"يومي الكئيب"
لقد تغيرت كل الموازين الكونية ، عقلي لم يعد يتحمل كل تلك الإهانات ، في قلبي حروب ٌكثيرةٌ وانشقاقٌ نصفيّ ، صار مملكةً يحكُمها ملكين ، الأوّل يريدُ الحياةَ والآخر يتمنى فناءها ، صراعٌ داخليٌّ بين الكآبةِ والتفاؤلِ لا ينتهي إلا بموتِ أحدهما ، كل ذلك كان معلقاً بكم لكنكم لم تلتفتوا إلى ذلك الجانب المضيء ، طمستم نوره ُومجدتم السّواد حتى مات ، الساعة الآن الخامسة والعشرون من يومي الكئيب ، كل شيء يثير رغبتي بالبكاء لكنني لم أبكِ ، كل شيء كان ينزع جلدي عن لحمي لكنني لم أمت ، كل شيء كان قاتلاً لكنني كنت ضعيفاً للحد الذي منع الموت من الاقتراب من شخصٍ هزيل مثلي ، كنت على شفا حفرةِ القبر لكنني لم أسقط ، أيعقل أن كل هذا الخراب داخلي وما زلت صامداً ، لست ُضعيفاً لكنني أيضًا لست قوياً لأتحمل كلّ هذا ، كلُّ شيءٍ كانَ يشعرُ بمأساتي إلَّا اليسرى ؛ كانت تتصنَّعُ اللامبلاةَ حتى باتت لا تبالي ، حتى اللاوعي صار وعياً ، لا عالم أهرب له حين أحزن ، هُدم كله على رأسي حينما حاولت الولوج ، سحقاً حتى قد الفرح صُيِّرَ تعاسة ً.
لم تكفِني أربعٌ وعشرونَ ساعةً من الحزن فازدادَ يومي الكئيبُ ساعةً أخرى .
.
.