الحلقة الأولى 1

985 20 2
                                    

الجدران العاليه
الحلقه الأولى

هذه القصه مستوحاه من قصه حقيقيه ولا أعرف كيف إنتهت لكني تخيلت النهايه التي أعجبتني. كم من لحظات سعاده نضيعها من بين أيدينا بسبب التردد والخوف، وعندما تضيع نظل نادمين لباقي العمر، عيشوا السعاده ولو للحظات فلا تعلمون ماذا يخبىء القدر.

مرت 40 يوما وأنا مازلت غير مصدقه أن حسين زوجي قد توفى ولن يعود مرة أخرى فلم يكن لي أحد سواه ، لقد مات فجأه فلم يمرض ولم يشكو بل مات وهو نائم و تركني أنا وأولادي وحدنا تائهين ولا أعلم كيف سأتدبر أمري ،كان هو كل شيء لنا ، لم أكن أحمل هما لشئ فهو من يتحمل عبء كل شئ من مصروفات لمشتروات لإحتياجات الأولاد الدراسيه، كان يحمل هم كل شئ وأنا فقط أتحمل مسئولية البيت. هاهو تركنا فجأة بلا مقدمات، حقا لم تكن بيننا قصة حب إنما كان زواجا تقليديا جدا لكن كان بيننا عِشره وإحترام متبادل فكان يستجيب لكل مطالبنا ولا يحرمنا من شيء، رغم جفاف مشاعره تجاهي وتجاه أولاده -فلم أره يوما يلعب مع الأولاد أو يضحك معهم كما يفعل عمهم أحمد- لكننا كنا نعرف أن إهتماماته كلها موزعه بين إدارته لتجارته وتجارة إخواته من جهه وبين بيته وأولاده من جهه أخرى. لم يكن من الرجال الذين يقضون أوقات فراغهم في اللهو أو المجون إنما كان جادا في حياته فلم تكن له مغامرات نسائيه لا قبل الزواج ولا بعده ، حتى أنا لم يخترني كزوجة له - لقلة خبرته في عالم النساء كما قالت لي أمه- إنما إختارني والده رحمه الله لأني كنت بنت صديقه وكان يعرف أخلاقي جيدا وقال لي والده:-
- أنا إخترتك لأنك تعرفي يعني إيه عيله ومش هتبعديه عن إخواته ولا أمه، أنا ماخلفتش غير 3 صبيان ومن النهاردة بقى عندي بنت
لم يعترض حسين على إختيار والده ولم يكن لديه لهفه أو مشاعر حب، إنما كان يعرف واجباته كزوج ويحترم تلك العلاقه وكان لديه إهتمام وتلبيه لكل إحتياجاتنا ومضت حياتي معه روتينيه بلا مشاعر ولا أي تجديد أو تغيير حتى عندما أنجبنا أبنائنا الثلاثه لم أر على وجهه سعاده أو غضب' إنما كانت ملامحه دائما محايده وهناك تعبير واحد على وجهه لا يتغير ولا يظهر مشاعره، ورغم ذلك كان يقوم بكل ماهو مطلوب منه، لم اعرف يوما مشاعره تجاهي أكان يحبني أم لا ولم أعرف يوما إن كان سعيدا معي أم لا لكنه لم يشعرني يوما بضيقه أو نفوره مني . كنت في بداية حياتي غير سعيده حيث أني كنت – ككل إمرأة- أحلم بالحب والمشاعرولكن مع مرور الوقت تأقلمت مع طبيعته وجديته وخاصة أنه كان يحسن معاملتي ويحترمني فتناسيت كل إحتياجاتي العاطفيه وإكتفيت فقط بأمومتي وبدوري كزوجه ،حتى فوجئت بأنني أصبحت اليوم أرمله في الثلاثين من عمري ومعي 3 أطفال ولا أعرف ماذا سأفعل معهم فأنا لا أعرف أي شيء عن أموال زوجي وممتلكاته ولا أعرف كيف سأنفق على أولادي؟ هل سيتركني إخوته وأمه أدير إرث أبنائي بمفردي؟وهل أستطيع؟ هل أستطيع تحمل عبئهم بمفردي وأنا لم أعرف يوما كم ننفق وكم نحتاج شهريا؟؟ أفقت من شرودي على صوت حماتي تقول لي هامسه:
-لما الناس تمشي تعالي شقتي عايزاكي في كلمتين
-حاضر
ترى ماذا تريد مني؟؟ كانت حماتي –بعد موت زوجها- هي الشخصية الأقوى في الأسرة فالكل يسمع لها ويطيع ولا أحد يستطيع مخالفة أوامرها حتى أن زوجه إبنها الأوسط سامح أخذته وسافرت لتهرب من نفوذها وسيطرتها ولم يبق لها سواي فأحمد الصغير لم يتزوج بعد لأنها ترفض زواجه بمن يحب بحجة أنها لاتناسبه . قلت لنفسي يبدو أنها ستنتقد كلمه قلتها أو تصرف من تصرفاتي كعادتها وسأعتذر لها كعادتي وأعدها بعدم تكرار ما فعلت، إنصرفت النساء وذهبت لحماتي فقالت:
- حسين الله يرحمه سابك إنتي والولاد أمانه في رقبتي وأنا من يومها بأفكر هتعملوا إيه وتعيشوا إزاي، طبعا حسين سايبلكم اللي يكفيكم وزيادة لكن هتعرفي تشتغلي مكانه وتحافظي على فلوس ولادك خاصة وانتي ما كملتيش تعليمك؟ ولا عمرك إشتغلتي ولا إتعاملتي مع الناس؟ كمان إنتي لسه شابه ومرغوبه يمكن بعدين تفكري تتجوزي وده حقك لكن ساعتها هاخد منك الولاد ومش هتطولي مني مليم واحد
-فقاطعتها وقلت:
-متخافيش يا حاجه أنا هاعيش عشان ولادي
-بس برضه إنت لسه شابه وولادك صغيرين ومحتاجين تعيشوا في حما راجل يحافظ على فلوسكم ويربي معاكي العيال وأنا فكرت ومالقيتش أحسن من أحمد عمهم وهو أحن واحد عليهم وأكتر حد هيراعي مصالحهم.
فوجئت بما قالت، أحمد ؟؟يالها من إمرأة جبارة نسيت حزنها على إبنها الذي مات فجأة وكل همها أن تبقي زوجته وأولاده وورثهم تحت سيطرتها.أي إمرأة هذه من تملك تلك القوة النفسية لتفكر بعقلانيه وتتغلب على موت إبنها وحزنها عليه بسرعه هكذا؟إمرأه غيرها ستظل منهاره وترفض أن يحل أي رجل محل إبنها حتى لو كان إبنها الأخر،لكنها فكرت بعقلانيه وقررت أن عمهم أولى بميراث أخيه من مال وزوجه وأبناء، أفقت على صوتها وهي تقول لي:
-مالك مش عاجبك كلامي؟؟ده في مصلحتك ومصلحة الولاد قبل أي حاجه إنهم يتربوا في بيتهم وعز أبوهم وعمهم يراعيهم ويكون لهم أب وبكده كمان نتجنب كلام الناس
-أبدا يا حاجه أنا بس مستغرباه وعمره ما خطر على بالي إني أتجوز بعد حسين الله يرحمه، كلامك كان مفاجأه ليه وياترى أحمد موافق؟؟
-أحمد هيوافق طبعا هو يقدر يرفض لي طلب، أنا اللي أقوله يتنفذ على طول ومصلحة ولاد حسين عندي أهم من أي حاجه تانيه،إعملي حسابك بعد العدة ماتخلص الجواز هيتم
قالتها بقوه وحسم وقطعت السبيل أمام أية كلمات أخرى أو رأي مخالف لرأيها. ذهبت لشقتي وأنا متعجبه ولكني لا أملك الرفض فبإمكانها طردي وحرماني من أولادي وهو ما لا أقدر على إحتماله لحظه واحده فأنا أعيش حياتي كلها من أجلهم، وإن طردتني إلي أين أذهب بعد وفاة والداي وإحتلال أخي بيتهما وإنشغال أخواتي كل واحده بحياتها؟ كيف سأنفق على أولادي وحدي وأنا بدون شهادات أو خبره في أي عمل؟ لاسبيل أمامي سوى الموافقه. لم يكن أحمد سيئا بالعكس كان شخصا مرحا ولطيف جدا وودود وأولادي يعشقونه فهو من يجلب لهم الحلوى واللعب ويلعب معهم بل ويخرج معهم ويمرح معهم كأنه أحدهم –وهو مالم يفعله حسين يوما- لكن كنت أشعر تجاهه بالود كأخ لي وخاصة أننا في نفس العمر في حين كان حسين يكبرني ب10 سنوات فكيف ستتحول مشاعر الأخوه لمشاعر زوجيه؟ هل سأستطيع التغلب على ذكرى حسين ؟ وأحمد ماذا عن حبيبته؟ هل يستطيع البعد عنها؟ماذا سيفعل معها؟وهل ستقبل بأن تكون زوجه ثانيه؟ قرار أمه سيزلزل كل كيانه وربما يجعله يكرهها ويكرهني معها.
نجلاء لطفي



الجدران العالية بقلم نجلاء لطفيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن