كان يوماً حاراً من أيّام الصيف.
كان وقت الغروب، تورّدت السماء والشمس في أول رحلتها للزوال، كنتُ وحيداً، مُنزعجاً، فلم يرغب أصدقائي بالبقاء معي؛ بعدما اجتاحهم الخوف فقرروا الهرع عودةً لبيوتهم، مرتعبين، فقط من وحوش لا وجود لها أنشأها أهلهم ليغلقوا آفاقهم فيحبسوهم في دوائر مغلقة كما كنتُ أفكرّ، " حمقى ! " كنتُ أقول لنفسي، أصيح كل ثانية، هم حمقى جبناء فقط لكونهم أعقل مني، أيّ منطق مريض كنتُ أتبع؟ لا أدري حقاً، إنما أن منطقي وأسلوب تفكيري السابقين تسببا لي في كثيرٍ من المشاكل، وكانت هذه إحداها.
-" ما المُخيف؟ إنني لا أرى شيئاً مُريباً، أشجار، نباتات، حيواناتُ غابةٍ مألوفة وهواءٌ عليل .. بل إن الجوّ رائع ! " كُنت أتمتم، أكذب على نفسي. لم يتواجد حقاً أيّ أمرٍ مُريب حولي، لكنني كنتُ خائفاً. لم أكن متأكداً ممّا كنتُ خائفاً، أأنا خائفٌ من كوني في منطقة ممنوعةٍ على الأطفال يُحذرون منها من أيام تفتحت عقولهم على فهم لغةِ شعبهم؛ أم أنني خائفٌ من نفسي؟ من نفسي، من كوني مُتهوّراً لا يستخدم عقله، من شخصيتي المقرفة التي تجعلني ذاك الخارج عن القانون، ذاك المُختلف الفكر عن الآخرين، ذاك الذي يذهب للخطر ولا خطّ واضحاً لديه حقاً بين الصحيح والخطأ، المقبول والممنوع، ولا يمكنني كبح جماحها؟
بالفعل. كانت فكرةً مُخيفة وما تزال. أن لا أملك سيطرةً على نفسي، فأسمح لها بالسباحةِ رُفقة التيار رغم أنني لا أريد ذلك متى ما أرادت هي، إنها فكرةٌ مخيفة. نحنُ لسنا شخصين منفصلين، ومع ذلك، أجدني أقع بمثل هكذا حالة، كأن هناك من يسكنني. يا إلهي. " بدأتُ بالهلوسة. " حدّثتُ نفسي التي لا أدريها من تكون. " لهذا أفضل البقاء قُرب إنسٍ آخرين. إنني أشرع في تفكيرٍ غريب حال بقائي وحيداً. "
كمنت المشكلة في أن الحل في يدي. كان بسيطاً، سهلاً، كل ما كان عليّ فعله هو الاستدارة، والسير بهدوء نحو مخرج الغابة فمطلع البلدة ثم بيتي. كان كل ما عليّ هو اتخاذ قرارٍ بسيط، أن أقول لنفسي: لا، هذه ليست فكرةً جيّدة يا لوي، فلنعد ونتناول العشاء حال اكتمل طهوه ساخناً مُباشرةً، أفضل من العبث في مكانٍ قيل لك مُسبقاً أنه خطير، أليس كذلك؟
لكنني لم أفعلها. لم أستطع فعلها. وذاك سبب لي ارتباكاً مُضاعفاً.
سمعتُ بعد دقائقٍ من مشيَ عشوائيّ صوتاً. كان صوتاً جديداً، لم يسبق لي أن سمعته مُسبقاً، اتبعتُه حتى وجدتُ مصدره .. كان طائراً.
إن لم تخني عيناي فإن رأسه مقلوبٌ يُطلّ على جهة أجنحته البنيّة، وكنتُ متأكداً عن قراءة أبي لي عنه سابقاً مرّةً، أعتقدُ أنه أحد الأنواع القليلة التي تتيقظ ليلاً، أجل، البوم ! قد قال أنه كان محظوظاً بلمحه مرةً أو اثنتين في حياته، وكان مُعجباً للغاية بملامحه المميزة، والتي كانت بالفعل؛ بل تكفي إمكانيته على تدوير رقبته كما يشاء، إنه عجيب ! ابتهجت، كأنني أنجزتُ أمراً مُهماً شبه مُستحيل الإنجاز هو إبصاره، وعلّه كان كذلك بالفعل لو لم أتشجع لوطأ هذه الأرض المجهولة المعزولة. أخذ ينظر لي بثبات، كأنه يُحاول اكتشافي جيداً كما أفعل معه. استكملتُ طريقي دون سرعةٍ قد تُثير انتباهه.
أنت تقرأ
الفتى الذي استقرأ المشاعر.
הרפתקאותإن لوي لورني، من ميتم شورين لي، ليس بفتىً عادي. كان طيباً، منظماً، خجولاً، وانطوائياً.. لدرجةٍ لا يخفى على أي ناظر، وخاصةً أصدقائه القدامى، أنها خطيرة. أنها تدعو للريبة. بالطبع، فأنَّا لهم معرفة سره الذي حلَّ عليه يوماً فجأة وغير كل شيء من حوله: شخص...