السجين
الحلقه الأوليمنذ عدة أيام وأنا كل يوم أزور سجنا لأبحث عنه هناك ولا أجده ،لكني لن أفقد الأمل سأواصل بحثي حتى أجده، رغم أن لا أحد يعرف مكانه أو إستطاع أن يدلني عليه. اليوم في الصباح الباكر قبل خروجي لبدء رحلة البحث إتصل على هاتف البيت شخص قال إن عمرو محبوس في سجن طره ويريد أن يذهب له أخوه بمال وملابس شكرته وطلبت منه أن يخبره أننا سنذهب إليه اليوم.أخبرت حماتي بما حدث وأنه يريد من زوجي علاء أن يذهب إليه فرد علاء كالعاده خائفا مرتجفا وممسكا بيد أمه:
-أنا أروح السجن ؟؟ما أقدرش بعدين يحبسوني معاه ياماما
فقلت بعصبية:
-يعني هتسيب أخوك محبوس ومتسألش فيه؟؟
-مش هو اللي عمل بطل ونزل يدور على أصحابه في الميدان وماسمعش كلام أمه يستاهل ماليش دعوة بيه
ردت والدته المريضه وقالت :
-روح ياعلاء شوف أخوك وطمنني عليه نفسي أشوفه قبل ما أموت
فبكى علاء وقال:
-عايزاهم يسجننوني معاه أنا كمان؟
فقلت بحده:
- خلاص يا حاجه هاروح أنا
أعددت له ما يحتاجه من ملابس وطعام ومال وذهبت إليه، وفي الطريق تذكرت كيف تعرفت بعمرو كنت في الثامنة عشر من عمري و عائده من عملي في محل ملابس الذي ينتهي الساعه11 ليلا،فتعرض لي بعض المدمنين وحاولوا التحرش بجسدي ولما قاومتهم جذبوني إلى أحد الشوارع الجانبيه وبدأوا يتحسسوا جسدي بشكل مثير للغثيان، فدافعت عن نفسي بقوه وصرخت لينقذني الماره فحاول أحدهم كتم أنفاسي،بينما الأخر يلمس أجزاء حساسه من جسدي وأنا أحاول ركله بقدمي، وفوجئت بشاب قوي تصدى لهم وضربهم بقوه حتى فروا من أمامه مرعوبين بعدما أصابوه بجرح في يده، قطعت جزء من كم قميصه و ربطت له الجرح وقلت:
-مش عارفه أشكرك إزاي إنت أنقذتني
فقال بغضب:
- واحده زيك ترجع متأخر كده ليه؟
- أكل العيش مر، أنا باشتغل في محل اللبس اللي في الميدان وباخلص 11 ومحتاجة للشغل ده جدا عشان أساعد أبويا على مصاريف إخواتي
-ومالكيش أخ ييجي ياخدك؟؟
-إخواتي صغيرين في إبتدائي وأبويا مريض وبيشتغل شغلتين عشان يقضينا
-حاولي تدوري على شغل يكون بالنهار أو ترجعي بدري شويه
-حاضر
أوصلني حتى البيت وشكرته مره ثانيه وعرفت أنه صاحب محل بقاله قريب منا. لم أنم ليلتها بل ظلت صورته تشغل بالي إنه فارس الأحلام الذي طالما حلمت به، شهم وشجاع وملامحه جذابه بجسده الطويل وعضلاته البارزه وبشرته السمراء وعيونه السوداء ذات النظره الغاضبه ،ورغم وسامته ورجولته فإنه محترم لم يحاول إستغلال الفرصه للحصول على رقم هاتفي أو التعرف علي. ذهبت في اليوم التالي لأطمأن عليه فأجابني متجهما بكلمات مقتضبه ولكن نظرة عينيه كانت تقول شىء أخر، لذا كنت أتعمد أن أمر عليه كل بضعة أيام بحجة شراء إحتياجات البيت ونتبادل معا بعض الكلمات ويسألني عن عملي وأحوالي وأجيبه ثم أبتسم له مودعه، كانت تلك الكلمات هي زادي الذي يمنحني القوه لمواجهة قسوة العيش وظروف الحياه الصعبه بالإضافه لسخافات العمل وتحرشات بعض الرجال بل من يدعون أنهم رجال وهم أبعد ما يكونون عن الرجوله إذ أن للرجوله عنوان واحد عمرو فقط.ذات يوم قابلتني والدته في المحل بترحاب وظلت تتحدث معي طويلا وألحت على لتحصل على عنواني لأنها تريد التعرف بأسرتي، طرت من السعاده وظننت أن حلمي سيتحقق و أن الحياه ستضحك لي أخيرا وستأتي لخطبتي لعمرو وحلمت بحياتي مع فارس أحلامي الذي سيغمرني بحبه ورعايته ويحميني من غدر الأيام، سأعيش في كنفه معززه مكرمه، أخيرا سأصبح ملكه في بيته وعلى قلبه سأجعله سعيدا كما لم يتخيل من قبل. وقفت أمام المرآه أتأمل نفسي ترى هل حقا نلت إعجاب أمه رغم تواضع مستوانا؟ هلى أعجبها شكلي ببشرتي الخمريه وعيناي البنيتين ؟ أم أعجبها قوامي الممتلىء قليلا ولكنه متناسق؟ لا يهمني ماذا أعجبها في المهم أنا ستأتي لبيتنا لتخطبني لعمرو.
جاءت أم عمرو لبيتنا لتقابل أبي وأمي إلا أني أفقت من أوهامي على طلبها بأن تزوجني علاء-شقيق عمرو الذي لم أكن أعرفه - وعرضت على والدي مهر وشبكة لم نكن نحلم بهما وأخبرته أنها لاتريد منا شيئا نهائيا حتى ملابس العرس ستحضرها لي بشرط أن نقيم معها في شقتها الكبيرة لأنها مريضه وتحتاج لمن يرعاها وستكون هي ضيفه عندي وأكون أنا صاحبة البيت الأمره في كل شىء فيه. وافق بالطبع والدي بدون تفكير فتلك فرصه لا تعوض، لكني أجلت رأيي حتى أعرف رأي عمرو ،هل كنت واهمه؟ هل يحبني حقا كما أتصور وسيدافع عن حبنا ؟ أم سيتركني أتزوج أخاه وأتعذب ليل نهار برؤيتي له؟ هل هو من رشحني لأمه رفقا بحالي؟لا لابد أن هناك خطأ ما سأذهب إليه لأعرف منه.
في اليوم التالي ذهبت له المحل فقال لي أحد العاملين الذي يعرفني أنه سافر للعمل خارج مصر،كانت صدمه أخرى هل تركني وذهب دون كلمة وداع؟؟ إذا فأنا لم أكن أعني شئ بالنسبة له سوى مجرد فتاه يعطف عليها؟ هل كان يعلم برغبة والدته وليس لديه مانع؟؟ بل ربما هو من شجعها ليرحمني من الفقر والعمل لوقت متأخر. يبدو أنه شعر أني متعلقه به وسيكون ذلك سبب رفضي للزواج لذلك هرب من مواجهتي . أدركت أني كنت واهمه وأني لا أعني له شيئا ، لقد كان تعلقا من ناحيتي فقط برجل يشبه فارس أحلامي لكني لم أكن فتاة أحلامه، هو فقط كان يحسن معاملتي لأن هذا طبعه وليس لأن لي مكانه في قلبه .فكرت أن أنتظر عودته وأرفض الزواج من أخيه ،لكن الفقراء مثلي ليس لديهم رفاهية إنتظار فرصه أخرى أفضل وليس من حقهم الحب، فوالدي أصر على إتمام الزواج ليتخلص من حملي وخوفا من ضياع تلك الفرصه منا وهي لن تتكرر وخاصة أنها لن تكلفه شيئا بل بالعكس فإن ثراء حماتي معناه على الأقل بضائع مجانيه من محلها لأهلي، وحياه ميسره لي .
كان علي أن ألغي قلبي وأفكر بعقلي فوافقته وقررت أن أبدأ مع علاء حياة جديده وخاصة وأنه يبدو شديد الطيبه رغم تعلقه الزائد بوالدته ولكني لم أعد أبالي بشيء بعد عمرو، كما أن والدته بررت لي شدة إرتباطه بها بأن أبوه مات وهو صغير وهي رفضت الزواج من أجل تربية أبنائها وكانت تخص علاء بالتدليل لتعوضه حرمانه من والده الذي لا يتذكره .تم الزواج و إكتشفت حقيقة علاء...
نجلاء لطفي

أنت تقرأ
السجين بقلم نجلاء لطفي
Romanceالحب هل هو سجن المحبين؟؟ هل يعيش الإنسان سجينا لحبه للأبد؟ أم يتحرر من هذا السجن؟؟