الفصل الرابع

1.7K 62 2
                                    


تلك الليلة قضياها بالبحر منفردان بعيدًا عن العالم, كانت تود ألا تنتهي ليلتهما أبدًا وتظل هناك بين ذراعيه, وهو يعلمها لغة جديدة عليها وتستقبلها بنهم شديد,
لغة الحب على يد القرصان العابث..
ولكن حل الفجر سريعًا, وعاد بها إلى المنزل ليجمعها متعلقاتهما للرحيل,
كانت عابسة الوجه متململة, فضحك حيان مسترضيًا إياها, ووعدها أنه سيعيدها إلى هنا مرة أخرى قريبًا جدًا, رحلت معه على مضض, عيناها تودعان المكان بحسرة شديدة..
******************

عادا إلى منزل والدي حيان بعد سفر بالسيارة دام خمس ساعات, لم يخلو من عبث حيان ومشاكساته, حتى أنهما كادا يضبطا بالطريق بفعل فاضح بسبب جنونه..
بالشقة ابدلت زمردة ملابسها سريعًا بملابس بيتية مريحة, قميص أحمر قصير لا يكاد يصل إلى ركبتيها,
نظرت إلى نفسها بالمرآة تهز رأسها يأسًا ذلك القرصان عاشق للون الأحمر بجنون,
حين ذهب معها لشراء ملابس بعد هروبها معًا, انتقى كل
ما يراه باللون الأحمر أمامه حتى أنها ذُهلت مما يفعله وجعلها تنتقي بعض الألوان الأخرى على مضض..
ضحكت بخفوت حين شعرت بذراعيه يطوقان خصرها يقبل عنقها,
هامسًا بكسل:" تبدين جميلة بهذا القميص.. يا إلهي ستصيبيني بالجنون حلوتي.."
مالت برأسها قليلاً, وقالت بدلال:" حيان.. كف عن عبثك, أنا جائعة بشدة.. أين الطعام؟.."
همهم بخفوت ناعم يغمض عينيه:" دقائق ويصل, ولكن علينا أن نغتنم الدقائق الثمينة بشيء أكثر شهية بالنسبة لي.."
هزت رأسها يأسًا ورفعت ذراعيها تبعد ذراعيه, قائلة بغنج متململ:" كف عن هذا أنا متعبة من السفر.. وأنت....."
قاطعها يلفها لتواجهه فتري بعينيه لمعة ماكرة توحي بما يفكر به:" أنا لست متعبًا؛ فمعكِ يتلاشى كل إحساس إلا بكِ.."
ودنا منها ليقبلها ولكن جرس الباب أوقفه, فهمس أمام شفتيها بتبرم:" ها قد وصل الطعام, وأفسد شهيتي الخاصة.."
ضحكت برقة وقالت بمشاكسة:" هيا إذًا أحضره فشهيتي أنا لم تفسد, وسأتناول كل الطعام.."
همهم بكلمات مبهمة واعتدل قائلاً بتوعد:" ستندمين على قول هذا بعد قليل.."
هزت كتفها بدلال, فزفر بحرارة وتحرك بخطوات ساخطة, يخرج من الغرفة متجهًا إلى باب المنزل يفتحه..
جلست تنتظره تسند وجنتها على كفة يدها المضمومة, لقد تأخر كثيرًا بالخارج, كل هذا ليأخذ الطعام..
سمعت بعض الأصوات الخافتة فعقدت حاجبيها,
ثم زفرت بحنق تتحرك للخارج,
هاتفة بتذمر:" هيا حيان أنا جائعة لِمَ تأخرت هكذا؟.. ما الذي تفعله هناك كل هذا الوقت؟.. هل موصل الطعام فتاة وأنت تتغزل بها الآن.. هيا......"
لكن تجمدت باقي كلماتها على طرف لسانها, واتسعت عيناها بذهول وعدم تصديق حين وجدت عدنان أمامها, وحيان مسجى على الأرض غارقًا في دماءه يتأوه بضعف, وحوله الرجال..
ما لبثت أن تحولت نظراتها لذعر شديد, تصرخ مندفعة إلى حيان, ولكن قبل أن تصل إليه جذبها عدنان باتجاهه بقوة جعلتها تترنح,
هادرًا بشراسة:" هل ظننتِ أنني لن أصل إليكِ زمردة؟.. هربتِ مع ذلك الحقير وتركتني أنا.. سأريكِ ماذا سأفعل به؟.."
صرخت بجنون تتلوى بشراسة محاولة التملص من قبضته للوصول إلى حيان:" ابتعد عني.. ماذا فعلتم به؟.."
جز على أسنانه, قائلاً بقسوة:" لم نفعل بعد, سترين بنفسكِ.."
وأشار للرجال الذين انحنوا ليمسكوا حيان, ينهالوا عليه باللكمات, وهو ينظر لزمردة بوهن وتشوش؛ بعد أن تلقى ضربة قوية على رأسه,
هامسًا بإعياء:" زمردة.."
صرخت مرة أخرى تبكي بعنف متوسلة:" دعه.. دعه عدنان.. سيموت.."
هزها بقسوة يواجهها بأعين مشتعلة مخيفة,
هادرًا بشراسة:" لن أقتله سريعًا سأجعله عاجزًا أولاً, وأنتِ ستراقبينه.."
كان الرجال يضربونه بلا رحمة, حتى أنها سمعت عظام ذراعه تتحطم,
فأطبقت على جفنيها بقوة تعتصرهما بألم وعجز,
تهز رأسها تصرخ مع كل لكمة يتلقها تشعر بها معه..
أطبق عدنان على فكها بكفه بغلظة, قائلاً من بين أسنانه بغل:" انظري إليه.. انظري.."
هز وجهها بعنف, وهي تبكي بلوعة من أنات حيان.. تشهق بتقطع يزهق روحها..
فتحت عينيها تطالعه بنظرات معذبة..
تتسارع أنفاسها هامسة بتوسل مثير للشفقة:" يكفي أرجوك.. سأفعل ما تريده.. لكن قل لهم أن يتركوه.. عدنان أتوسل إليك.."
زم شفتيه ينظر إلى حيان بازدراء وكره شديدين, لقد ظل يراقب منزله؛ ولكنه كان فارغًا وبحث عنهما بكل مكان,
وأوصى بعض رجاله أن يظل هناك يراقب المنزل, حتى يعودا, وحين علم بعودتهما هرول إليهما سريعًا ليأخذ زمردة,
التفت إليها وقد تبدلت نظراته لغاضبة متألمة,
وقال آمرًا:" ستأتين معي عمكِ ينتظرنا.. تحركِ.."
ابتلعت ريقها متسائلة بأعين متسعة رعبًا:" وماذا عنه؟.. أرجوك لا تقتله.."
صرخ بقوة جعل رأسها يرتد للخلف بارتياع:" اخرسي.." وجذب ذراعها بقسوة آمرًا رجاله بترك حيان والتحرك خلفه..
امتثلوا لأمره تاركين حيان بلا حراك فاقدًا الوعي بحالة مزرية يكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة..
تلوت محاولة التحرر منه والتفتت برأسها للخلف تنظر لحيان صارخة باسمه بلوعة, باكية بقهر,
وعدنان يجز على أسنانه يشدد من قبضته على ذراعها يجرها جرًا..
**************

زمردة والقرصان (نوفيلا مكتملة) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن