(الأخير)

18.4K 620 165
                                    

بقلم :نهال عبد الواحد

كانت الأيام لشفق في غير وعيها أغلب الوقت بفعل المهدئات لكن كانت في كثير من الأوقات تبكي بحرقة وهي نائمة وتدفع بيدها كأنها تدفع شخصًا ما وتصرخ: إبعد عني يا حيوان!

فتأتي إحدى الممرضات وتعطيها حقنة مهدئة فتذهب بعدها في سباتٍ عميق، بعد مرر عدة أيام بدأت تستعيد وعيها وطمأنهم الطبيب إلى حد ما وسمح لها بالخروج من المستشفى.

لكنها قد تبدلت فصارت دائمة الصمت وشاردة تمامًا، حزينة ومنطوية على نفسها وفي الليل ترى الكوابيس المفزعة.

حاول وليد كثيرًا أن يخرجها من حالتها تلك لكن الأمر كان أصعب ما يكون وبدأ يعاود عمله ويجئ إليها من وقتٍ لآخر محاولًا التحدث معها.

ربما قد أخذ العمل من وقت وليد وربما شعر بقلة حيلته وعدم قدرته على إخراجها مما هي فيه.

وذات ليلة عاد من عمله فوجد أمه جالسة بمفردها تشاهد التلفاز فسلم عليها وجلس جوارها في صمت.

سألته هالة: وبعدين يا وليد!

- هعمل إيه يعني؟! بفكر اليومين الجايين نروح كلنا في مكان نغير جو.

- بصراحة فعلًا كلنا محتاجين نغير جو، وفوفا كمان مش عجباني خالص اتصدمت حبيبتي من موضوع أمها ده.

- الحمد لله إنها عرفت الحقيقة عشان أرتاح من تأنيب الضمير! وكويس إنها جت منها، هي اللي فارق معاها دلوقتي ياماما هي شفق اللي اختفت من حياتنا كلنا، مش عارف الموضوع مطول معاها كده ليه؟!

- مش سهل عليها كل اللي حصل ده، خطفها وأخوها والحمل اللي راح واحتمال ما يحصلش تاني عشان... عشان سنها يعني.

- بلاش كلام في الموضوع ده يا ماما لو سمحتِ!

- يا حبيبي ما يمكن فيه أمل، ووالله هيفرق معاها!

- ماما من فضلك الموضوع ده خط أحمر وممنوع أي حد يتكلم فيه.

- عارف! لو عايز فعلًا تغير جو خدنا كلنا نطلع عمرة.

فقال بفجأة: هه!

- هو أنا قُلت حاجة غلط! إنت والحمد لله واظبطت على الصلاة والتزمت يبقى إيه اللي يمنع إنك تطلع عمرة وحج كمان؟! ما إنت بسم الله ماشاء الله ربنا يبارك و يزيد!

- كل الحكاية إني مافكرتش قبل كده، بس والله مقتنع بالكلام! حاضر يا ماما هدور واحجز ف أقرب وقت.

ومضت أيام أخرى وذات ليلة جاء وليد ورأى شفق تقف في الحديقة جوار حوض الزهور فابتسم وذهب إليها.

همس وليد بعشق: هو القمر نزل ف جنينتنا إنهاردة ولا إيه!

فقالت دون تعبيرات: حمد الله على سلامتك.

(العوض الجميل)                   Noonazad حيث تعيش القصص. اكتشف الآن