أن يَكونَ شَجرة.

1.3K 89 149
                                    


كان العالمُ تعيساً في عيني طوال الوقت يأخذ مأخذاً صعباً
وهيئة شَاحبة

في أغلبِ الأحيان ينتابنـي شعورٌ بأني شيءٌ من كآبةٌ باردة
وأشياء ميتةٍ مُضمحلةٍ راكدة.

وبأني أعيشٌ مع الموت أرى الموت يومياً حتى صار الموت مألوفاً لي صرتُ أعرفه وأتقنه ،موت الدهشة ،موت ردة الفعل  موتُ القدرة حتى تغيير منحى الأمور .

لم أشعر بأستغراب من شيء طوال حياتي كلما ما يحدثُ كان مألوفاً حتى أبشع التصرفات البشرية.

في ما عدا الذي كان يحدثُ مع أخي الاصغرِ
هو مثلـي يزاولهُ شعورٌ أنهُ ليسَ أنساناً بقدر ما هو شيءٌ آخر
ينتابهُ شعورٌ أنهُ ليس أنساناً بقدرِ ما هو شجرة!.

ينجذبُ لروائح الشاي المغلي في ألاباريق النحاسية الذي يفضلهُ كل أفراد العائلة
يحبُ رائحة الفَاكهةِ اليِانعةِ
يتأمل البخار الخارجَ من طبق الرز البخاري
يكرر بأستمرارٍ أمامي

-:ألا أشبه الشَجرة!.

بالعكس منه تجذبنيُ رائحة المنظفاتِ البنزين والأدوية والمستشفيات،و الأفيون.

عندما كان يصبحُ والدي ثوراً غالباً سينتهي الأمر بأخي الأصغر تحتَ يديهِ

وبشكلٍ غريبٍ تأخذ الكدماتُ الزرقاء لوناً أخضر غامقاً مع الوقت،كنت حينما أسأله هَل تؤلمكَ؟!

كان يَقولُ
:أجل تؤلمُ،لكن أنظر كم أن لونها رائعٌ أنها جَميلة تروقني.!

لم يكن هذا يثيرُ غرابتـي فكثيرٌ من الناس يَطيب لهمُ الألم
و أنا لا أستغربُ من شيءً قَط .

لكن ما كان يثير الغرابة أنهُ كان يكشفُ لي أجزاء جسدهِ المُخضرة من الضَرب ويَقول لي

: أيمكنكَ أن تَشمها ألا تنبعثُ منها رائحة الأشجار؟!
أن لونها يشبهُ لون أشجار السرو غامضٌ وأخضر!.

كنت أجاريهِ دوماً وأشمها أشم رائحة الفانيلا فقط مع هذا كنت أقول له

: أجل تنبعث رائحةُ ألاشجار منها!.

كان يبقى سعيداً بعد هذا لثلاثةِ أيامٍ
اختي الكبرى كانت تخافُ
وتقول :أنه يطيب له أن يكون معنفاً

وددتُ القول لها أنهُ يريد أن يكون شجرة !.
ولكن لم أقل شيءٍ

جيهو كانت شديدةَ الجمالِ والأستسلام لمنحى حياتنا
ما كانت لتفهمني أو تفهم بيكهيـون
ما كانت لتفهم شعورنا الغامض ذاك

كانت تخفي أثار الضربِ بثياب والميك آب
أما أنا فكنت أرد الضربة باضربة
ذات مرة طرحتـي أبي أرضاً
منذ ذاك الوقت لم يرفع يدهُ فقط يرفع صوته
لم أكن افهم ما يقول

--
 

كنت مستقلاً عن عائلتي بعد التخرج من الجامعة والعمل في شركة للعقارات أعيش أياماً ذات شكلٍ واحد 

الى أن أتصلت بي أختي الكبرى جيهو تخبرني بأنها وزوجها لا يستطيعان العيشَ مع فتى نبايتي وغريب الطبع مثل بيـكهيون

كان تعيشُ معهُ فيما سبق وكان نباتياً طوال الوقت
كانت تفضلهُ علي دوماً
ماذا بحق الله حدث الآن!؟

كانت فكرة صعبة أن ينتقل للعيش معي حتى مع كوني أمضي كل النهار خارج البيت أعمل فكرة أن تعود للمنزل وأراه أمامي بسحنته الطفولية الهادئة فكرةٌ صعبة!.

لم أكن أتقبلهُ،في أعماقي لم أحبهُ يوماً
لكن مع ذلك لم أرفضه أبداً طوال حياتي

كان أخي و شكلاً من اشكال قدري تماماً مثل بقية العائلة البقعة الجغرافية الجنس العرق والكآبة الباردة والموت الذي يسكنني

أشياءٌ لم أحبها يوماً لم أتقبلها ولكن أيضاً لم أرفضها لأنها كانت قدري وكم من التعاسة يحمل أولئك الذين رفضوا أقدارهم !؟

:أنها كَثيرةٌ كثيرة!.

نظرت لأرى تشانيول يتحدث معي كنت اسمع صوتهُ أراه لكن لم أميُز  ما يقول كان رأسي ثقيلاّ يزاولني مغص حاد ورغبةٌ في القيئ

:أنها كثيرة كثيرة يا كريـس لحظات شرودكَ، هل أعجبك الفلم؟!

نظرتُ الى جانبـي الآخر حيث الشاب ذو السحنة الغريبة والسُمرة الحُلوة ميزتُ ما يقول لكون فمهُ يلاصق أذني قاذفاً كلماتهِ فيها

فلم!؟
لا أذكر إني شاهدت فلماً لم أشاهد غير أفكاري
غير بيكهيون!.

خرجنا ثلاثتنا من الظلمة المحيطة والاصوات الهامسه
الى الأضواء الخافتة والأصوات الممزوجة بين السيارات المزدحمة والبشر الذين يتدافعون

نظرت بعد أن وصلنا الى حيث سيارة تشانيول نظرت خلفي لأجد أنها السينما  !.

لكنـي لم أكن في السينما كنتُ جالساً بمفردي معزولاً
كما العادة

وحيداً طوال الوقتِ أجلسُ في رأسي

-

أن يكَون شَجرة.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن