الحلقة الأولى : عالمان 🌎💙

260 9 10
                                    

أخذت تجرى فى تلك الطرقة الطويلة تنظر إلى ذلك السرير وهو يتجه نحو تلك الغرفة ، تزيد من سرعة خطواتها ولا تستطيع اللحاق به أو أن تساير سرعته.

ارادت ان تبقى بجانبه وقت اطول، أن تمسك بيداه مرة أخرى قبل أن يبدأ الجراحة ولكن قدميها الضعيفتان لم تقوى على حمل ما فى قلبها من ضيق وخوف أصبحت خطواتها أثقل ويداها ترتعشان وهى تمسك بذلك الخاتم جلست فى صالة الإنتظار تنظر إلى تلك الساعة الرقمية والدقائق لا تمر تمنت لو تسارعت كما تسارعت دقات قلبها أو أن يمضى الوقت كما تمضى الدموع بين جفنيها

ولكنها تخاف....

تخاف من فراقه تخاف من الموت.. موت الرجل الذى كان دوما ظلا لها فى ايام الشمس ونورا لها فى الأيام المظلمة كان دوما سندا لها ومظلة فى الأيام الممطرة

منذ لقائهما الأول وهى تعلم أن تلك الساعة آتية ولكن لم تهيىء نفسها صعب عليها العيش وحيدة ولكنها تشفق عليه الموت...

نظرت إليها صديقتها فى حزن لا تعرف كيف تواسيها سوى أن تجلس بجانبها وأمسك يداها الباردتين والدموع تتساقط منهمرة على يديها وتقول: أن كان لقائنا رحمة الله له وأن كان فراقنا هداية الله له وأن كان جمعنا رزق الله لنا وأن كان البلاء الذى نحن فيه حبا فكيف الحال بعد تلك الساعات وبعد أن يفتح باب تلك الغرفة

فى كل مرة استودعه الله ألقاه وفى قلبى حبا وفى كل لحظة بعد أنتظر مرة أخرى حتى ينهى رحلته وياخذنى معه فى رحلة جديدة...

وضعت يدها على قلبها وأكملت : ربى أنت الحكيم فى أمرك اللطيف فى قضائك القريب لعبادك مجيب المضطرين.... لا إله إلا الله

**************
قبل 3 سنوات...

فتحت أعينها واستيقظت فى فزع ووجهها يتصبب عرقا نفس الحلم يتكرر ولكن يصبح أكثر فزعة وفستان الزفاف المزين بالؤلؤ، الجميل فى أدق تفاصيله، ملمسه الناعم كالحرير.
بعد أن أرادت ارتدائه بشغف كى يأثر قلوب من حولها كما أسر قلبها بسحره أصبحت تحمل هم هذا اليوم المنتظر.
ظنت فى بادىء الأمر أن السبب ضغوطات العمل ولكنها الليلة العاشرة نفس الحلم يتكرر وكلما تعمقت فى نومها كلما أخذت خطوة أخرى فى ذلك القصر كلما فتحت بابا جديدا أصبحت كل دقيقة أكثر خوفا من التى قبلها... ماذا حدث؟ وماذا سيحدث؟
وما يدور فى عقل تلك الفتاه التى لم تتجاوز الخامسة والعشرين من عمرها.. هل ماتخشاه هى تلك الخطوة الخطوة التى أوشكت على اتخاذها وقرب موعد الزواج بعد أن ينتهى من تلك الرحلة الطويلة؟!
لقد اعتادت تحمل المسؤولية منذ صغرها ولكن بعدها عن أمها وابيها خطوة جديدة وأول تجربة لها فى تلك الحياة... أأخاف الفراق لقد مر أكثر من عشرين يوما على آخر رسالة قرأها ولم يرسل لى ردا حتى.
أعلم أن رحلته طويلة وأن الفرق بيننا ليس ببحر ولا وقت بل العالم الذى يسكنه تملأه المشقة والتعب.
لقد مضى أكثر من عام منذ آخر لقاء جمعنا قبل أن يسافر ويبدأ رحلته بحثا عن العمل فى ألمانيا...
أتذكر تلك النظرة فى عينيه تلك الابتسامة المرسومة فى وجهه... هل حدث شىء؟ أم اصابه المرض؟
كل تلك الأفكار شغلت بالها بعد منتصف الليل ولم تستطع إيقافها.. ما مصير ذلك الخاتم الذى ترتديه فى اصبعها وما نهاية هذا الكابوس..
فى تلك الغرفة تستعد للزفاف ترتدى الفستان الأبيض واقفة أمام المرآه لا ينقصها سوى اللمسة الأخيرة "الحذاء البلورى والتاج " لتسمع صوت خطوات تقترب خطوة تلو الاخرى وتتوقف صاحبتها ذات الكعب العالى عند الباب وتنادى عليها بدفء وتحتضنها
كان عليها أن تتوقف هنا وتستيقظ عند تلك اللحظة
قبل أن يتحول كابوس فاليدين التى احتضنها وجدت فيهما خاتم خطوبتها وهى تضع لها التاج، والحذاء البلورى وجدت فيه عقرب سام قام بلدغها وهى ترتديه
بقدر ماارادت الوقوف عند لحظة التهنئة بقدر ماتمنت لو لم تراااااه....
ولكن الواقع يبدو أكثر ضيقا ووحدة بعد أن تركت وطنها فى "حلب" لتبحر فى تلك الظلمات وتنقلها أمواج البحر من بلد لبلد
حتى رست السفينة على شاطىء" بور سعيد" تلك المدينة الصغيرة بدأت فيها حياتها من جديد كفتاة تعيش فى بيت لم تمتلكه ووطن لم تولد فيه ولم تنتمى إليه وطن من القلوب الدافئة بلا تضاريس وحدود جغرافية وصديقات انست برفقتهم وعمرها لا يتجاوز الثمانية عشر.
أنهت دراستها الثانوية وهى تحمل بين طيات قلبها أعمق المشاعر وذكريات جميلة بأدق التفاصيل..
تلك الشهور القليلة كانت تعنى لها الكثير، عندما اضطررت للانتقال "للقاهرة" مع أسرتها ليس هربا من الواقع بل لتكمل مابدأته ولتصنع حلمها..
لدراسة المجال الذى كان دوما مصدرا لسعادتها صناعة الأفلام والتصوير والبرامج الوثائقية، أن تكون مذيعة تعرض للعالم كله ما تخفيه ابتسامة هؤلاء البشر...
فالوطن الذى تركته والوطن الذى عاشت فيه والوطن الذى حلمت به ابقوا فى قلبها أثرا طيبا وأن صعب الطريق فى تلك الحياة...
ولكن بعد هذا الكابوس لربما من الاحسن ان تاخذ حذرها من اقرب الناس إليها
تلك الفتاة هى "نور"
******************************
بعد أن أستعد وارتدى تلك البذلة السوداء وقف خلف الكواليس يراجع تلك النوتات الموسيقية ويتأمل إيقاعها جميع الكاميرات ومراسلينها يتجهون صوب هذا الحفل
وجميع الحضور ياخذهم الحماس ليستمعوا لهذا العزف الساحر والمنفرد من نوعه

بحبها اهتديت  ❤حيث تعيش القصص. اكتشف الآن