الفصل الثاني

3.2K 91 1
                                    


أما بألمانيا فبدأ القرصان ينصب شباكه حول زمردة, فحين كانت جالسة وجدت هاتفها يرن برقم غريب, لكنه مسجل باسم القرصان..
عقدت حاجبيها وردت ولم تجده سوى حيان, حاول الحديث معها كثيرًا؛ ولكنها كانت تصده, تغلق الهاتف بوجهه ولكنه لم ييأس..
بل كان يطاردها من مكان لآخر.. حتى شعرت بالجنون منه, ولكنه كان يخبرها ببساطة أنها مصادفة..
حتى على حسابها الإلكتروني يقرأ ما تكتب ويعلق عليه..
حين كانت بالنادي وجدته هناك, ولكنه كان منشغلاً عنها يلعب مع بعض أصدقائه مباراة لكرة السلة,
وتجمهر الكثيرون للمشاهدة, لم تدري لِمَ دفعها فضولها لرؤية المباراة ورؤيته يلعب!..
كان الوضع حماسيًا وهو يلعب ويراوغ بمهارة, يتعثر ويقع وينهض ليسدد,
يضحك بانطلاق وسعادة وشغف, يمارس شيء يحبه بحق, ذكرها بنفسها حين تجلس لتكتب بشغف وسعادة..
حين انتهت المباراة تحركت سريعًا حتى لا يراها, لكن حين جلست على إحدى الطاولات تتناول مشروبًا,
وجدته يجلس بجوارها بعد أن أبدل ملابسه..
رمقته بغضب وأشاحب بوجهها عنه..
ابتسم وقال بهدوء صادق:" هذه حقًا صدفة.."
زمت شفتيها ولم تعلق, وعادت ترتشف من كأسها..
مال برأسه يتطلع إليها بهدوء, وقال بمشاكسة:" ألن تطلبي لي مشروبًا؟.. لقد كانت مباراة متعبة, بالحق ألم تعجبكِ؟.."
هزت رأسها يأسًا ونظرت إليه, قائلة بتعجب:" أنت حقًا غريب.. ألا تيأس أبدًا!.."
ضحك بخفوت, وتساءل بحيرة:" لم أفعل شيئًا الآن.. اسألكِ إن أعجبتكِ المباراة؟.."
تنهدت وقالت:" أنت مخادع.."
ارتفع حاجبه بدهشة ينظر إليها بترقب,
فأكملت موضحة:" لقد رأيتك أكثر من مرة تندفع ناحية خصمك, وتتظاهر بالإصابة, هذا ليس عدلاً.."
ضحك يرجع جسده للخلف يجلس بأريحية,
قائلاً ببساطة:" الحرب خدعة, والمباريات فوز وخسارة وعليكِ أن تستغلي كل الوسائل للفوز.."
_ هذا ليس فوزًا شريفًا..
ابتسم برقة وقال بهدوء, وعيناه تلمعان
ببريق غريب:" الجميع يفعل ذلك, بكرة السلة هناك بعض الأشياء التي نفعلها لنضمن الفوز, الجميع يفعل ذلك, ليس أنا فحسب.."
نظرت إليه متفحصة ملامحه وتساءلت:" هل تحب كرة السلة كثيرًا؟.."
اعتدل يلتفت إليها, قائلاً بقوة:" كثيرًا.. مثلما تحبين أنتِ الكتابة.."
رمشت بعينيها, وقالت بدهشة:" ومن أخبرك هذا؟.."
ضحك قائلاً بثقة:" لقد قرأت الكثير مما تكتبينه.. وأنتِ تكتبين بشغف لاحظته أنا.."
مطت شفتيها للجانب ولم تعلق,
فأردف بحماس:" لدي عرض لكِ.. لن ترفضيه.."
رفعت حاجبها تنظر إليه بترقب, وقالت باستخفاف:" ولِمَ لا أرفضه؟.."
ابتسم وقال ببساطة:" لأنه سيريحكِ من إزعاجي المستمر.."
لمح بعينيها الترقب؛ فأردف بابتسامة ودودة مقترحًا:" ما رأيكِ أن نكون أصدقاء؟.."
فغرت شفتيها قليلاً تنظر إليه مطولاً, ثم ضحكت.. ضحكت بقوة جعلته ينظر إليها بتعجب, وإعجاب بنفس الوقت,
كم هي جميلة ضحكتها تجعل وجهها يشرق, ثم لديها غمازة, غمازة وحيدة بوجنتها, يا لها من فتاه!..
خفتت ضحكاتها, وقالت تهز رأسها يأسًا:" يا إلهي أنت حقًا لا تيأس.. هل تظنني حمقاء للوقوع بحيلتك هذه؟.."
عقد حاجبيه, وقال بامتعاض:" ليست حيلة.. أنا أتحدث بصدق.."
التوي ثغرها بابتسامة مستهزئة, وأشارت بسبابتها ليقترب منها,
ثم مالت ناحيته مقتربة منه تنظر لعينيه بقوة وجراءة, لدرجة,
جعلته يجفل ويبتلع ريقه بصعوبة,
وهمست بقوة وثقة, وابتسامة ماكرة تتلون على
ثغرها:" يمكنك الضحك على غيري أيها القرصان.. فأنا كاتبة روايات, و قمت بكتابة أنواع الشخصيات والكلمات المعسولة,
بل أنا أفضل واحدة تسمعك كلام الغزل, لذلك لن ينطلي عليَّ حديثك هذا.. العب غيرها.."
ابتسم هذه المرة بإشراق, وقال مطرقًا برأسه للأسفل بصدق:" أعلم هذا زمردة..
ولذلك أنتِ لن تنخدعي بي ولن تنافقيني,
وأنا أيضًا لن أنافقكِ.. ستكون مصلحة مشتركة.."
عادت بظهرها للخلف تستند لكرسيها,
متسائلة برفعة حاجب ساخرة:" وماذا يدفعني لأوافق؟.."
رفع رأسه قائلاً بجدية:" أحتاج لصديق يواجهني بعيوبي وأخطائي, وأنتِ كذلك.."
وقال سريعًا حين لمح نظرة الاستنكار
بعينيها:" لا تكذبي تعجبكِ الفكرة.. لن تخسري شيئًا.."
وأضاف ببطْء متعمد خبيث:" أم أنكِ خائفة من الوقوع بأسر القرصان,
وحديثكِ مجرد تراهات؟.."
أغضبتها كلماته بشدة, وكادت تنهض وتتركه بعد أن تسكب على رأسه كأس العصير,
ذلك المستفز يظن أنها ستقع بشباكه, وتسقط بحبه, مخطئ..
هي تعرف أنها حيلة قديمة لُعبت كثيرًا, فما من صداقة بين شاب وفتاة وتستمر هكذا أبدًا,
وهناك بعض الجهات الخاسرة, لكن غرورها دفعها للموافقة,
ممنية نفسها بالفوز علي ذلك المغرور وتلقينه درسًا لن ينساه, وهو أن كل فتاة ليست طريدة سهلة..
مد يده مصافحًا إياها لبدء هدنة بينهما, فلمحت بعينيه بريق ماكر لم يخفى عليها؛
وانتقل مباشرة لعينيها لترد نظرته الماكرة المتحدية بالمثل..
******************

زمردة والقرصان (نوفيلا مكتملة) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن