الفصل الثاني عشر...

3.8K 76 4
                                    

الفصل الثاني عشر....
"إدوارد!!! الباب بيخبط ممكن تفتح!!! " صرخت بها كريستين من المطبخ بيننا تغسل أواني الطعام... "روحي افتحي انت يا كريستي مش فاضي بلعب بلايستيشن "قالها وهو منهمك فيما يفعل... زفرت بضيق من ذلك الكسول.. وجففت كفيها وخرجت... وجدته هو وطفليه يلعبان معا... هزت رأسها بيأس وهي تتجه إلي الباب لتفتحه.... "كريستين!! " اتسعت عينيها بدهشة سرعان ما حل محلها سعادة عارمة وهي تراه أمامها "جميل معقول!!  " قالتها بصوت عالي كان كفيل بأن يصل إلي مسامع إدوارد... تجمد إدوارد وترك ما بيده... بينما لمعت عيناه بغضب وقال بيأس "يا سواد الحلل!! ".... هذا ما كان ينقصه ان يعود خطيب زوجته السابق!!!!
~~~~~~~~~~

"متتخيلش وحشتني قد ايه يا إدوارد " قالها جميل بمودة ليبتسم هو ابتسامة صفراء ورغبة عارمة في تحطيم وجهه اللطيف وقال "وأنت أكتر يا حبيبي "... أدار وجهه الجهة الاخري وقال "مكنش ربنا أخدك وارتحت  من سماجتك "... استدار مرة أخري وهو يبتسم بسخافة....خرجت كريستين بإبتسامة ودوة حاملة صينية بها أطباق كعك وعصير وقالت "أمتي جيت من اليونان؟! "... أبتسم جميل وقال "جئت من حوالي أسبوع قعدت في المينا مع أهلي شوية وقلت أجي أسلم عليكم... "أبتسم وهو ينظر إلي أطفالها قائلا "مش هتعرفيني علي القطاقيط " ابتسمت كريستين وهي تشير الي أطفالها... "التوأم دول ماركوس ومينا  "وأشارت الي الصغيرة وقالت "ودي مارتينا... ملاكي الصغير" اقترب جميل من كريستين وحمل مارتينا... نظر إلي عينيها الخضراء بإنبهار وقال "الرب يحميها.. جميلة جدا " ابتسمت كريستين بفخر وقالت "طبعا مش بنتي " طحن إدوارد أسنانه وقال بنفاذ صبر "وأنت يا جميل مش ناوي تتجوز ولا قررت تترهبن ".. ضحك جميل وهو يهز رأسه قائلا "ولا اترهبن ولا حاجة.. بس أنا لسه ملقيتش الانسانة المناسبة "قال جملته الأخيرة وهو يتأمل كريستين بنظرات غامضة ترجمها ادوراد أنها حسرة وغيرة وهو ما جعله يشتعل أكثر.....
~~~~~~~~~~~
كانت مستلقية في فراشها... وما حدث يدور في عقلها بإستمرار... كلمات إدوارد منذ خمس شهور ما زالت ترن بأذنها كجرس مزعج.... حاولت الهرب من حقيقتها بقضاء وقتها في العمل.. حتي أنها كادت  أن تترك مصر وتعود إلي كندا نهائيا.. ولكن ما الفائدة.. كيف تهرب من تلك اى حقيقة البشعة... حقيقتها التي رماها إدوارد بوجهها.. نعم هي مخطئة.. بسبب تهورها فقدت والدها!!!... لأول مرة تسمح لعقلها بالولوج إلي  تلك المنطقة... كانت والدة إدوارد ووالدتها يرغبان بشدة في تزويجهما... لكنها كانت تحب شاب آخر... ورغما عنها تمت الخطبة وذلك تحت ضغط من والدتها.... اعتقدت أن الأمر انتهي وقتها... حاولت التكلم مع والدها عن الأمر لكن والدتها كانت دائما تهددها.. مرة أنها لن تحدثها ابدا.. ومرة أنها لن تأكل وتجوع نفسها... ذلك الابتزاز العاطفي الذي خضعت لها جعلها تنهار وتتهور وبأول محاولة من حبيبها القديم هربت من المنزل لتتزوج به!!!! اغمضت عينيها وانسابت دموعها وهي تكمل ذكرياتها البائسة... لكن هذا النذل لم يكن بباله أن يتزوجها... بل حاول الاعتداء عليها!!! لولا إدوارد ... وصل في الوقت المناسب... لا تعرف كيف... وبعدها تحول موضوع هروبها إلي فضيحة تناقلتها الألسن طويلا... نتيجة ذلك والدها توفي واضطرت للانتقال من الحي التي تقطن به هي ووالدتها... ثم سافرت هي إلي كندا...  وضعت كفها علي وجهها وارتفع صوت نشيجها.... هي تريد أن تنسي هذا... وهذا الغبي جعلها تغرق بتلك الدوامة من جديد!!!
~~~~~~~~~~~
في المساء...
بعد أن وضعت عثمان و في الفراش..ولجت إلي المرحاض لتأخذ حمام سريع ... فتحت صنبور المياة البارد وقفت أسفله عله يطفئ نيران القلق التي تعصف بها.. مرت  خمس شهور وعلاقتهما في انحدار... وأن استمرا هكذا الفجوة ستزيد... هي قلقة الآن... تشعر أن أحمد لم يعد يحبها.. هي تقدر صعوبة وضعه.. ولكن هو أيضا يجب أن يقدر وضعها ... أختها أيضا تعرضت للخيانة... بسبب عمر أختها قضت بضعة  أشهر وهي تتعالج عند طبيب نفسي... إسراء خسرت طفلها وكرامتها... هو يجب أن يقدر ذلك... هو ليس له ذنب ولا هي أيضا... لا يجب أن يعاملها بتلك الطريقة لا يحق له... يجب أن تتكلم معه  اليوم.. يجب أن تحسم الوضع نهائيا...
أقفلت الصنبور وامسكت المنشفة وهي تجفف نفسها جيدا.. ثم التقطت منامتها الحريرية وارتدها.....
...
كان هو بغرفتهما...ممسكا كتاب... في الظاهر يقرأ ولكن الحقيقة هو تائه بين أحرف الكلمات.... يشعر أنه يغرق ببطء.. عالمه ينهار... الدمار يحيط به.. غضب يشعل كيانه كله لا يهدأ... لن يكذب ويقول غضبه بسبب أريج فقط... بل لأن ما حوله ينهار... أخيه وأخته... ولكن الخوف الأكبر علي عمر... هو يخاف كثيرا عليه... يشعر أن عمر يسير بطريق مظلم سوف يقضي عليه تماما... أخيه أصبح شاحب كثيرا عن ذي قبل.. تلك الهالات السوداء التي تحيط بعينيه تبث في قلب أحمد الرعب.  ..... وساوس مرعبه تعصف بقلبه... أيمكن أن يكون؟!! لا لا.. عمر لن يفعل ذلك... لا يمكنه أن يسير في ذلك الطريق المرعب والمهلك.. ولكن لما لا أن كان قد طلق إسراء بتلك البساطة... عقله علي وشك الانفجار.. يريد أن يتحدث ولكن مع من.... ملاك لا تطيق أن تسمع حتي سيرة عمر....خرج من شروده عندما ولجت ملاك إلي غرفتهما... شعرها مبلل قليلا وبشرتها صافية... غرق للحظة في جمال عينيها وتاه في خضارها.. ولكن ما احزنه ذلك العتاب الناعم فيهما.... انتزع عيناه انتزاعا عنه قاطعا ذلك الاتصال المهلك وغرق مجددا بين أحرف الكلمات.. هزت هي رأسها بيأس وتقدمت منه جالسة وهي تسحب ذلك الكتاب قائلة "هتهرب مني لحد أمتي أحمد.. مش كفاية كده "خلع نظاراته وقال "أنا مش بهرب "لمست خده بحميمية وقالت"متأكد؟!! ارتبك قليلا وأسبل جفنيه لتبتسم هي بألم وتقول "لو عايزانا نبعد أنا مش هعترض " اتسعت عيناه وهو ينظر إليها بذهول غاضب.. هل هذا ما فهمته "أنت اتجننتي "... حاربت دموع علي وشك الانسياب من عينيها وقالت "أنت مبقيتش تحبني زي الأول أحنا نقد... "... "أنت بتقولي ايه ".... "احنا لازم نتطلق "قالتها بنحيب.. امسكها من رسغها ثم شدها عليه لتسقط بجانبه علي الفراش... حاصر وجهها وهو يقول بعصبية "إياك تقول كده تاني... " انسابت دموعها وهي تقول بصوت مختنق"عايزني أقول ايه وانا شايفاك بتبعد عني ... حاساك مبقتش طايقني " أغمض عينيه وزفر بضيق "الموضوع ميخصكيش يا ملاك "... "اومال؟!! " اردفت بعناد ليرد هو قائلا "مش لأز ... "قاطعته بعناد أكبر "لا لازم اعرف "..... لقد وصل للنهاية.. يجب أن يلقي هذا الحمل عن كاهله... لعله  يرتاح أخيرا... وجد الكلمات تنساب برفق من فمه وهو يقول "أنا شاكك أن عمر بيتعاطي مخدرات!!"
يتبع
لأنك تستحق
فاطمة علي

لأنك تستحق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن