الحلقة الرابعة 4

302 20 2
                                    

السجين
الحلقه الرابعه

فأنا لن أرضى بالشفقه أو الإحسان بعد الأن ولن أرضى أن يتحكم في مصيري أحد حتى لو كان عمرو الذي أعشقه وأتمناه من كل قلبي .

سافرت للإسكندرية حيث إفتتح صاحب المحل -الذي كنت أعمل عنده في القاهره- فرعا هناك وإتفق معي أن أعمل لديه عندما قابلته -بعد إنتهاء عدتي- ورجوته ان يجد لي عملا بعيدا عن القاهرة لأهرب من عمرو ومن قلبي ومن إلحاح أبي ومن كل الذكريات القاتله. سافرت ولم أخبر أحد عن مكاني، سافرت لأهرب من نفسي وعشقها الذي كان سببا في تعاستي وهواني على من أحب،سافرت لأبدأ حياتي بعيدا عنه لعلي أستطيع نسيانه وإن لم أنسه فعلى الأقل سأحافظ على مابقي من كرامتي. وجدت بيت مغتربات قريب من عملي فأقمت فيه وإنغمست في العمل حتى أنساه وليت القلب يطاوعني على النسيان وكأن قلبي مفطور على عشقه، فلم تمر علي لحظه واحده لم يخطر عمرو فيها على بالي، ولم تمر علي ليله لم أره في أحلامي. كنت أتصل بأهلي بين حين وأخر لأطمئنهم علي وأرسل لهم بعض المال وقالوا لي إن عمرو يبحث عني فقلت لا تخبروه أني على إتصال بكم وبعد مرور الوقت سينساني فأنا لست سوى أرملة أخيه ولشهامته يظن أنه مسئول عني.

أكاد أجن أريد أن أعرف لم إختفت هند وأين ذهبت؟ هل هربت مع أخر؟ أم أن لها أسباب أخرى؟ لو هربت مع أخر سأقتلها وأقتله فهي لي وحدي، حقا تخليت عنها أول مره ولم أتمسك برغبتي فيها عندما قالت أمي أنها سعدت بعرض الزواج من علاء ، كدت لحظتها أقتل علاء فأنا من يحبها بجنون، أنا من يحلم بها ليل نهار، فابتسامتها هي الشئ الوحيد الذي ينير الكون أمامي، كنت أرى نظرات الحب في عيونها وفي إهتمامها وكدت أعترف لها بعشقي لولا تدخل أمي لتأخذ كل شئ مميز لعلاء كعادتها وكأن علاء هو إبنها الوحيد. فكرت أن أذهب ليلتها لبيتها وأخطفها رغما عنها وأتزوجها فلن تكون لسواي، لكني تراجعت في اللحظات الأخيره فربما كنت واهما وهي لاتحبني، وأيضا كنت حريصا على سمعتها فمن يحب لايضر. لم أكن أحتمل أن أراها زوجه لعلاء وتقيم معنا في نفس البيت فقررت أن أترك البلد كلها وأهرب بنفسي بعيدا لعلي أستطيع نسيان المرأه الوحيده التي إقتحمت قلبي بضعفها وبساطتها ورفض قلبي المقاومه بل سعد بذلك الإقتحام. حاولت أن أتأقلم مع ظروف العمل في الخارج لكني لم أحتمل فبعد أن كنت صاحب محل وأتعامل مع كبار التجار،صرت مجرد عامل في محل أتلقى الأوامر،فقررت العوده مهما تكن النتائج.
عدت يوم 25 يناير حيث كانت المظاهرات مشتعله في البلد، سعدت أمي بعودتي لكن رؤيتي لهند أشعلت النيران في قلبي مجددا، فقلت لأمي أني سأسكن في الغرفه العلويه لأنه لايصح وجودي مع هند في مكان واحد.بعد يومين إعتزلت فيهم العالم في غرفتي علمت أن كثير من شباب الحي مفقودين في ميدان التحرير فقررنا أنا وباقي الشباب تشكيل مجموعات بحث عنهم.نزلت الميدان فوجدت الموقف مشتعلا وأنا ليس لي في السياسه ولا أعرف عنها الكثيرلكني كنت أرى الجرحى والمصابين من جيراني ومن الغرباء فكنت أجرى لأحملهم للأطباء لعلاجهم وأساعدهم أحيانا، تواجدي في الميدان أنساني نفسي ومنحني فرصه عظيمه لأهرب من البيت ومن رؤية هند التي مازالت تشعل النيران في قلبي،نيران الشوق والغيره في أن واحد،كم كنت أخشي أن تشتعل تلك النيران فينا جميعا لذا أثرت الهروب، حتى فوجئت ذات يوم بمجموعه من الرجال إلتفوا حولي وقيدوني وإقتادوني لإحدى السيارات ولم أستطع المقاومه رغم قوتي الجسديه وفي السيارة وجدت عدد أخر من الشباب ،وعندما وصلت لسجن طره عرفت أني متهم بإثارة الشغب مع عدد من الشباب.
كان عذاب السجن مضاعف لأنه منعني عمن أحب وقيد حريتي ، لكن عندما جاءت هند لزيارتي شعرت بغضب شديد لأنها لابد وأنها تعرضت لسخافة العساكر ونظرات السجناء التي تلتهم جسدها فصرخت في وجهها وطردتها وأنا من داخلي أتمنى أن أحضنها وأبثها شوقي وغرامي و أن أخبئها بين ضلوعي لأحميها من كل العيون. حتى عندما خرجت من السجن كنت أتعذب كلما رأيتها مع علاء وأتخيله وهو يطارحها الغرام فتشتعل النيران بقلبي وأنا أعلم أنه ليس من حقي ولكني عاشق حتى الجنون، رغم حريتي لكني مازلت سجين حبها. وجاءت محاولة الإعتداء عليها لتشعل نيران الغضب تجاه علاء لكني لم أدرك أن ذلك سيتسبب في موته الذي شعرت أني السبب فيه وزاد ألمي عندما مرضت أمي وماتت بعدها. كان عذاب ضميري كبير لأني كنت السبب في موت علاء ومن بعده أمي، لمت هند وأقنعت نفسي أنها سبب كل ما أنا فيه، لكن سرعان ما سامحها قلبي فقررت أن هند ستكون لي تلك المره ولن أتركها تضيع مني فتقدمت لوالدها لطلب الزواج ، كنت أظن أن ذلك سيسعدها لكني فوجئت بهروبها، أتهرب مني أنا؟ ألا تريدني زوجا لها؟ ألم تكن تبادلني حبا بحب؟
لن أكف عن البحث عنها حتى أجدها وأعرف سر هروبها. كم أود أن أقول لها أنني عاشق متيم بحبها ولكني لا أجيد التعبير عن مشاعري فقد علمني جدي أن الحب الضعف وأن المشاعر للنساء فقط، كما أن أمي منحت كل حبها وإهتمامها لعلاء وحرمتني منه بحجة أن علاء يحتاجه أكثر مني، فنشأت لا أعرف التعبير عن مشاعري، لكني سأقول لهند أني أحبها وإن وجدتها تحب أخر سأقتلها وأقتله فأنا لن أتركها تكون لغيري وأظل أنا سجن لذلك الحب باقي عمري.
نجلاء لطفي


السجين بقلم نجلاء لطفيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن