حزن الصحابة على رسول الله صلى الله عليه وسلم

11 1 0
                                    

تسرب النبأ الفادح وأظلمت على المدينة أرجاؤها وآفاقها. قال أنس: ما رأيت يوما قط كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما رأيت يوما كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت فاطمة تنعاه: يا أبتاه أجاب رباه دعاه، يا أبتاه من جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه. ووقف عمر بن الخطاب ـ وقد أخرجه الخبر عن وعيه ـ يقول: إن رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما مات، لكن ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران، فغاب عن قومه أربعين ليلة، ثم رجع إليهم بعد أن قيل قد مات. و والله ليرجعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أنه مات. وأقبل أبو بكر بعدما سمع الخبر على فرس من مسكنه بالسنح، حتى نزل فدخل المسجد، فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة، فتيمم (أي قصد) رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مغشى بثوب حبرة (ثوب من ثياب اليمن) فكشف عن وجهه، ثم قبله وبكى، ثم قال: بأبي أنت وأمي، لا يجمع الله عليك موتتين، أما الموتة التي كتبت عليك فقد متها. ثم خرج أبو بكر وعمر يكلم الناس، فقال: اجلس يا عمر، فأبي عمر أن يجلس، فأقبل الناس إليه وتركوا عمر، فقال أبو بكر: أما بعد، من كان منكم يعبد محمدا صلى الله عليه وسلم فإن محمدا قد مات، ومن كان منكم يعبد الله فإن الله حي لا يموت. قال الله: {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم، ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين} قال ابن عباس:والله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر، فتلقاها منه الناس كلهم، فما أسمع بشرا من الناس إلا يتلوها. قال عمر: والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعرفت حتى ماتقلنى (أي ما تحملني) رجلاي، وحتى أهويت إلى الأرض حين سمعته تلاها، وعلمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات

سيدنا محمد وحسبه ونسبهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن