𝟘𝟛

328 40 72
                                    



بوسعنا القولُ، في حقيقة الأمر أنَّ الخريفَ قد خلف سريعًا الخريف
ضوءُ الشمس المُعتاد سقوطه على حوافِ لوحاتِ جيمين ماعَاد بإستطاعتهِ ذلك وصار من الصعبِ عليه من جهةٍ أخرى تقفي أثارِ الغبار لمسحهِ

كانت نفحات الغُبار تتكوم بجوِّ المكان بشكل واضِح، بوسع المرء رؤيتها والإختناق بها بسُهولة
لكنها وعلى الأرجح لم تصل لأنفِه أو أنها وصلت بالنهاية له
وصلت لجِيمين المصاب بالزكام بأوائِل فصل الخريف

كم يبغض الخريف
الخريف الباهِت

متكوم على حاله كشرنقه ضَخمه فوق الأريكه يضم بيديه الشاحبه حواف الملائه -هذه ليست أهم قضايا الموسِم

كان يشدُ بالدفئ نحوه يحاول التفكير بوسيلة تجعل الوصول للمرآب وغلقهِ أكثر بساطة يمكن للرياح الدخول للبيت بسببه -لماذا قد أخطط لمرآب وأنا لاأقود حتى
فكر وكان هذا أفضع شيء قد فعلهُ في سنين حياته عدا كونُه رفع دعوى لمركز شرطة الحيِّ لكلب تحرش بقطِته

جيمين يملك مليون سبب لمليُون قضية مليون عُذر لمليون خَطأ
ولكن يصعبُ عليهِ بالنهاية غلق المرآب وقمُع تذمراتهِ
هي ترتدُّ بعد إصطدامِها بأركان البيتِ لتعُود لأُذنيه

وهو حتى الآن يتسائلُ عنِ الضوضاء التي تحدثُ في منزله فلا هوُ ولا قطته على سبِيل التخمين شديدوِّ الإلحاح والكلام وهو كما يرى أن صاحب الصوت شخصٌ غليظ عديم الصبر -جالب لألم الأذُن-

يمتلك أطفالًا بحيه لايجد لفضولهم مسدّ وقد حاولَ في مرةٍ ما على سبيل التجربة نشر شائعة مُوجزها أنَّ بيتهُ مسكونٌ بشبح ريفيِّ، عله يسكن ولايبرح أريكته المتيبسه لفتح البابِ لكن قد يبدو الإله غير رحيمًا به ليجعل الأطفال لايبرحُوا منزله منذُ ذاك الزمن حتى وقته الحاليِّ

مدَّ ساقه للأسفلِ بعد شعُورهِ  بالوهن يقتحمُ عِظامه -قد بدأ الشباب يزُول
لكن جيمين لازال يوهم نفسه بأمر رُوحه اليافعه

رُغم التجاعيد وطقطقةِ المفاصِل، الحُمى الدائمه وشحوبِ الوجه
النظر والسمع العقِيم هُزله المتفشي وأخيرًا الهاله المعتمه حولُه

من الجدِير ذكره- هو يمتلكُ قائمة طويلهَ باهته ومتجعده بدُرج منضدة الرسم
حاول وعلى مدار سنين حياته عدم لمسِها، هو بدأ يُحس بدنو الوقت
الوقت الحاسِم
يكون المرأ أشدَّ يقظة في عُمر كهذا في عمرٍ يبقيه مسهدًا خاوي الوفاض

ثمة شيءٌ من المرارة يكتظ بمقدمة حلقه وشعور الجفاف والتيبُس ينتشر بسقم في أطرافه، وقف بسرعة ساحبًا أقرب قماشة مبلله ليبدأ بمسح حوافِ لوحاته -إبِقي أنتِ أقلًا
همس بخفوت
فكر عند وقُوفه أمام إحدى اللوحات -صبيٌ صغير مضيء
كان بإستطاعة من ينظُر لها رؤية الضوء المنبعث مِن اللوحة

لم يُلاحظ مع شدة تأمله العبوس المرتسم بهالته
الظلامُ الباهت وإبتلاع الأمور له، كان يفكر بملِئ نفسه ليقترب من الطاولة القريبة منه مُقطبَ الروح فاردًا ساعدهُ المُدمى لرمي التمثال المُتموضع فوقهَا
صُراخه يرتد لأذنيه، كان بإمكانه أخيرًا معرفة دوافع الضوضاءِ
والضحك طويلًا على إعتقادهِ

بدأتِ الأشياء تطفو من حوله
اللوحات أدوات الرَسم الخزفِيات، روحه أنفاسه لهاثه المُستمر
إستند بنفسِه على ركبتيه يضحك بفرطِ، ينتفض مع كل الدموع الساقطه منه
وبمكانٍ ما كان يمكنه رؤيتُه.. رؤية جيمين الصغير ملوحًا

في مكان بعِيد عن هنا
حيث لاهنا إلا هُناك

بإستطاعته مدُّ ساعده لأقصى نقطة، يشعر بالخفة والخواء يتفشَى به
كان الدهليز الذي وجد نفسه به فجأة يصل بينهُ وبينه
مغلفٌ بالمرايا- عندها فكر ألم يُبقي المرايا بعيدًا حتى الأزل عنه؟
فلما قد تكوَمت بهذا الطريق

بإمكانه رؤية بقايا الزجاج تحت قدميه والشعور بوخِزها عميقًا
تسائل- هل هو الموتُ؟
لكن صوته لايرتد له كما السابِق

فقط بضعُ كلمات متعجله بدأت تكتظُ بهواء المكان، عندما حاول جيمين قراءتها تمكن بالشعُور بدموعه تخدش خدِيه
الكلمات تسبح بهواء المكانِ قريبًا بشكلٍ واضح مِنه
قريبٌ جدًا -همس

ولازال يرى جيمين الصغِير يقفُ بعيدًا يلوح هناك
المسافة ضئيلة ومن جهة ما شاسِعه
بينهم فاصِل مضيء، أحسّ بأن جسده يحترق عندما حاول الولوج للطرف المُقابل
هو ماخُلقت لأجله -

كان صوتًا غريبًا عليه ولازال بطريقة ما يتنفسُ الجحِيم
بتلك النقطة الضَيقة الخانقه
حيثُ توجد الأن توجد روحك -

عندما بدأ بمدِّ يده أحس بالبرودة بالجهةِ المقابلة
البرودة التي خدشَت أوصاله
يمكنهُ سماع أصوات النُواح على مقربة منه
لم تُنسى كنت مختارًا -

يبدو له المُحيط عبثًا كله - وإنه لكذلك بالفعل
عندما سُحب عميقًا للداخل
عندما إستطاع عبور الحاجز الضوئِي
ترك إيمانه ومعتقداته أحلامهُ حياته وماإنتصف به وراءه
إنها نشوةُ الموت -همس

-يُمكنكم وضع ڤوت وتعليق إن أمكن؟

ᴜᴘ ᴛʜᴇʀᴇ ᴀʙᴏᴠᴇحيث تعيش القصص. اكتشف الآن