الفصل الثاني...
ابتعد عنها لاهثا... لثواني لم يستوعب عقله كلامها... ولكن تدريجيا بدأ عقله بالإستيعاب.. وابتعد عنها بعنف ونظر اليها بخوف.. كادت أن تضحك بسخرية.. ما زال يخاف من زوجته... مازال يحبها... لكن لا يهم... الموضوع مسألة وقت وسوف يكون بالكامل تحت سيطرتها... لن يري غيرها... لن يحب غيرها... سيكون كالخاتم بإصبعها... ستبقي هي محور اهتمامه.. هي فقط... عليها الآن طرد تلك الغبية من حياته وحينها مهمتها ستكون أسهل بكثير....
نهضت من مكانها وهي تعدل وضع قميصها.. ثم أخرجت مشط من حقيبتها وسرحت شعرها بسرعة.. ثم أعطت له المشط قائلة بسخرية لم يلحظها بسبب خوفه "اتفضل يا حبيبي... ضبط شعرك "أخذه منها ثم سحر شعره بسرعة.. ثم نهض وهو يزرر قميصه ويرتدي سترته.... "كده تمام مش باين حاجة "زفر بإرتياح وجلس علي المقعد وبالطبع لم ينسي أن يرمي السيجار بسلة المهملات... وفتح المروحة ليقضي علي رائحة الدخان....ابتسمت دنيا وقالت"مكنتش اعرف أنك بتخاف منها للدرجادي "لم يغضب من السؤال كما كانت تتوقع... لم يثور ويخبرها أن إسراء لا تهمه كما كانت تتمني.. جل ما ظهر في عينيه هو الألم وقال بنبرة حزينة "أيوة أنا خايف... بس مش منها... خايف اخسرها "... " ليه اتجوزتني مادام بتحبها كده "... كاد أن يجيب عندما فتح الباب لتظهر إسراء بإبتسامتها المشعة وجسدها صاحب الامتلاء المناسب بعد ولادة طفل ...
~~~~~~~~~~
أخذ يدق علي الباب بعنف... دمه فائر واعصابه تالفة... أريج تصر علي اعضابه... يعلم أنه تحبه .. . لكن ماذا يفعل؟!! عندما تغار تصبح كالمجنونة.. ولا أحد يستطيع إيقافها... لقد حولته من ذلك الشاب المرح إلي إنسان غاضب ومتوتر معظم الوقت... حسنا هو يحبها.. بل يعشقها... ولكن بتلك الطريقة ستدمر زواجهم.... توقف عن الطرق واخذ نفسا عميق وهو يتكلم بهدوء عكس النيران التي تتأجج بأعماقه "أريج حبيبتي خلينا نتكلم... "... وضع أذنه علي الباب ليسمع نحيبها الخافت... تألم قلبه وكأن صوت نحيبها بمثابة سهام اخترقت قلبه فأدمته... يقسم أنه لم يريد أن يصل الأمر لهذا الدرجة.. ولكن تولاي أيضا صديقته لا يستطيع التخلي عنها "أريج والله كل اللي بيني وبين تولاي هي صداقة بس .. .. أنا عمري في حياتي ما هفكر في واحدة غيرك... أنا بحبك انت يا أريج " أبتسم قليلا وقال "يعني أنا لو مكنتش بحبك كنت هتحمل أخوك الرخم أحمد.. اللي طلع عيني عقبال ما وافق عليا... ده أنا كنت هبوس ايديه "... بداخل غرفتهم كانت جالسه علي الأرض بجوار الباب.. تبتسم بخفوت بينما دموعها تنزل ببطء... هي تعلم أنها اغضبته.. ولكنه أيضا يغضبها.. لا يريد أن يفهم أن تلك الفتاة تريد التفريق بينهم... تلك الفتاة ما زالت تعشقه ... تري نظراتها المحترقة إليه... تشعر بقلبها الذي ينبض بحبه... لهفتها عند رؤيته.. وبريق الغيرة الذي يشتعل بعينيها كلما رأته مع أريج... لكن إلياس لا يريد أن يفهم.... لكنها بالتأكيد لن تستسلم... إلياس زوجها ويحبها هي... وهي ليس لها مكان في حياتهما... ستبعد تلك الافعي عن حياتهم مهما كلف الأمر!!!
مسحت دموعها برفق وقالت بحزم "سيبني لوحدي النهاردة.. ومتضغطش عليا لو سمحت ".. أسند إلياس وجهه علي الباب بيأس وهو يتمتم "زي ما تحبي "....
اكتست نظراتها بالقوة... قوة من ذلك الحب الذي تكنه له... هو زوجها ملكها... لن تجعل أنثي متلاعبه تسرقه منها.. هي تعلمت أن الهروب الجبناء... وهي لم تولد جبانة... تلك الكلمة قد نفتها نهائيا من قاموسها
~~~~~~~~~~~
تأججت نار مخيفة تهدد بتدمير زوجها وعروسة المولد تلك بعيني ملاك وصرت علي أسنانها بشده وهي ترمق زوجها بغضب ناري يوازي تلك تضرم في قلبها المشتعل بنار الغيرة... ابتعدت تالا بإرتباك مصطنع ثم وجهت ابتسامة صفراء لملاك قائلة" إزيك يا مدام ملاك " أحكمت إغلاق عينيها لتستعد هدوئها وسيطرتها علي براكين غضبها.. ردت لها ابتسامتها الصفراء قائلة"اطلعي برة يا تالا " تجمدت تالا لتكمل ملاك بنبرة هادئة تخفي في طياتها بركان علي حافة الانفجار"سوري يا حبيبتي أقصد ممكن تطلعي علشان اتكلم مع جوزي"ارتسمت ابتسامة علي شفتي تالا وهزت كتفيها بلامبالاة قائلة"اوكي " ثم التفت جهة أحمد وهي ترمقه بعاطفة متقدة وقالت بصوت ناعم مغر "عن إذنك يا حبي.. أقصد يا استاذ أحمد " رفعت ملاك حاجبها الأيسر بغيظ وضغطت بقوة علي أسنانها ولكن لا لن تدع تلك المتلاعبة تفوز.. هي سوف تلعب معها بطريقتها لن تكون ملاك ابنة عثمان إن لم تجعل عروسة المولد تلك بوجهها البلاستيك ذلك تندم كثيرا وتذرف الدماء بدل الدموع.... بإبتسامة منتصرة مستفزة خرجت تالا بجانب ملاك وهي تشمخ برأسها... ازدرد أحمد ريقه وهو يطالع وجه ملاك الجامد.. يعلم أن هذا الهدوء هو الهدوء الذي يسبق العاصفة العاتية التي ستحدثها ملاك بعد قليل والتي ستحطم هذا المكتب فوق رأسه .. اقتربت منه ملاك ليهب أحمد واقفا ويقول بتلعثم "حب.. يبتي... هي.. "فاجأته ملاك وهي تحتضنه بحب ثم ابتعدت عنه لتلامس صدره وهي تقول بهمس مخيف"ازاي تسمحلها تلمسك كده؟ "... تلعثم أحمد قائلا"حبيب.. " قاطعته بحزم "اطردها " تنهد أحمد وحاصر وجهها قائلا بنعومة"حبيبتي.. حرام نقطع عيشها"ثم اقترب من شفتيها قاصدا تقبيلها.. وضعت أصابعها علي شفتيه وهمست "أنت بتثبتني يا أحمد.." ثم دفعته بحدة حتي سقط علي مقعده وانحنت وهي تهمس بحده"نسيت مين ملاك يا أحمد؟ ... ما أنا بيتي مش هيتخرب يا حبيبي بسبب عروسة المولد دي.. هتطردها يا أحمد يعني هتطردها... مفهوم؟ ".... هز رأسه بفزع
بعد قليل..
"بس ليه هتطردني يا أحمد؟ هو أنا عملت حاجة غلط؟ "قالتها تالا بصعوبة بين شهقاتها بينما تسيل دموعها حتي تلطخ وجهها بمساحيق التجميل... ردت ملاك بتهكم"اصل يا حبيبتي أحمد خايف عليكي... سمع ان قلبك ضعيف وهو خايف عليكي لأحسن تموتي منه في الشغل " رمقتها تالا بحقد ثم خرجت غاضبة من المكتب... مالت ملاك علي أحمد الجالس علي مقعده وقبلته بحب "تسلملي يا حبيبي... دلوقتي بقا اتصل بمحسن علشان ينشر إعلان ويطلب فيه سكرتير وراجل وبشنب كمان"... هم أن يعترض ولكن نظرات ملاك الباردة والحادة اوقفته ليسحب الهاتف بهدوء ويطلب رقم ما.. "آلو.. أيوة يا محسن نزل اعلان أننا طالبين سكرتيرة... "رمقته بحده ليكمل متلعثما"قصدي سكرتيرة راجل... يووه راجل سكرتيرة... " تأفف وصرخ بحده "عايز سكرتير راجل بشنب يا محسن ثم أغلق الهاتف وهو يتنهد غاضبا... جلست ملاك علي ركبتيه وقالت وهي تضغط علي وجنته بمشاكسة... "لازم تطلع الكائن الشرير اللي جوايا يعني "...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~
فزع أبانوب بسبب صياحها المزعج... أخذت تتلفت كالمجنونة وهي تقول.. "هرب صح... الجبان هرب.. ملحوقة.. والله يا إدوارد لأطين عيشتك " نظرت الي وجه أبانوب الشاحب وصرخت به "وانت واقف زي الاهبل كده ليه روح صحي الجثة اللي جوه دي واطردها من الصيدلية... ثم ذهبت مسرعة... " جثة"تمتم بصدمة وعينيه جاحظة..
ولج بخطوات متمهلة إلي مخزن الصيدلية.. ليصدم بمريم المستلقية علي الأرض وجهها ملئ بالكدمات وشعرها اشعث.. كانت تبدو بحالة سيئة ومزرية .... أبتسم بسخرية قائلا في سره"لا تستهين بالمرأة "....
ضربات متعددة علي باب منزل الأب جوزيف جعلت مارينا تفتح الباب بسرعة... صدمت بشكل كريستين الهائج وتلعثمت قائلة"أهلا.. يا كريستي "... "هو فين؟ "قالت بهياج وهي تدلف إلي المنزل... خرجت ماري والدة إدوارد وهي تقول محاولة امتصاص غضبها"كريستين يا بنتي.. الأمور مبتتحلش كده.. "... "اومال بتتحل ازاي.. هو أنا كل ما أروح لأبنك القاه مع واحدة.. " كزت علي أسنانها وقالت متجهة إلي غرفة إدوارد "بس بسيطة.. أنا هعيد تربيته كازانوفا ده "...
ولجت إلي غرفته وهي تصرخ "عارفة أنك في الدولاب يا إدوارد.. إطلع وبطل تبقي جبان... " خرج من خزانته وقال متلعثما"اهدي يا حبيبتي...أنا هفهمك كل حاجة " حاوطت رقبته وضغطت عليه بقوة حتي شعر بالإختناق.. دفعها للفراش واعتلاها وقام بتثبيتها في الفراش وهدر"اهدي.. مش كده.."حاولت التحرر من قيود ذراعيه ولكنه كان أقوي منها بكثير.. أبتسم بمكر وقال"متحاوليش تقاومي يا حبيبتي.. احنا الاتنين نعرف إني أقوي منك بكتير".. كزت علي أسنانها وحاولت أن تتحرر ليقترب هو محاولا تقبيلها لتضربه برأسها علي رأسه.. تأوه لتستغل الفرصة وتجعله يستلقي علي الفراش وتعتليه هي.. وتقوم بخنقه مرة آخري.. "بتثبتني يا إدوارد.. وكمان ليك عين.. مش كفاية الحلوة اللي كانت عاملة فيها الأميرة المظلومة.. ومخلياني أنا ملافسينت .. " ضغطت أكثر علي عنقه وأكملت صارخة "أنا ملافسينت يا إدوارد ".. أبعد يديها بصعوبة وقال لاهثا.. "لا يا حبيبتي انتي بكرشك ده تبقي ارجوز الفار بتاع سندريلا"شهقت بإستنكار وانحنت مسرعه لتعضه بشدة من شحمه أذنه ليصرخ هو "وددددددددني"..
بعد قليل...
جالسة بوجوم بجوار إدوارد... نظر لهم الأب جوزيف بعتاب قائلا"انتوا صغيرين علشان تتخانقوا بالطريقة دي يا اولاد. "... "بابا... "قالها إدوارد ليقاطعه والده قائلا"أيه اللي جاب مريم عندك يا إدوارد؟ "... "يا بابا هي... "... "هي ايه أنا مش قلتلك أنك ما تتكلمش معاها تاني ولا ليك علاقة بيها " حاول أن يبرئ نفسه ليقاطعه والده مره آخري قائلا"لو عرفت أنك زعلت كريستين تاني.. أنا هتصرف معاك تصرف مش هيعجبك... هي سامحتك مره آه.. بس أكيد مش هتسامحك في المرة التانية... فاهم؟ " اومأ إدوارد قائلا "حاضر يا بابا.. مش هزعلها تاني ".. "تمام" قالها والده ثم وجه حديثه لزوجته وقال بحزم"ياريت يا ماري تقولي لأختك خليها تسيطر علي بنتها شوية والا تصرفي ساعتها مش هيعجبها "... "حاضر يا جوزيف"تمتمت ماري...ولج إدوارد وكريستين الي منزلهما....
حاول إدوارد الاقتراب منها لتدفعه عنها بحده تنهد بعصبية "كريستين".... رمقته بغضب ثم اتجهت إلي غرفتهم وأغلقت الباب.. ليندفع هو ويطرق الباب قائلا بغضب "هو احنا هنعيد الموال ده كل يوم ولا ايه... بجد أنا زهقت من العيشة معاكي " صمت يعلن لسانه الأحمق لتصرخ "خلاص يا حبيبي روحلها.. "... زدات حده طرقاته وهو يهدر "افتحي يا كريستين وإلا والله هكسر الباب " شعرت لوهله بالرعب بسبب غضبه الذي تفاقم فجأة وقامت بفتح الباب لتتفاجأ به يجذبه بحده ثم يذهب خارجا وهو يجرها وراءه...
~~~~~~~~~~~
ابتسمت إسراء بدفئ وهي تتطلع إلي صديقتها دينا.. تلك الفتاة المسكينة التي وقعت تحت براثن وحش والاسم زوج ... كانت زميلتها بالجامعة لا يمكن أن تقول أنها كانت مقربة.. ولكنها كانت دوما فتاة هادئة تختلف عن الأخريات... كانت منطوية رغم جمالها الفاتن... ثم اختفت فجأة لتنصدم إسراء أن والد دينا قد زوجها من رجل أكبر من في السن بالإجبار حسب كلامها ... عندما التقتها صدفة منذ أربع أشهر ... كانت تعمل بمقهي ما... كانت شاحبة.. عندما قصت لها دينا عن مشكلتها... كيف أن زوجها يضربها وكيف أن يجبرها علي العمل.. إلي أن تطلقت منه وتخلي عنها اهلها ... هنا قررت إسراء أن تساعدها... وبمساعدتها عملت بشركة الاسيوطي كمهندسة رغم قلة خبرتها...لكن ما لا تعرفه إسراء... أنها وقعت ضحية مخطط... مخطط خبيث من إنسانة ظنتها صديقة مقربة..لكنها افعي سامة.....
اقتربت دينا من إسراء وهي تضمها بحرارة تناقض ذلك الحقد الذي يضطرم في قلبها تجاهها "وأنا أقول الشركة منورة كده ليه " ابتسمت إسراء بإشراق ثم اقتربت من عمر وهي تحتضنة غير مدركة لتوتره ولا لتلك النظرات النارية التي تنبعث من عيني دينا.. ابتعدت قليلا وهي تقول "في خبر حلو عايز اشارككم بيه"عقدت دينا جبينها بينما قالت إسراء بابتسامة مشعة أكثر جعلتها كالملكة "أنا حامل!!!! "
يتبع
لأنك تستحق
فاطمة علي