بالامس ذكرته نور وقت الامطار واليوم أيضا وقت الصلاة فى طريقها للمسجد يوم الجمعة كما ستتذكره غدا قبيل الفجر، وكما كان لها ذكرى وقت القرآن والسحور ووقت الإفطار فى رمضان
ذكرى بتوقيت ممتاز يرسم على وجهها
الإبتسامة أملا فى رحمة الله
وخوفا من معصية تضله أو ذنب يبعده أكثر من بعده وسط الزحام
أن كانت تصلى الآن فماذا يفعل؟
وأن كانت تقرأ القرآن فماذا يشرب؟
ليس بحبيب لها أو فارس الأحلام ولكن أحبت فيه أخلاقه، أخلاق مسلم بغير
إسلام، لا تعرف عنه شىء و تعلم أيضا أنه ليس بملاك أرادت له الهداية صلاحا و ليس بيديها الهداية ولكن الله قريب وقدير يفعل ما يشاء
تحمد الله على نعمة ولدت عليها من فضله وغيرها يبحث عن نور وسط الظلام وغيرها بالظلام يحيى وهو يموت و يتبع هواه حتى هوى
كان يوما جميلا، جميلا فى ذكراه وجميلا فى ذكر الله وعيدا فى لقاء من تحب كما لو أنها تودعهم
فبعد أن أنهت الصلاة قابلت بنات
خالاتها فى منزل الجدة تناولن الفطور وغسلن الأطباق، قرأن القصص ولعبن فى ساحة البيت
بيت أحتفظ بمعمار الشام وزخرفته
الإسلامية والزرع وازهار الياسمين تحيط ساحته من الداخل و شجرة البرتقال تتساقط منها ثمارها.
بيت امتلأ بالخير والأمان والدفء وملأ قلبها بهم كلما زارته
وبينما تقشر البرتقال فى المطبخ وجدت مالك ابن خالها الصغير لم يتجاوز الأربع سنوات يبكى ويبحث فى جميع أركان المنزل عن هرته البيضاء الجديدة
طفل جميل حتى بدموعه يرتدى حذاء بنى جديد و سروال من الجينز وقميصا كحليا به خطوطا بسيطة بنية
بكائه دفع نور لارضائه بابتسامة لطيفة كونها أكبر
الأحفاد واقربهم لدى الجميع :
* لا تحزن سأبحث عنها بالأعلى، اذهب وتناول البرتقال مع الأولاد
ظلت تبحث عن الهرة فى جميع الغرف وتنادى عليها حتى لمحتها اسفل المنضدة مختبئة وبينما هى تحملها
سمعت صوت الطائرات تحلق فى سماء حلب وشعرت بأن الأرض تهتز بها وكان زلزال أصاب المنطقة
أمسكت القطة فى ذعر تنادى على جدتها تخاف أن تتحرك فتتأذى
سقف المنزل وجدرانه تتساقط لاتعلم أن كان العالم الذى عاشت فيه يتلاشى
أم هى التى تتلاشى من العالم؟
أغمضت عينها فى خوف وجسمها الصغير يرتعش والوقت توقف عند تلك اللحظة ذكرياتها كلها تتوقف هنا؟
تتلعثم بالكلام وتبكى ويداها ترتعش وهى نائمة على السرير ووجهها يتصبب عرقا ودقات قلبها تتسارع ، هذا هو أول رد فعل لها منذ أن سقطت من المبنى ونقلت إلى مستشفى فى مدريد منذ يومان والأطباء يحاولون إيقاف تلك النوبة التى أصابتها ومن ورائهم انريكى
يتابع حالاتها وحركات الأطباء والممرضين فى ارتياب
حتى استقرت حالتها بعض الشىء ولكنها لم تستيقظ بعد
خرج الممرضين ولم يبقى فى الغرفة
سوى انريكى و الطبيب المسؤول
ليشرح له مدى إصابتها وما المشكلة عبر الأشعة عندما استفسر انريكى عن مدى سوء حالتها او كان بإمكانها الاستيقاظ من جديد؟
ليفسر له :
" تبدو معجزة صحيح ابقائها على قيد الحياة مستوى النبض والتنفس
لا شئ خطير فاصابتها لم تؤثر على الأماكن الحيوية فى الجسم كالقلب والرئة ولم يحدث شىء فى العمود الفقرى فقط كسر بسيط فى ضلع وجروح طفيفة
مانخشاه هو إصابة الرأس
حاولنا قدر المستطاع أن نعالج الوضع
لكن المنطقة الاكثر ضررا هى الفص الجبهى للدماغ ..
الا أن تستيقظ لا نعلم مدى الاصابة
أن كان هناك آثار جانبية على النطق أو الذاكرة "
خرج الطبيب ووقف انريكى أمام سريرها
ينظر لتلك الفتاة الغير مألوفة وكأنها من عالم آخر غير الذى تعيش فيه حتى ملابسها فى ذلك اليوم والشال الذى لفته حول رأسها
لتخفى عن العالم شيئا لا يعلم أن كان جمالا أو عيبا؟ لعلها اعتادت عليه فى بلاد الشرق
كان يرى فى أعينها نظرة الخوف الصامت
الذى ملأ حياة سارة تسير فى ذلك الطريق تائهة لا تعرف على أى أرض تسير، ولا يعرف لماذا ركض نحو الطريق التى هربت هى منه؟
رغم ملامحها العربية لم يعرف لها هوية أو أسما
ولم يعرف إلى أى بلدة تنتمى
فلم يكن هناك فى حقيبتها جواز سفر أو أوراق تثبت هويتها هاتفها مكسور أيضا
لا شىء يجدى نفعا سوى كاميرا ومفكرة صغيرة
لا معلومات عنها، ولا يعرف أى قدر جمعهما ذلك اليوم..
يوم مميز ليبدأ فيه حياة جديدة باحثا عن سعادة لم يجدها، يوما حافلا لينتهي به عام و ويبدأ العالم رحلته الجديدة مع الزمن، حروبا لم تنتهى و علوما لم تكتشف بعد،ووعودا كان عليها أن توفى قبل أن ينتهى الوقت
بما فى ذلك وعده ايضا وأن يكون الضيف المنتظر لذلك الحفل المقام بساحة الفندق وبتلات الأزهار تطفو على مياه المسبح، الموسيقى الكلاسيكية المعزوفة على أوتار الكمان وجميع الحضور يستقبلون العام بابهى الحلى الماسية والؤلؤ والملابس الفاخرة بين السياسين ورجال الأعمال بمجرد أن فتح له الباب وخطى خطواته الاولى حتى نظر إليه جميع من فى الحفل بأعين تترصد المشهد وتطارده فى كل تصرف بين صديق ومنافق كما لو انها كاميرات مراقبة، اعتاد على الامر حتى اصبح جزئا منه، ان يراقب نفسه من اجل البشر لا من اجله
حتى كأس النبيذ المقدم بين يدى صديقه بابتسامة تناوله رغم ما به من مرارة ولا يزد ما فى قلبه المحترق إلا الألم، هذا ما اعتاد عليه كلاهما وأن لكل شىء ثمن وثمن تلك الدنيا أنفسهم، يبتسمون للجميع بلا استثناء لليال الحزينة ليس نفاق بل أنها الحياة لعالمهم ، عالم الشهرة والمال
ولكن الكؤوس المرتطمة ببعضها البعض فى تلك المرة أعادت إليهم الماضى حيا وذكريات عن الجامعة يبتسم انريكى ابتسامة يفهمها هنري جيدا
ليمازحه هو الاخر :أوه تلك الابتسامة لم أعرف أنها تساوى منزل باكمله
* اتمزح أنا من اشتريته، كل ما فى
الأمر تذكرت الماضى وحفلات الجامعة
ليعقد هنري حاجبيه باستنكار:
أى ذكرى تتكلم عنها
* انسيت حفل التخرج
-حفل تخرج أى حفل تتحدث عنه أنا لم أحضر
* اذا ماذا عن الصور؟
قاطعه هنري بنبرة من التوتر وابتسامة مازحة
احذفها الآن
*و مفاتيح المنزل؟
-الصور أولا
* هنرى هذا ليس اتفاقنا أعطني المفاتيح ولننهى الأمر..
أشار لسكرتيره ليحضر له بعض
الأوراق و يتجها للمكتب الخاص
هنرى : ها هو عقد تمليك المنزل وهذا هو المفتاح أيضا، اكتملت التجهيزات ولكن ينقصه الكثير فمازال هناك بعض الأثاث والنباتات و النافورةوالاضائات أن احتجت بعض المساعدة سارسل لك مهندس للديكور
أنهى أنريكى جميع الأوراق والتقط المفتاح من المنضدة
-لا هذا يكفى
"وتحرك ناحية الباب "
أنت تقرأ
بحبها اهتديت ❤
Romanceبين الشرق والغرب اختلافات فى الفكر والروح وحروبا بالقلم قبل البنادق فماذا عن حروب الحب كالقطارات نحيا فى خطوط متوازية نلتقى ونتقابل ولكن لكل منا طريقه فمن الذى سيمضى فى طريق الاخر ويتنازل ولعل تلك الرواية تلخص فروقا بين العالمين وقلبين التقيا وارض...