مر شهران كاملان وهى بمنزل والديها ، بدأت تعتاد الأمر وأصبح شوقها له طفيفا يسألها طفليها دائما العودة للمنزل لكن حتى تساؤلات الطفلين أصبحت قليلة وكأنهما شعرا أن أمر العودة غير وارد .
بدأت تنشغل بمواقع التواصل وانشأت لها مجموعة خاصة تنشر عبرها وصفات الطهى التى تتقنها وتفاجأت من مدى تجاوب الناس معها لتزداد إنشغالا وتصبح المشكلة التى بينها وبين فاروق تزداد سطحية وسخافة من وجهة نظرها ، هى ترى نفسها محقة لا يحق له الانفراد بإتخاذ القرار لقد أخطأ لذا عليه أن يعتذر لها ويراضيها أيضاً بل وعليه أن يرجوها العودة للمنزل .
وهكذا زادت الفجوة اتساعا حتى بدأ والديها يشعران بالقلق حيال حياتها الزوجية مما دعا
والدها لمهاتفة والد فاروق ومطالبته بالتدخل لإصلاح ذات بينهما ليخبره الاخير بمدى أسفه لوصول الأمور لهذا الحد الغير متوقع نظرا لحبهما وارتباطهما القوى ويعده بالتحدث إلى فاروق.
استشاط فاروق غضبا وزاد عندا واصرارا على أنها المخطئة وأن عليها الاعتذار لمغادرة المنزل دون إذن منه .ليعود والده للتحدث مع والد هنا ويطلب منه محاولة إقناعها للعودة للمنزل فقد يحل هذا المشكلة كلها .
تزداد هنا أيضا عندا واصرارا إنه المخطئ وإن عليه مشاركتها في اتخاذ القرارات التي تخص حياتهما معا وأن عليه الاعتذار .
***********************
مر شهر آخر وهما يزدادان بعدا وباءت كل محاولات والديهما لحل الخلاف بالفشل ليبدأ الجميع يشعر بالاسف لتطور الأمور لهذا الحد المزعج الذى قد يؤدى لفراق أبدى .
حزمت ماجدة أمرها فهى لن تترك ابنها يدمر حياته بعنده وغروره الذكورى اللعين لتتوجه ذات يوم لمنزله وهى تغلى غضبا فمهما كبر هؤلاء الأبناء لاينضجون وعلى الوالدين دائما مواصلة حماية حياة أبناءهم .
فتح فاروق الباب ليرى والدته الغاضبة التى أسرعت بالدخول دون أن تصافحه ، وقفت تتلفت حولها لترى هذه الفوضى التي تعم المنزل الذى طالما أحبت دخوله لنظافته .
اتجهت نحو أريكة لترفع عنها أكوام الملابس وتجلس وهى تنظر لابنها بعتاب بينما جلس أمامها بخجل : نورتينى يا ماما
تنظر ماجدة حولها بإشمئزاز وتقولى بغضب : وانت بقا مرتاح كدة ؟
تشير بيدها للفوضى : عاجبك القرف اللى انت عايش فيه ومش راضى ترجع مراتك ؟؟
ليرفع فاروق كف يده يمنعها من مواصلة الحديث: هى اللى غلطانة محدش قالها تسيب البيت .
رأت ماجدة العند يطل من عينيه وعلى وشك التحكم به لتقرر تغير دفة الحوار فتقول بلين : احنا ما بندورش على مين غلطان يا فاروق، احنا بندور على بيتكم اللى بيتخرب ، وعلى سيلا وسامر اللى هيتبهدلوا بينكم ، بلاش اقولك حبكم لانكم نسيتوه فمتستنوش إن حد تانى يدور عليه
لمس حديثها قلبه فبدأ جسده المتحفذ يسترخى ويغمض عينيه خجلا لتجد أن هذا الحوار يجدى نفعا فتكمل : هانوا عليك سيلا وسامر تقعد تلت شهور ماتشوفهمش . ازاى قلبك قسى كدة على ولادك ؟؟ ازاى قادر تعيش وتاكل وتشرب وتنام وهم بعيد عن حضنك ؟
تنهد فاروق بألم : يعنى كنت هعمل ايه؟؟ اروح اترجاها وهى اللى غلطانه !!!
عادت ماجدة للهجتها العنيفة وهى تقول محذرة : اذا جينا للغلط انتو الاتنين غلطانين ، انت كان لازم تاخد رأيها وهى ماكانش لازم تسيب البيت . لكن اصل الغلط عندك انت يا فاروق.
نظر لها معاتبا : عندى انا يا ماما !! هو ده جزائى علشان عاوز اعيشها عيشة احسن !!
أخفض وجهه لتمد كفها وترفعه : ولو انى مش عارفه هدفك الرئيسى فى القرار ده لكن هصدقك واقولك أن هى إنسانة مش كرسى ولا ترابيزة تقولها احنا هننقل بكرة وتشيلها من هنا توديها هنا ، كونك تخبى لحد ما تستلم الشقة ده يأكد سوء نيتك .
تنهد فاروق بألم فهو أراد الاستحواذ عليها له وحده لتعاقبه هى ببعدها عنه ثلاثة أشهر كاملة لم يراها ولم يرتوى منها ، قلبه يتمزق ألما لهذا الفراق الذى كلما طال زاد غضبه منها فهو لم يكن يتخيل أن تتمكن من الابتعاد عنه طيلة هذا الوقت.
ليستسلم فاروق فهو يتوق شوقا لضم طفليه لصدره كم اشتاق لدلال سيلا ولشقاوة سامر وعبثه هنا وهناك ، وكم اشتاق حبيبته أيضاً اشتاق فيها كل ما فيها .
أعاد رأسه للخلف وهو يتساءل بضياع : طيب اعمل ايه يا ماما بس ؟ والله ضايع من غيرهم بس كرامتى إزاى تبقا غلطانة وانا اللى اروح أراضيها !!
ربتت امه على فخذه بحنان : علشان انت الراجل . ومش الراجل اللى يسيب مراته برة البيت تلت شهور. روح كلمها ورجعها واقعدوا مع بعض سواء اختلفتوا أو اتفقتوا ماتسبهاش تبعد عنك .
صمتت لحظة لتقول: يابنى الست لو اتعودت على بعد جوزها هتبيعه
انتفض جسده كاملا لهذه النقطة. أيعقل أن تبيعه هنا !!!! أيعقل أن تتخلى عن حبهما !!!
عادت ماجدة تقول برجاء : بلاش يا حبيبي تضيع حياتك .انت الراجل احتويها ، فهمها وافهمها ،اذا انت مااستحملتش مراتك مين يابنى يستحملها ؟؟
رفع عينيه وهو يومئ برأسه بإقتناع لتشير ماجدة للفوضى وتقول بمرح : بس الأول هات حد ينضف الشقة لأنها إذا شافتها كدة هتطلب الطلاق.
فرت ضحكة متألمة من شفتى فاروق وهو يقول: لا دى هتخلعنى أو تقتلنى ايهما أقرب .
*************************
كانت هنا بغرفتها بمنزل والديها لتجد طفليها يهرعان لها وقد رسمت على وجهيهما السعادة لتزيد من براءتهما ويلحق بهما والدها ليقول بحماس : هنا قومى يا حبيبتي البسى فاروق لسه قافل معايا وجاى فى السكة
دق قلبها بعنف، أخيرا بعد ثلاثة أشهر تذكرها زوجها ليبدو الألم على ملامحها وهي تقول بتهكم : لا والله!!! ولسه فاكر يسأل علينا ؟
جلس والدها أمامها بينما قال سامر ببراءة : يلا يا ماما نروح بيتنا بقا بابا جاى بعد شوية
وتشاركه سيلا رأيه : ايوة يا ماما خلينا نروح البيت ونبقا نيجى نزور جدو وتيتة يوم الجمعة
لتنظر لطفليها وتقول بحزم : سيلا خدى اخوكى وروحى اقعدى مع تيتة .
تحاول الصغيرة الاعتراض لتواجه نظرة حازمة من امها فتمسك بكف أخيها وقد اختفت البسمة عن وجهيهما ويغادرا بصمت لينظر لها والدها بغضب : عجبك كدة .
تعقد ساعديها بغضب: هو اللى غلطان يا بابا .
ليقرر أبيها مواجهتها اخيرا : وانت مش غلطانة ؟؟ لما تسيبى بيت جوزك من غير إذنه مش غلطانة !!! دا انا لحد النهاردة إذا امك فكرت تعملها هحاسبها حساب عسير .
تبكى هنا وهى تقول: يعنى ياخدنى انا وولادى يرمينا فى الصحرا .
ربت والدها على كفها : المشكلة تتحل بالتفاهم يا هنا .من أمته وانت بتهربى من مشاكلك ؟
اتكلمى معاه يا حبيبتي وبعدين احنا واحنا فى سنك كدة كانت المعادى بالنسبة لنا صحرا بلاش عند يخرب بيتك لانى مش هسمح لك تخربى بيتك .
قال جملته الأخيرة بلهجة تحذيرية قبل أن يغادر الغرفة تاركا خلفه هنا تتخبط بين سعادتها لسعيه لها وبين حزنها وغضبها منه
أنت تقرأ
لعنة الهيمنة
Romanceالزواج مشاركة يجب أن يقدم كلا الطرفين كل ما لديه لنجاحها ،أما اذا أراد أحدهما أن يستفرد بالهيمنة دون الآخر لابد أن يكون رد الفعل أسوأ من تخيلاته