الجدران العاليه
الحلقه الرابعهإعتزلتها كزوج لكني بقيت أقوم بكل واجباتي كأب للأولاد وكرب الأسره أما واجبي كزوج فكان يقف بيني وبينها طيف سلوى وذكري حسين اخي.
خلال تلك الأشهر كانت مشاعري تجاه أحمد تتغير من حالة الأخوة لحالة الإعجاب بشخصيته الحنونه، ورغم تجنبه لي إلا أنه كان يعاملني برقه وكثيرا ما كان يبدي إعجابه بطعامي أو يساعدني في إختيار الملابس عندما نذهب للتسوق مع الأولاد وأحيانا يفاجئني بهديه في عيد ميلادي أو كهديه للعيد وهو مالم يفعله حسين أبدا ولم يخطر حتى على باله رغم كل تلك السنوات التي قضيناها معا. كثيرا ما كان أحمد يحضر لي حلوى أحبها كما يفعل مع أولادي ،كانت تلك الأفعال البسيطه في شكلها ، الكبيره في معناها تجذبني إليه كثيرا وأشعرتني كم هو رقيق الحس ويختلف تماما عن حسين فهو يتعامل معي كأنثى لها مشاعر وأحاسيس لا كآله تؤدي دور محدد لها، كإنسانه يجب أن تنال كل التقدير لا كمجرد ست بيت وأم تؤدي دورها في صمت. إعتدت وجوده في حياتي بل أحببت وجوده فيها فقد منح حياتي معنى جديدا ومنحها مذاقا خاصا وأحيا في نفسي مشاعر كنت نسيتها ، لقد منحني ما حُرمت منه مع أخيه، فالمرأه يأسرقلبها حلو الكلام والإهتمام . تعلقت بأحمد وصار وجوده في حياتي مصدر سعادتي لكن يبدو أن قلبه مازال معلقا بالأخرى ، ورغم شعوري أنها إختفت من حياته لكن طيفها لم يختفي من قلبه بل ربما مازالت ذكراها تقبع غي ركن خفي من قلبه لتعذبه وتؤرق ليله. كانت بيننا جبال من الجليد تمنعه من الشعور بي والتواصل معي كم تمنيت لو أستطيع إذابتها بنيران حبي و كم أود أن أحطم ذاك الجدار العالي الذي بناه ليمنعني من الوصول لقلبه وتحطيم تلك الحصون التي يحتمي بها وأحول زواجنا الشكلي لحقيقه، فأحمد إنسان جدير بنيل إعجاب أية إمرأة فكيف بي وأنا أتعامل معه يوميا وألمس رقته ولا أعجب به؟ كنت أتمنى أن يتيح لمشاعره الفرصه لعله يتغير تجاهي ورغم أني زوجته فقد حرمني على نفسه وحرمني وحرم نفسه من لحظات سعاده قد نحياها معا.
مرت علي ليال طويل وأنا أ لا أستطيع النوم في ذلك الفراش الخاوي البارد،كم أتمنى أن أبوح له بمشاعري وأود لو أرتمي بين ذراعيه وأفضي له بإحتياجي له كزوج و حبي له ورغبتي فيه لكن ماذا سيظن بي؟؟ فليس مباح في مجتمعنا لإمرأة أن تعبر عن مشاعرها لأحد ولاحتى أن تبوح برغبتها لزوجها وإلا أصبحت في نظره ونظر المجتمع منحله وفاجره بل عليها أن تنتظر حتى يرغبها هو، فكل الرجال يعشقون الجرأه في المرأه عندما لا تكون زوجه، أما الزوجه فيفضلونها خجوله تتلقى الحب في صمت وإجلال وتقدير وتحمد الله أنها نالت تلك العاطفه، دون مبالاه من أحد بما تريد أوتحتاج، لايبالون بمشاعرها أو ماذا يرضيها لكن المهم ماذا يُرضي الرجال. كنت أخشى أن أبوح له برغبتي فيصدني لأنه مازال متعلقا بحبيبته ماذا لو قال لي إنه لا يريدني؟ كيف سأحيا معه بعدها؟ قد يتركني وأنا لا أقدر على البعد عنه.
فكرت أن أجعله يفهم دون كلام فلجأت للحيل الأنثويه التي تجذب الرجال وتصهر الحديد فكنت أرتدي أمامه ملابس تظهر مفاتن جسدي وأطلق لشعري العنان وأتعطربعطور مثيره خاصة أثناء تواجده بالبيت وأحرص على الإقتراب منه كثيرا بل وتعمد لمسه أحيانا، كما كنت أتعمد عندما أحدثه أن أطيل النظر في عينيه وأتكلم بدلال ،لاحظت نظراته لي التي يختلسها فأدركت أني نلت إعجابه لكنه مازال قلبه على حاله يقاوم بشده ويتشبث بذلك الجدار العالي الذي بناه بيننا . صممت أنت أحطم كل الجدران التي تمنعني من الوصول لقلبه فكنت أتحدث معه في أي شيء المهم أن أطيل وجودي بجواره، فكان يتهرب من عيناي مرتبكا وهو يتصبب عرقا، ويحتمي بغرفته ويغلق بابها . كم كان يثير غضبي ذاك الباب المغلق وكنت أود أن أكسر كل الأبواب المغلقه التي بيني وبينه وأن أحطم كل الجدران التي تحول بيننا وأن أرتمي بين ذراعيه وأقول له أني أحبه كما لم أفعل من قبل، فأنا لم أعرف الحب قبل اليوم إلا معه وها هو الحب يعذبني ويشقيني ولا يسعدني.كم أحتاج إليه أكثر مما يحتاجه أولادي فأنا أحبه وأريد أن أستمتع معه بحبي وحياتي وهاهو يهرب مني و يحول بيننا ألف باب وجدار، ليته يشعر بما في قلبي ولكن يبدو أن قلبه مغلقا على حبه القديم أو أن ذكرى أخوه مازالت جدارا عاليا يفصل بيننا.كنت زوج أمام الناس فقط فرغم هجر سلوى لي فمازال طيفها لا يفارق خيالي فلم تكن في حياتي إمرأة سواها وليس من السهل نسيانها، فرغم كل شيء مازالت ذكرياتها تطاردني في صحوي ومنامي، ولم أستطع بعد التخلص من حبها العالق بقلبي محتلا روحي ونفسي. حاولت أن أنشغل بالعمل وأن أتحمل مسئولية الأولاد والبيت فكنت أنشغل عنها حينا لكن حينما أخلو بنفسي تطاردني ذكرياتنا معا وكل لحظة حب عشناها سويا فكيف لي أن أنسى من تسكن قلبي؟ أما إيناس فلم تتبدل مشاعري تجاهها بمجرد كتابة ورقه تقول للجميع أنها زوجتي، فمازلت أتعامل معها على أنها زوجة أخي حسين وأم أولاده ولم أستطع تصورها أي شيء غير ذلك. أعاملها بمنتهى التقدير والإحترام الذي تستحقه أما قلبي فمغلق على حب غادر جرحه وأدماه لكنه لم يستطع التخلص منه. كنت في أيام الأجازات أحرص على الخروج مع إيناس والأولاد للنزهه وكل مره نختار مكانا مختلفا فنضحك ونمرح ونتناول طعامنا حتى نبدو أما الناس والأولاد زوجين طبيعيين ثم نعود للبيت فيعود الصمت يخيم على حياتنا كأننا لم نكن نمزح معا منذ فتره قصيره. خلال تلك الفتره التي قضيتها مع إيناس إكتشفت فيها إنسانه لم أكن أعرفها مرحه ولطيفه بها جمال داخلي يفوق جمالها الخارجي، كانت تحرص دائما على فعل وقول مايرضيني فقط ، بدأت أعتاد وجودها اللطيف في حياتي ، إعتدت طريقة كلامها ، نبرات صوتها، طعامها، تعاملها الرقيق معي، ملامحها البسيطه التي تعبر عن قلب طيب ونفس راضيه، كلما فكرت في إعتيادي عليها تلاشت ذكريات سلوى من قلبي رويدا رويدا حتى إنزوت في ركن بعيد، لكني كنت أخاف من هذا القرب والإعتياد فمازالت هي زوجة أخي، فكنت أهرب سريعا لغرفتي وأغلق بابها جيدا لأختبأ من نظرات عينيها بل وربما لأهرب من نفسي ورغبتي فيها. لم تستسلم إيناس لهروبي إنما راحت تحطم الأبواب المغلقه والجدران العاليه بيننا مره برقتها ومره بأنوثه فتاكه ومره بدلال متعمد ، راحت تدك حصون قلبي بقوه ولم يعد لي قدره ولا رغبه فى مقاومتها أكثر من ذلك.
نجلاء لطفي
أنت تقرأ
الجدران العالية بقلم نجلاء لطفي
Storie d'amoreهل العشرة تخلق الحب؟ أم أنها تقتله؟؟ وهل التعود نوع من الحب؟؟ قصة عاطفية واقعية