مجددًا، أيقظني صوت رنين هاتفي من نومي، مددت يدي كالمعتاد أبحث عنه عن طريق اللمس لأن بصري ما زال غير مستقر، لكن الرنين كان قد توقف.
تثاءبت، وفركت عيناي بأصابعي، رأسي ثقيل جدًا وجسدي كذلك، عدت أفتح الهاتف، أرى ما في جعبته.
- أهلًا سيد راني، تم قبولك للعمل معنا، يسرنا قدومك من الاحد الى الخميس ما بين الساعة الثانية عشر ظهرًا والخامسة مساءً.
من المفترض أن أقفز من الفرح الآن، لكن ملامحي تجمدت عندما تذكرت أمر فقداني للوعي، كيف وصلت الى منزلي؟
قمت من السرير وأنا أفكر، لأجد تلك الورقة الصفراء جانبي عند مكان الهاتف، فسرت كل شيء، إنه أبي.. وددت البكاء مثل طفل صغير، كيف ما زال يهتم لأمري، رغم أنني شعرت بأن في ذاك اليوم كان يود قتلي، إلا أنه يطلب مني زيارته الليلة لنحتفل.
المهم الآن، أصبح لدي وظيفة، أنا لست عاطلًا بعد اليوم، وأخيرًا سيكون لي دور حتى لو كان صغيرًا في هذا المجتمع، لا أن أنام وأتناول الطعام فقط.
أنا سعيد، هناك شيء يشد شفتاي حتى تبتسم، وشيء يهزني يجعلني أود القفز كالأطفال، وشيء يداعب أحبالي الصوتية يجعلني أود الغناء والضحك، وشيء يدفع بالحماس داخلي حتى أفعل أشياء أخرى.
دع الكئيبون يتنافسون على من أكثرهم حزنًا وظلامًا، لا تكن منهم، ولو كنت منهم كيف تحرم روحك العزيزة من كل هذا الضوء الذي يحيطك؟ تجعل ضباب الحزن يعميك عن الجزء الملون في حياتك وتبقى تتعذب دون أن تحصل على شيء.
وحدك من تختار سعادتك أو حزنك.فجأة، دون حسبان وجدت بقعي الفضية تحكني بجنون، ورأسي يدور، عيناي تدمعان.
" أهلًا راني، أنا أدريان وأنام أقوم بتسجيل هذا في ذاكرتك حتى تسمعه في المستقبل، لا أعرف كيف أقول المقدمات لذا سوف أدخل في صلب الموضوع مباشرة، أنت لم تكن تنام حقًا، مثلما حدث ليلة مشاهدتك للفيلم أو في تلك الليلة وأنت شارد وغيرها، عقلك لم يكن يستوعب وجود كائنان متناقضان في جسد واحد، أنت وأنا، لأننا طبيعتان مختلفتان، والأشياء المختلفة من الصعب أن تتواجد في نفس المكان لذا جسدك بدأ يقاوم الأمر فتفقد الوعي بشكل جزئي ويحاول التخلص مني، ألم تسأل من أنا؟ وهل أنت الوحيد الذي لديك هذا الفيروس - الذي هو أنا- ، لا لست كذلك، جميعنا فينا فيروس يتناقض عن طبيعة أجسادنا ولكنه يختلف بطريقة الظهور، لربما يظهر لأحدهم على شكل سطر من رواية، أو من فقدان شيء عزيز عليه ويتدارك قيمته، نحن هذا الصنف من الفيروسات لا نظهر الا للإنسان الذي لا يود حقًا الاستسلام للامور من البداية، أنت لم تصبح تسرق أو تصرخ على والدك، أنت تداركت بأن مشاكلك تكون صغيرة في هذا العالم الكبير، نحن من نتحكم بحجم مشاكلنا، بكيفية تصرفنا معها وبنوع مشاعرنا.
نحن ندخل أجسام الناس عندما يكونون غير مستقرين، العالم دائمًا ما يرسل رسالة بطريقة غير مباشرة للذين يقاومون حتى لا يقعون بحفرة الإحباط.
أمر تلك البقع من مقاومة جسدك لي، أنا لن أدوم طويلًا، والذي حدث معك أثناء مقابلتك حدث بسبب شدة توترك.
أود قول شيء أخر لك..
تنتهي حياة الوردة بذبولها، وهذا قرار محتم لا قدرة على تغييره، لكن الوردة لم تخلق لتذبل فقط، خلقت حتى تزهر وتعيش، وتتباهى ببتلاتها وعبيرها، وتنافس غيرها بجمالها وبما تحتاجه من الطعام.
أتدري لم الورد يزهر؟ لأن الوردة لا تفكر بأن الجو غائم اليوم أم صافي، هي تنمو باتجاه الشمس بدون تفكير أو تردد، هي تعلم أن ذلك هو الطريق الوحيد الصحيح.
كلنا سنذبل في أخر الطريق، لكن لا يجب أن نستسلم للذبول من البداية، لأنه المرحلة الأخيرة
لا أقول لك بأن لا تتذمر أو تبكي، ولا أحاول أن أقول بأن العالم جميل، في الواقع هو مليء بالشر
لكن في النهاية نحن لا نعيش في الجنة، ولا نعيش في الجحيم، نحن نعيش في الدنيا فقط، تبدو وكأنها مزيج من الأثنين "
سمعت رسالته، وبدأت دموعي تهطل من عيناي.
- وداعًا راني.
لا أعلم لم يغادر، شعرت برأسي يخف تدريجيًا حتى بدأت أظن أنني لم أعد أمتلك رأسًا، والبقع أختفت تمامًا.
في النهاية نحن سنفقد كل شيء، حتى أجسادنا التي خدمتنا وضرتنا ستتركنا في النهاية وتبقى الروح وحدها وما فعلته محمول على أكتافها.
من كل ما سبق أدركت شيئًا، ووضعت قواعدًا لنفسي بسبب ذلك، لا يجب أن أكون كسولًا، لا يجب أن أتوقف عن المحاولة، ولا يجب أن أتعلق بشيء فكل ما في هذا العالم زائل.
لكنه يترك أثرًا..
رن الهاتف برسالة مجددًا، إنه الطبيب الذي ذهبت له في بداية قدوم فيروسي الراحل.
- لديك موعد مع الطبيب جاك للأمراض النفسية غدًا، لا تخاف، الفصام يعالج معه.
كل ما حدث في حياتي مع أدريان كان وهم خيال، أنا إنسان مصاب بفصام الشخصية.
● ● ●
(النهاية)الذي لم يفهم فإن من أعراض الفصام تخيل أشياء غير موجودة
شكرًا لقراءتكم :)
وأتمنى أن تكتبوا رأيكم نحو القصة❤دمتم في حفظ الله دائمًا🌸🌸
أنت تقرأ
فيروس
Paranormal"العالم دائمًا ما يرسل رسالة بطريقة غير مباشرة للذين يقاومون حتى لا يقعون في حفرة الإحباط" - تم اختيارها في (Top10 on wattpad) الخاص بفئة الخوارق من قبل مؤسسة أكون للإبداع العربي.