( 15 )
_ أحبه ! _
"آية" .. يا هلاكي . يا فجر غرامي يا بحر ظلماتي .. الذي يسّرني الغرق فيه
يا كنز لياليّ يا درب لعناتي . أحبك . يا خطيئتي يا جحيمي المستعر . يا سلامي يا آلامي . أيتها الصغيرة الشقية . يا أطهر من ندفات الثلج المنهمرة من السماء . يا أجمل من الآلئ المكنونة بأعماق الأعماق
لا براء من حبك . فقلبي تمرد . و عقلي تبلد . أصبح عمري بين يديك .. أقبضي . أبسطي . لن تشير بوصلتي إلا إليك
يا لعنة كتبت علي جبيني . أينما ذهبت أتبعك . إلي الجحيم . إلي النعيم . معك ......... !
يضع "إبراهام" القلم من يده ، كان يجلس بمكتبه السفلية العملاقة ، ما أن فرغ من الكتابة حتي أمسك بالورقة و راح يمرر نظراته المذهولة علي خطه الأنيق
أشعار ! أشعار أيها السيد النبيل !!
منذ متي أصبح شاعراً ؟ و تلك الكلمات العميقة التي سطرها بيده .. لها هي ؟ هل أصبح مشغوفاً بحبها إلي هذا الحد ؟ هل حقاً يعني كل كلمة وردت بالنص السابق ؟ هل يكن لها هذا الكم من المشاعر ؟
فتاته العربية .. إبنة العم .. سليلة أعدائه كما قالت له أكثر من مرة ... يبدو أنه صدق الكلمة ، "أحبك" .. تكرارها رسخها بوجدانه ، أصبح الأمر حقيقياً الآن
"آية" ... السبية الجميلة .. زوجته .. إنه يحبها
حب غير مشروط ، خطير ، مميت ، لن تنفك آواصره إلا بالدماء
و لكن أتراها تكون دماؤه أم دمائها !
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
لفحتها نسمات الهواء التشرينية الباردة ، و هي تقف في هذا الوقت فوق سطح أكبر بروج القصر المهيب و أكثرهم ضخامة
كانت تشد طرفي سترتها الصوفية الثمينة حول صدرها ، بينما عينيها مصوبتان بشرود متأمل نحو نقطة معينة ، لم تكن تراقب سواه بالطبع
سجانها و آسرها ، جلادها و عاشقها في آن ، كان يمارس رياضته الصباحية مثل عادة كل يوم ، ينتعل حذاؤه الرياضي ، و ذاك السروال الأسود السميك ، و تلك السترة ذات الغطاء المسدل علي الظهر لكنه يضعه فوق رأسه الآن ليقيه رذاذ المطر الخفيف و هو يركض بوتيرة منتظمة حول مرفأ القصر الكبير
كانت أدمع متفاوتة تنساب من عينيها من حين لأخر ، كلما نظرت له فتتذكر كل ما مرت به علي يديه ، و الظروف التي أفضت بها إليه .. كأن شيطان الذي يعبث بأفكارها ، فكيف تحولت عواطفها بين عشية و ضحاها لا تعرف !
كيف غدت مستسلمة لهجماته الغرامية ... تواقة لرفقته الحميمية ... تدليله لها ، شغفه ، إهتمامه ، حتي عنفه و غضبه في بعض الأحيان