( 4 )
_ عزوف ! _
شعر "إبراهام" بدفعات متتالية تصيب كتفه ، لم تكن دفعات عنيفة ، لكنها كانت كفيلة لإيقاظه من نومه العميق ...
فتح عيناه بتثاقل و قلب نفسه ليري الفاعل و هو يغمغم :
-ألم أقل لا أريد إزعاج آ ا .. و بتر جملته التوبيخية
عندما شاهد أمه ... السيدة "إليان فردمان" هي التي تقف فوق رأسه ممسكة خصرها بيد ، رافعة أحد حاجبيها المرسومين بدقة و تهز قدمها بطريقة توحي بالعصبية و نفاذ الصبر ...
لانت نبرة صوته و هو يقول معتدلاً بجلسته فوق الفراش :
-أمي ! أهلاً بك . متي وصلت ؟ هل حدث شئ ؟
كان مضطرباً بسبب المفاجأة و ظهورها أمامه هكذا دون سابق إنذار ، بينما لم ترد الأم المتأنقة فوراً ، بل رفعت معصمها النحيل لتنظر بساعتها الثمينة ، ثم قالت بنعومة مهددة :
-بلغت الساعة الثامنة مساءً و ما زلت نائماً بفراشك يا ولدي العزيز .. خيراً . هل أنت مريض ؟
تنهد "إبراهام" و هو يفرك عينيه بقبضته قائلاً :
-لا يا أمي . لست مريضاً . لكنني قطعت مسافات طويلة اليوم . سافرت ذهاباً و إياباً خلال إثني عشر ساعة بدون إستراحة . قدت المروحية بنفسي . طبيعي شعرت بالتعب فنمت حتي الآن . هذا كل شيء .. و عبس مكملاً :
-لكن ما الأمر ؟ كنا نتكلم ليلة أمس . لما لم تخبرينني بقدومك ؟ هل حدث شيئاً طارئ جعلك تأتي بهذه الطريقة ؟!
لوت "إليان" فمها بإمتعاض لا يخلو من الحنق و قالت :
-لم يحدث شيء . أتيت لأتفقدك . بعد أن سمعت أخر أخبارك شعرت بالقلق عليك !
إبراهام مفغراً فاهه بغرابة :
-أخر أخباري ! ماذا تقولين و ما الذي سمعتيه عني بالضبط ؟!!
-سمعت أنك إقتنيت وحشاً ضارياً يا عزيزي . أحضرته من موطنه الوحشي و وضعته هنا في بيتك . بجوارك . مجرداً من الحديد و الأغلال .. ثم قالت بهدوء مفتعل :
-قل لي بني . هل هذا الكلام صحيح ؟ أم إنها مجرد شائعات كالتي تروج عنك مع النساء في الصحف المحلية ؟!
كان ينظر لها بإصغاء ، لم تفوته كلمة مما قالت ، و تقريباً توصل لفهم الأمر كله و عرف سبب حضورها المفاجئ ...
-باروخ دي روش ! .. تمتم "إبراهام" بتعبير هازئ
-أهو مصدر أخبارك يا أمي ؟
إليان بحدة :
-هذا لا يهم الآن . أريد أن أعرف الحقيقة فقط . هل حقاً قمت بشراء فتاة عربية مسلمة و أحضرتها معك إلي هنا ؟؟
إبراهام بسخرية :
-و هل جئت من إسرائيل إلي هنا لتسأليني هذا السؤال ؟ كان بإمكاني الإجابة عنه دون أن تتكلفي مشقة السفر بهذا الشكل . و لكن بما إنك أتيت بنفسك فنعم . لقد إشتريت فتاة عربية مسلمة .. و دفع الغطاء الخفيف ليقوم من سريره