( 2 )
_ قلعة ! _
بعد ثلاث ساعات من الإبحار ، و نصف ساعة من الإقلاع ... كان الوقت ظهراً بالعاصمة الفرنسية "باريـس" ، عندما بدأت المروحية بالهبوط مجدداً فوق سطح قصر آل "فردمان" المنيف
بدا تكوينه من الأعلي جميلاً مهيباً ، ربما يعود تاريخ تشييده للعصور الوسطي ، فكان أشبه بالقلاع الحصينة ، لكنه مستحدث بما يليق بالعصر الحالي ، كانت هناك بحيرة جارية في الجهة الشمالية للقصر ، و الكثير من أشجار التوت و السرو و الآرز تحيط بالبيت ، و تمتد حقول الزهور علي مختلف أنواعها مع الحدائق الغناء برائحتها العطرة المميزة
في الأساس يعد قصر آل "فردمان" من أكبر الأصول السياحية لمدينة الفن و الجمال .. "باريس" ، فيكفي التطلع إليه من الخارج ، كل حجر بناء يفوح منه عبق التاريخ السحيق
و الآن تستقر الطائرة في المكان المخصص لها فوق أحد بروج القصر الشامخة ، كان هناك عدد من أفراد الحراسة بإنتظار عودة السيد .. إنفتح الباب مرة أخري و قفز "إبراهام" برشاقة ثم مد يده ليساعد "چورچ هنيريز" مدير أعماله العجوز علي النزول ...
-يا له من جسد رياضي الذي تمتلكه چورچ . مع قليل من الإهتمام بمظهرك ربما تنافسني ! .. قالها "إبراهام" و هو يربت علي ظهره المنحني و كانت نبرة سخرية واضحة بصوته
نظر له "چورچ" قائلاً بإبتسامته الفاترة :
-ربما لو كنت ثرياً مثلك . لكنني أراهنك أنك ستصبح أسوأ عندما تبلغ سني . فالأثرياء يا عزيزي لا يهتمون بشكلهم في الكبر . هذا طبعاً إن عشت لأكثر من سبعون سنة
ضحك "إبراهام" بمرح و قال :
-أوافقك الرأي تقريباً . و الآن أفسح من فضلك . هناك من يحتاج لمساعدتي لأنزله مثلك !
ألقي "چورچ" نظرة علي الفتاة النائمة بالإستراحة الخلفية بمؤخرة الطائرة محاطة بأحزمة الآمان ، نظر إلي "إبراهام" ثانيةً و قال :
-ما زالت تحت تأثير المخدر .. المسكينة !
إبراهام و هو يهز كتفيه :
-لم تكن أمامنا طريقة أخري للمجيئ بها إلي هنا بهدوء دون إحداث مشاكل طوال مدة السفر . فكما رأيت لم تتوقف عن قتالنا لحظة قبل أن يتم تخديرها
عقد "چورچ" حاجبيه و هو يسأله بفضول كبير :
-لم أفهم حتي الآن . لماذا أصررت علي إحضارها إلي هنا ؟ ما الذي يمكن أن تريده من فتاة مثلها يا سيد ؟!
مط "إبراهام" شفتاه و هو يجيبه بإيجاز :
-لا أريد منها شيئاً يا چورچ . إنها مجرد فتاة في طور المراهقة و كانت الأصغر سناً هناك . لقد أشفقت عليها فقط . تخيل ماذا كان سيحدث لها علي أيدي باروخ و جنود القاعدة الأمريكية . و الآن أفسح .. و أزاحه بيد حازمة ، ثم صعد إلي الطائرة مجدداً