حلقه ، يمسك بحفنة من التراب من تراب قبرها و يقول بصوت منخفض متقطع
: بثينة ، أريـ .. أريدكِ ، هنا بـ .. بجانبي الآن
فاضت عيناه بالدمع منذ اللحظة التي نطق بها ، يصك أسنانه بقوة و يغطي على عينيه ، أخرج كل ما في نفسه من حزن مكتوم ، أطلق العنان لمشاعر حبست من ساعات فراق مبكية مؤلمة ، لدرجة أنه لم يلحظ بأن وسام كان خلفه ..
أنت تقرأ
بين اللقاء و الفراق
Contoمشاركتي التي فزت بها بالمركز الاول في مسابقة مطبعة جامعة اكسفورد للقصة القصيرة عام 2014 في فئة 15 إلى 17 سنة