قطعة من السماء💛
#الفصل_الرابع:لا أذكرُ أنِّي في مرةٍ شعرتُ بضرباتِ قلبِي تتسارعُ حيالَ فعلِي لأيِّ شيءٍ كما حصلَ وأنا أضعُ ذلكَ المفتاحَ في القفل.
عينايَ تعلقتَا بالمكانِ في الداخلِ والمصباحُ الذي بيدي أضاءَ المركبةَ دونَ أن أملكَ أيَّ رغبةٍ بالانتظارِ حتى الصباح، وبطريقةٍ ما أردتُ أن يبقى ذلكَ سرِي أنا وعمي، وحلمِي الصغيرُ المتجسدُ بتلكَ المركبةِ التي صنعها جدِي.
كانَت متسخةً من الداخل ومغطاةً بالغبارِ ولكنهَا جميلة، شيءٌ كبدايةِ الحلم، بعينيَّ.. بدَت لي براقةً ولامعة، وفكرتُ كيفَ سيكونُ شعورِي حينَ تصبحُ مسكنِي خلالَ رحلتِي الموعودة.
عيدُ ميلادي السادسُ عشر كانَ نقطةَ التحولِ الجميلةَ بحياتِي، اللحظةُ التي وجدتُ فيها سبباً يدفعنِي لأدرس، بعدَها اتصلتُ بعمِي وأخبرتُه أنِّي أريدُ فعلهَا، أريدُ أن أنجحَ وأتفوق، أريدُ أن أدخلَ الجامعة وأدرسَ بجد..
خرجتُ ذلكَ اليومِ من مرآب ِالمنزلِ بعدَ أن أعدتُ إقفالَ المركبة، وضعتُ دفاترَ جدِي القديمةَ والمفتاحَ في الصندوقِ ووضعتُه أسفلَ سريري، سأعودُ له حينَ أكونُ مستعداً.. وعدتُ نفسِي بهذا.
في اليومِ التالي تغيرَ كلُ شيء، لم أقضِ الليلَ بطولِه أنظرُ للنجوم، ولا النهارَ بأكملِهِ محدقاً بالمركبةِ القديمة، أصبحَ لدي شغفٌ جديد، شغفٌ خلقَته تلكَ الأوراقُ بداخلِي، لأتعلم، لأكتسبَ المعرفةَ الكافية حتى أفهمَ ما كتبَ بها..
لم يصدق والدي التحولَ الغريبَ الذي أصابني، الهدايا الأخرى لعيدِ ميلادِي بقيَت بجانبِ خزانَتِي لأتذكرَ فتحَها بعدَ شهرٍ تقريباً، الهالاتُ السوداءُ التي ملأَت وجهِي كانت مألوفةً للجميع، ولكنَّها كانت للمرةِ الأولى لسبب! لطموح!
مرَتِ الأيامُ بسرعة، اللحظاتُ التي تشغلُ بها نفسَكَ للحدِ الذي يجعلكَ تنامُ مرهقاً بشدة تفكرُ فقط بكمِ الإنجازاتِ التي قمتَ بها لهذا اليوم، وتطمحُ لحجمِ الإنجازاتِ الذي ستقومُ بها غداً، كلُ ذلكَ بالنسبةِ لي كانَ رائعاً، استثنائياً، وجديداً..
درستُ كلَ شيءٍ وجدتُه أمامِي، بدءاً من كتبِ جدي وانتهاءً بالكتبِ التي لا تُعد والتي وجدتُها على الشابكة، قرأتُ ودرستُ وكأنَّ حياتِي تعتمدُ على ذلك، شيءٌ أخبرنِي أنَّ هذا سيحصلُ يوماً ما..
كيفَ مِن الممكنِ أن يغيرَ هدفٌ صغير حياتَنا؟ هي أشياءٌ لا يدركُها معدومي الأهداف، أشياءٌ لا يدركُها أولئكَ الأشخاصُ الذينَ لا ينظرونَ إلا لواقعِهم وأحلامِ اليقظة خاصتِهم، النمطُ من الناسِ الذي كنتُ عليه قبلَ تلكَ الليلةِ التي وقعَت بها دفاترُ جدي بينَ يديَّ.
لم يتخيل والدي أنِّي قد أتغيرُ بينَ ليلةٍ وضحاهَا لهذا الحد، ظنَّ أولاً أنِّي مصابٌ بالزكامِ أو مسٍ منَ الجنون، أيَّاً كانَ ما أقومُ به فهذا لم يكن أنا، أو على الأقلِ لم يكن ما اعتادوا عليَّ أن أكونَ عليه.
لم تتخيل أمي يوماً أنِّي سأرفضُ السهرَ في الليلِ لأنَّ لديَّ الكثيرُ منَ الدراسة، الكثير ُمن الكتبِ المتراكمةِ في مكتبتي الإلكترونية، وآلاف ألغازِ الكون ِالتي أريدُ فَكَ شيفراتِها بنفسِي قبلَ أن أرى كيفَ فعلَها العلماءُ قبلي..
الفيزياء، الكيمياء، العلومُ الحيوية، علومُ الفضاءِ والفلك، قرأتُ كلَ ما وقعَت عليه عينيّ، تخصصتُ بالجامعةِ بهندسةِ الميكانيك وغادرتُ قريتي نحوَ العاصمةِ لأدرس..
مغادرتِي كانَت خطوةً كبيرة، بدأَت مرحلةٌ جديدةٌ من حياتي، رافقَني بها الكثيرُ من الأمور، حبِي للسماء، أمنياتِي التي لم تَخبُ بأن أصبحَ جزءاً منها، حبِي لحلمِي وتمسُكِي بأصدقائي النجميين، وأخيراً.. جهازِي اللوحي والصندوقُ الذي وعدتُه أن أفتحَه في الوقتِ المناسب، كلُ تلكَ الأشياءِ سافرَت معي للعاصمة، لتبدأ رحلةٌ جديدةٌ لي..
To be continued
بقلم: روان المصري.
تدقيق: أميرة نمور - شام الصواف - ناصر القاضي.#الجمعية_الفلكية_السورية
#المبادرات_الشبابية
#الفن_الفلكي #لوحات_من_السماء
أنت تقرأ
A piece of the sky | قطعة من السماء
Ciencia Ficción"أمرٌ وحيدٌ أدركتُه؛ الذين يحدقونَ بالسَّماء يصبحونَ جزءاً منها!" قصة قصيرة R.M