وبعد...
وبعد السير فى ذلك الطريق الطويل تحت المطر والحديث لا ينتهى بينهما، تحدثا عن كل شىء بأدق التفاصيل، كل شىء يرسم البسمة فى وجوههم، كل شىء يخفف الحمل الثقيل الذى يخفيانه بين ضلوعهم
كل شىء وأن كان بلا قيمة.. الموضة والأزياء، الفن والمسرح، الرقص والسفر تلك الأشياء التى لايلقوا لها بالا، تحدثوا عنها
تلك الكلمات التى تتكرر دوما كلما أردنا البكاء لنضحك..
بما فى ذلك الحفل الموسيقى و
"روبن" الرجل الذى دوما رأوه على تلك الشاشة، يبكى ويضحك، أول مشهد وأول فيلم ،
كان بالنسبة ل"نور "
الطريق الوحيد لها لتبتسم وتبكى ، لتعلم بين تلك الأسطر و قلم الكاتب، الحب بدون أن تحب.
تحدثوا حتى توقفوا عند تلك النقطة و ذلك الباب و"ندى" تودعها وفى اعينها الكثير والكثير...
لم تستطع أخبارها ولكنها اكتفيت بالسؤال : ما أخبار عمرو؟ ألن يعود قريبا؟
ردت عليها وفى أعينها نظرة يأس :
احيانا ابعث له الرسائل، واحيانا اكتفى بالصمت
احيانا اشتاق لسماع صوته واحيانا أعطى له ألف سبب..
لعلى لما أختار الوقت المناسب؟ لعله نائم؟ يدرس؟ لكنه لا يتكلم ولا يكتب لا يقرأ تلك الرسائل.
أكملت ندى الحديث وهى تحتضن تلك الفتاه بقوة وعينيها تدمعان :
نور.. صديقتى واختى التى لم تلدها أمى..
الفتاه التى أتت إلى لتخرجنى من غرفتي الصغيرة وأنا مريضة لأرى العالم، ثقى فى للابد ثقة فى نفسك قبل أى أحد.. مهما حدث..
من لا يعلم قدرك، لا يعلم قوتك لا يعلم عنك شيئا
*ندى... ما بك هل حدث شىء؟! اتبكين؟!
-أنا بخير..
********************
فى اليوم التالى....
"ندى؟! " هكذا نطق " عمرو"اسمها بنبرة من القلق والتوتر لم يتوقع ذلك الضيف ليهنئه فى أول يوم عمل فى مكتبه الخاص للمحاسبة، ينظر إليها فى حيرة لا يعرف ماذا يقول من شدة المفاجأة ..
يبدو أن مازال لديه بعض الضمير أو الخوف من ردة الفعل وكيف وصلت إلى هنا...
نظرت إليه وهى تضحك : تتذكر اسمى؟! اتعرف من أنا؟! كيف تقابلنا أول مرة؟! ومن انت بالنسبة لى؟.. الرجل الذى وعد صديقتى بالزواج ثم اختفى فجأة وعندما ظهر مرة أخرى لم يكن لها بل لمرأة أخرى.. اتتذكر حتى اسمها؟! كيف وصلت إلى هنا؟! أنا أيضا لم أتوقع وجود هذا المكتب هنا.. بعد انتقالك لشقة أكبر لتبدأ عملك هنا تهانينا على المكتب والسفر... هل لى أن اهنئك على الخطبة أيضا؟! ماذا كان اسمها؟! نور؟ ليلى؟! ملك؟ فاطمة؟ مريم؟
* ندى من فضلك اعطنى فرصة لأشرح لكى
نور فتاة مهذبة ومتحفظة وعلى قدر من العلم والجمال قد لا استحقها..
تعلمين أن الحب يتغير من حين إلى آخر..
- اسمع يا عمرو أنا لم آتى لاستمع لاعذار، أتيت لأقول كلمة واحدة
( أما أن تحبها وحدها أو أن ترحل ) لا تلعب تلك اللعبة مع نور، أنا لن أقف ساكنة..
صديقتى أغلى من ذلك المكتب الذى جلبته لك ليلى.
"لا تعلق قلب نور أكثر من ذلك "..
خرجت وقلبها يملأه الغضب "الحب يتغير من حين إلى آخر "كيف ينطق بتلك الكلمات ولا يلقى لها بالا؟! أن كان سيرحل لماذا دخل حياتها لماذا أهداها الورود وكتب لها تلك الأشعار؟!
تمشى فى ذلك الشارع وقلبها يملأه الغضب واليأس من ذلك العالم..
وفوق ذلك الغصب غضب من تلك المرأة التى أرادت امتلاك كل شئ و أن لم تستطع حطمته..
ولم تعرف ماتخبئه لها هى قبل ماتخبئه لنور من أشواك الكراهية التى تنبع من قلبها
******************
وقف روبن على سطح البيت القديم، حيث بدأت تلك القصة
"قصة حبه الأول " ينظر لتلك السماء المليئة بالنجوم ويتامل حركة السحب وأضواء المدنية تنير وتنطفىء الجو يسوده الهدوء الكافى ليقلب صفحات من الماضى...
هنا منذ عشر سنوات كيف احبها كل هذا الحب وكيف انهاه....
يتذكر تلك اللحظة عندما صعد ذلك السلم بخطوات سريعة وقلبه يدق دقات مليئة بالشغف والابتسامة على وجهه واضحة
ابتسامة رجل وقع فى الحب... مئة وردة حمراء يحيطها بيديه وعلبة الشوكولا الداكنة التى احبتها دوما، يردد مختلف الكلمات فى كل خطوة بنفس الشعور الصادق ونفس نبرة الصوت :
"أحبك " لا تبدو مبتذلة" تلك الايدى التى أمسكت بها دوما فى مدريد أريدك أن تمسكيها دوما أمام الكاميرا وخلفها " يا إلهى أنها طويلة
"أتيتك بقلبى فاقبليه"...
حتى وصل إلى تلك الشقة ذات الباب المفتوح ينظر إلى للداخل ليجد ما فيها ملقى على الأرض رأسا على عقب
يمشى فوق زجاج المرآة المكسورة و الأثاث مكسور والطعام مرمى على الأرض، يبحث عنها فى كل غرفة وينادى عليها فى قلق وخوف
حتى وجدها شبه فاقدة للوعى لا تقدر على الوقوف بجسمها النحيل وكاحلها مصاب ووجهها قد تغيرت ألوانه يبدو عليه اثر الضرب
سقطت باقة الورد من يداه واقترب منها ليحملها بين ذراعيه ويضعها على السرير : سارة.... ماذا حدث؟! من فعل هذا؟
ردت عليه واعينها تفيض بالدموع : اتتذكر عندما سافرت إلى هنا لأول مرة لالتقى بامى... المرأة التى لا أتذكر وجهها...
تلك اللحظة التى ظننت إننى سأبدأ فيها حياتى من جديد بعيدا عن ابى مدمن الكحول والنساء... انى سأترك تلك الذكريات واهرب كما هربت هى وانا فى سن الخامسة.
لقائنا فى تلك الحياة لم يكن إلا جحيم..
أكملت الحديث وهى تضحك ساخرة من واقعها : نادلة... تركتنى فى سن الخامسة وسافرت لتعلم نادلة فى بار لم يكفيها هذا ولكنها.. ولكنها انتحرت بعد أن قطعت كل هذا الطريق تركتنى لديونها وحدى بعد أن تنازلت عن كل شىء لأجلها...
أحضر بعض المناشف والماء الدافىء والدواء ليداوى تلك الجروح فى وجهها لعله يخفف عن ما فى قلبها ولف كاحلها بضمادة لتسكن الألم قليلا حتى غرقت فى النوم اطفىء النور وأصلح ما يمكن إصلاحه فى ذلك البيت وترك لها آخر رسالة : تحلى بالقوة ساتى قريبا بعد أن أحضر العشاء...
كان عليه أن يبقى بجانبها و أن يستمر بمرافقتها ولكن لا أحد يعلم مايخبئه الزمن بل لا أحد يعلم ماتخبئه الدقائق... الحياة تمضى بسرعة..
فالشخص الذى كان هنا منذ أسبوع قد يرحل بعد يومان والشخص الذى كان هنا منذ يومان قد يرحل فى غضون ساعات
القطارات لا تبقى فى نفس المحطة للأبد بل تتحرك فى مسارات مختلفة ...
بعد نصف ساعة عاد مرة أخرى إلى تلك الشقة وإلى تلك الغرفة ولكن لم يجد سوى ورقة صغيرة تودعه فيها بكلمات بائسة : أنا آسفة... لطالما أحببت سماء الليل ونجومها اللامعة لذا دعنا نلتقى دعنى أكون تلك النجمة التى تنظر إليها فى الليل دعنى اتخلص من تلك الحياة فلا مفر من هذا العذاب إلا الموت...
ضم الورقة بين يديه ليركض باتجاه النافذة يرى ظلها فى الشارع تحت ضوء القمر تقف على حافة السطح...
فتح باب الشقة و صعد للسطح بسرعة وخوف
*سارة؟! هيا انزلى سيكون كل شىء على مايرام.. اعدك
ردت وفى كلامها نبرة من الرعب :-لا لن يحدث أنها النهاية أن لم أدفع الديون فى خلال أسبوع سياخذون اعضائى ويتاجرون فيها
رد عليها بانفعال يسأل : من هم؟ هذا لن يحدث... ساحميك لن يلمسوا شعرة منك... سنبدأ من جديد
اتتذكرين رقص الباليه، حفل اليوم قد نجح وعرض على فيلم فى هوليوود.. ثقى فى وامسكى بيدى أمام العالم كله قفى بجانبى على المسرح وخلفه
أكملت حديثها وهى تصرخ فى وجهه : كفى روبن كفى... الباليه... انظر لقدمى المصابة لقد انتهى كل شىء وقوفى بجانبك على المسرح لن يزيدك ألا حظا اسودا..
* لا انتظرينى استمعى لعزفى فى الحفل المئوى
قفزت من السطح واخذت قلبه معها تلك المرأة التى لم يلاحق خطواتها ولم يستطع الامساك بها ماتت لتطارده تلك الذكرى أينما ذهب، وضع تلك الزهور كمثيلاتها فى كل عام عند ذلك السور ليحيى ذكراها واعينه البنية تفيض بالدموع
اخبرتك ان تنتظرينى اخبرتك ان تبقى بقربى اخبرتك ان تستمعى لعزفى ولكن ما دامت الحياة جحيما فارقدى بسلام
أنت تقرأ
بحبها اهتديت ❤
Romanceبين الشرق والغرب اختلافات فى الفكر والروح وحروبا بالقلم قبل البنادق فماذا عن حروب الحب كالقطارات نحيا فى خطوط متوازية نلتقى ونتقابل ولكن لكل منا طريقه فمن الذى سيمضى فى طريق الاخر ويتنازل ولعل تلك الرواية تلخص فروقا بين العالمين وقلبين التقيا وارض...