تجدد عزم

13 1 0
                                    


بعد ما يقارب الشهر في دبلن و تردد داني على الطبيب دانييل

جرت الامور كما لم يتمنى او يتوقع , فلم يستطع الطبيب النفسي علاجه و اراد منه النزول بمشى للامراض النفسية لمتابعة حالته بصورة مستمرة .. بالطبع لم يقبل داني الامر لعلمه ان بالامكان ان يستمر بقائه لمدة ليست بالقصيرة و هو لا يملك كل الوقت في العالم و لا رفاهية الانتظار .. كل ما تبقى له كان شهر واحد فقط عليه ايجاد حل فيه

دخل داني في حالة من اليأس تنافي روحه المرحة و اضاع اسبوعاً في منزله لا يفعل شيئاً و كاد ان يصاب بحالة من الاكتئاب لولا زيارة تيم له

ظل تيم يطرق الباب ما يقارب الربع ساعة بلا كلل حتى سئم داني من انتظاره له بأن يسأم و يذهب تاركاً له في حاله و فتح له الباب مدخلاً اياه المنزل لكنه ظل يتجاهل وجوده لما يقارب العشرة دقائق حتى بدأ تيم في ضربه

تشابك الصديقان لمدة حتى تعب كلامهما و تمددا في الارض بلا كلام لا يعكر صوت هدوء المنزل القاتل الا علو صدرهما و انخفاضه في سرعة تنفسهما

" دعني من التنمق في الحديث و مراعاة شعورك , انت يا صديقي تتحول ببطئ الى الشخصية التي تحاول التخلص منها , دعك من بحثك عن الدواء فقد صرت ان الداء "

ايقظت كلمات تيم داني من غفلته و صمت منتظراُ صديقه يقدم له الحلول ففي راسه تجول شتى الافكار ماذا عساه يفعل هل يبدأ بالمغامرة مرة اخرى و لكن ماذا ان اصيب بنفس الحالة

" كنت اقرأ في موقع الانترنت عن عالم مجنون , قيل بأن تم القبض عليه لزعمهم بزراعته لعقل ابنه المتوفي في قردهم الاليف , و خرج منها فلم يزجوا به الى السجن " اعتدل تيم في جلسته و صار يتحدث بحماس " حسناً ما يتناقله الناس ان تلك العملية نجحت و تسترت الحكومة على ابحاثه و اخفتها و لذا اخرجوه من السجن و لم يأخذوا منه رخصة ممارسته للطب لكن بالطبع لم يعد احد يذهب اليه فمن يزور طبيباً نفسياً حُكم عليه بالجنون "

كان وجه داني بلا ملامح و جل تفكيره كان منصباً على اللحظة التي سيضحك فيها تيم و يخبره انها احدى مزحاته الثقيلة لكي ينهال عليه ببعض اللكمات لثقالة دمه في هذه المرة

تابع تيم " اسمع يا صاح , لقد جربت بالفعل كل الاطباء الاصحاء لكن لم ينفعك منهم احد , لذا ما رأيك بأخذنا لمغامرة جديدة و الذهاب للجزيرة التي يُزعم ان الطبيب راح منعزلاً فيها بعد توقف عمله قسراً "

جلس داني و ظل يحدق في وجه تيم مقفلاً على قبضته و في وجهه علامات الانتظار

سكت تيم مترقباً لرد صديقه ثم استحثه على الرد " هاا ما رأيك "

صمت داني دهراً و بنظرة تشف عن رغبته في قتل صديقه استعد تيم للرقض فلاحقه داني في انحاء المنزل

" أهذا تعريفك للمزاج ؟ يا الهي كم اريد قتلك , توقف عن الركض حالاً ايها الاحمق "

" داني داني انتظر لست امزح , حقا لا امزح "

امسك داني بتيم من قميصه و نظر له بكل استغراب متسائلاً

" لكن و هل جُننت ؟ هل عليك ان تجنّ في حين مقاربتي للجنون ! من منا سوف يرعى الاخر "

ضحك تيم ضحكته التي لطالما ادخلت البهجة في قلب كل من يقابله و قارب داني على التقاط عدوى الضحك منه لولا احساسه بالفزع لمصيبة صاحبه الجديدة

" يا صديقي , لم أجن البتة , لكن و هل نسيت ان ما تسميه جنوناً الآن هو حبنا للمغامرة و الاستطلاع , بل الجنون هو تحولك لهذا الكائن الممل "

صمتا ثم عاد كلامهما للضحك بلا مغزى , ضحك داني ألماً و ضحك تقديراً لصديقه و محاولاته لإبهاجه , ضحكا حتى لم يعد هنالك صوتٌ لضحكاتهما

" حسناً انا اوافق دعنا نرحل لأينما تظن ذاك الطبيب المجنون مختبئ , اشتقت لركوب الامواج و لبعض المرح على اي حال , لن ندع الملل ينتصر و يغزو روحي "

هزّ تيم رأسه موافقاً و ما زال يبتسم و اخبر صديقه انه قد حجز بالفعل رحلتهما و عليه النهوض مبكراً في الغد فسوف يأتي لأخذه الى المطار

لم يسأله داني حتى الى اين وجهتهما ظل مبتسماً حتى بدأ يغزو الالم تلك الابتسامة لكن لم يفلح في ازاحتها عن وجهه

كان تيم يحفظ ملامح صديقه , و لم تعجبه تلك الابتسامة المؤلمة آثر النهوض و تحرك متجهاً الى الأعلى حيث غرفة نوم داني

" الى اين تذهب الآن لا تخبرني انك ستجالسني  حتى لا اغير رأيي فأنا لست في العاشرة اذهب الى منزلك "

رد تيم : " و لكن هل تطردني الآن يا هذا ؟ على أيٍ انا صاعد لتجهيز حقيبة سفرك , و نعم اظنك لتغير رأيك في اي وقت " و صعد الدرجات متجهاً الى غرفة النوم

" هل تعلم لو كنت فتاة لتزوجتك بالفعل " صاح داني مازحاً

" لو كنت فتاة لما تزوجت شخصاً غير مسؤولاً مثلك و مثلي " صاحها تيم رداً على صديقه فأنفجر داني ضحكاً

عند مغادرة تيم ظل داني يحدق في المرآة , لقد اشتاق لنفسه , لغروره , لتهوره و حبه الكبير لما يفعله .. اخرج داني قبعته الصوفية المفضلة و ارتداها ثم خمد الى الفراش مُخبراً نفسه ان لا يهم ما سيحصل من الآن فصاعداً , عليه فقط ان يكافح ليعيش كداني يولاي المغامر الذي يُحب , لا ذاك الشخص الذي لا يألفه و لا يأنسه البتة

بقلم : أُمنية أكرم

Antallagíحيث تعيش القصص. اكتشف الآن